وزارة البيئة العراقية: «داعش» استخدمت المواد الكيماوية وهدمت السدود

حملة لرصد شامل للألغام والمخلفات الإشعاعية والحربية في البلاد

وزارة البيئة العراقية: «داعش» استخدمت المواد الكيماوية وهدمت السدود
TT

وزارة البيئة العراقية: «داعش» استخدمت المواد الكيماوية وهدمت السدود

وزارة البيئة العراقية: «داعش» استخدمت المواد الكيماوية وهدمت السدود

كشفت وزارة البيئة العراقية لـ«الشرق الأوسط» عن أن العمليات الإرهابية التي نفذتها «داعش» في العراق فتكت بالبيئة في أغلب المحافظات العراقية، فضلا عن تجريف كثير من البساتين والأحزمة الخضراء ومهاجمة السدود واستخدام مادة الكلور وغيرها من المواد الكيماوية الضارة.
وأكدت الوزارة أنها ستباشر حملة مسحية شاملة وسريعة للألغام والمخلفات الحربية للمناطق المتضررة من الحروب والعمليات الإرهابية، بعد تحرير هذه المناطق من قوات «داعش».
وأفصح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور قتيبة الجبوري وزير البيئة في العراق أن وزارته أعدت العدة للمسح الكيماوي للمناطق التي تجرى فيها العمليات الإرهابية والمسح الإشعاعي وأخذ عينات مختلفة خصوصا من نهر دجلة والفرات لفحصها.
وشدد على أن أي منشأة نووية في أي بلد مجاور لم يكن وفق المقاييس والمعايير الكاملة الخاصة بالسلام من المؤكد أنه سيكون له تأثيرها السلبي، في إشارة منه إلى المنشآت النووية الإيرانية، دون أن يسمها بشكل صريح.
وأكد أن لدى العراق قانونا سيرى النور خلال يومين، هو «قانون الهيئة الوطنية للوقاية من الإشعاع»، مبينا أن هذه الهيئة المعنية بالقانون الجديد سترتبط بها ثلاث هيئات أخرى تحت مظلة وزارة البيئة العراقية.
وتأتي إيضاحات الوزير العراقية بعد أن أثر الإرهاب بصورة مباشرة على البيئة والإنسان في العراق، فهو فتك بالبنية التحتية لجميع المحافظات العراقية، حيث توجد ست محافظات غربية تعرضت لحملة إرهابية شرسة قاموا من خلالها بتجريف كثير من البساتين والأحزمة الخضراء ومهاجمة السدود واستخدام مادة الكلور وغيرها من المواد الكيماوية الضارة، إضافة إلى الألغام التي زرعوها في مساحات واسعة من الأراضي العراقية.
وفي هذا الخصوص، قال وزير البيئة، إن وزارته أوجدت استراتيجية تحضيرية ستبدأ بعد تحرير هذه المناطق المتضررة من خلال حملة مسحية شاملة وسريعة للألغام والمخلفات الحربية، كما أن الوزارة أعدت العدة للمسح الكيماوي للمناطق التي كانت تجرى فيها العمليات الإرهابية والمسح الإشعاعي وأخذ عينات مختلفة خصوصا من نهر دجلة والفرات لفحصها، بالإضافة لوضع خطة إعلامية شاملة لتوعية الناس قبل العودة إلى منازلهم.
وعن الاستخدام غير المشروع لآبار النفط في العراق وتأثيره على البيئة العراقية أكد الوزير العراقي أن بلاده لديها مشكلات كبيرة مع شركات النفط، استوجبت وضع خطط تعاون مع وزارة النفط العراقية، وتشكيل لجان مشتركة وفرق عمل لهذا الغرض، مبينا أن القانون رقم 27 الذي شرعه مجلس النواب العراقي عام 2009 أخذ طريقه للتنفيذ، والذي أعطى وزارة البيئة صلاحية المراقبة والتفتيش على مخالفات الشركات النفطية جراء عمليات الاستكشاف أو عمليات استخراج النفط.
وبين أن ظاهرة التلوث النفطي موجودة بشكل كبير في محافظة البصرة، مما دعا وزارتي النفط والبيئة منحها الأولوية والاهتمام نظرا لما تعانيه من التلوث النفطي الذي يصاحبه انبعاث لغازات ضارة نتيجة عملية الاستخراج أو التسريب.
وقال: «إذا ابتعدنا عن الجانب التنفيذي وتحدثنا من ناحية سياسية فسنجد سؤالا مهما يطرح نفسه، وهو: مَن الجهة التي تشتري النفط من (داعش) في سوريا والعراق بثمن بخس؟ ومن المؤكد أن هذه الجهة لها يد في دعم التنظيم الإرهابي».
ورأى الجبوري أن العراق مقدر له أن يشهد حروبا منذ عقود من الزمن بالإنابة عن الأمة العربية، وهذه الحروب مستمرة حتى الآن، معتبرا الحرب التي يخوضها العراق مع «داعش» في الفترة الحالية أيضا حربا بالإنابة عن العرب، وأن الأعمال التخريبية المسلحة أثرت بشكل كبير على المجتمع العراقي نفسيا واجتماعيا، بالإضافة لتأثيرها المباشر على البيئة.
وأكد أن العراق مستمر في حربه إلى أن يقضي على «داعش» ومن يقف خلفها، داعيا العرب إلى الوقوف بجانب العراق وأن يكونوا سندا له في الحرب التي يخوضها بالإنابة عنهم، مشيرا إلى أن خطر «داعش» يهدد جميع الدول العربية ولن يسلم منه أحد في حال سقوط العراق.
وبسؤال «الشرق الأوسط» عن النشاط النووي في إيران وما يمثله من تحديات بيئية على العراق، أوضح وزير البيئة أنه لا يوجد على السطح السياسي في هذه الفترة أي ملف يتحدث عن المشروع النووي الإيراني ومدى تأثيره على العراق، مبينا أن أي منشأة نووية في أي بلد مجاور، لم يكن وفق المقاييس والمعايير الخاصة بالسلام الكاملة من المؤكد أنه سيكون له تأثيرها السلبي.
وبخصوص هذا الشأن قال إن العراق لديه قانون يسمى «قانون الهيئة الوطنية للوقاية من الإشعاع»، وأنه في خلال يومين سيتم التصويت في مجلس الوزراء على تشكيل هيئة ترتبط بها ثلاث هيئات، هي «المركز الوطني للوقاية من الإشعاع، والهيئة الوطنية للرقابة، بالإضافة للهيئة الخاصة بالبحث عن المصادر المشعة التي شكلتها أميركا بعد احتلالها للعراق عام 2003». وزاد أنه سيتم ربط هذه الهيئة مباشرة بوزارته، للتصدي لأي عملية إشعاعية، ولإجراء عمليات مسح شامل تغطي الأراضي العراقية كافة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.