استمر، أمس، الاستنفار الطبي في المغرب العربي، وسط ارتفاع جديد في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وكذلك عدد الوفيات.
ففي المغرب، لُوحظ أن المواطنين تجاوبوا بشكل واسع مع قرار السلطات إعلان حالة الطوارئ الصحية، وتقييد حركة الأفراد، في اليوم الأول من بدء تنفيذ حظر التجول للحد من انتشار فيروس «كوفيد 19»، باستثناء بعض الحالات المعزولة التي تدخلت قوات الأمن لوضع حد لها.
وبدت شوارع الرباط، أمس، شبه خالية، إلا من عدد محدود من الأشخاص والسيارات، كما خفت وتيرة حركة وسائل النقل العام مثل الحافلات والتراموي بشكل كبير.
وفي الدار البيضاء، فتحت الأسواق ومحلات بيع الخضر والفواكه والأسماك أبوابها بشكل عادي أمس. وعرفت حضور تجهيزات النظافة بشكل ملفت. ووضع بعض هذه المحلات رهن إشارة الزبائن السوائل المطهرة والصابون.
وأظهرت تقارير بثتها القناة التلفزيونية المغربية الأولى، أمس، من مختلف المدن المغربية التزام المغاربة بيوتهم، وتنقل عدد محدود من الأشخاص للعمل، أو لأغراض ضرورية، بعد منحهم وثيقة رسمية تبرر مغادرتهم المنازل.
وحظيت الوثيقة الاستثنائية لمغادرة السكن في وقت الحجر الصحي، التي قررت السلطات منحها للمواطنين، باهتمام واسع من قبل المغاربة على وسائل التواصل الاجتماعي، وظل الكل يسأل عنها، وكيفية الحصول عليها، ما دفع بعضهم لاستغلال الوضع ونسخ وثيقة مزورة وبيعها، رغم أن السلطات أعلنت أنها ستوزع مجاناً على المنازل. في هذا السياق، أوقفت السلطات الأمنية، صباح أمس، شخصين بمدينة الدار البيضاء ضبطا داخل مكتبة بمنطقة سيدي مومن، وهما في حالة تلبس بنسخ وبيع 11 مطبوعاً من الوثيقة الاستثنائية التي أصدرتها السلطات العامة لتقنين المغادرة وتفادي انتشار وباء كورونا المستجد.
وفي مواجهة نشر الأخبار الزائفة، التي بلغت حد تداول بيانات صحافية مزورة تحمل أختام وزارة الصحة أو الداخلية أو جهات مسؤولة، أعلنت الحكومة عن إحداث بوابة خاصة على الإنترنت تنشر فيها كل البيانات الرسمية المتعلقة بوباء كورونا.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية المغربية عن توقيف التنقل عبر الحافلات بين المدن المغربية، ابتداءً من صباح الثلاثاء. وطلبت من شركات النقل البري للمسافرين أخذ هذا الأجل بعين الاعتبار في جدولة الرحلات، وعدم إرسال حافلات على المسافات البعيدة ابتداء من اليوم (الاثنين)، إذ يجب أن تكون كل الرحلات متوقفة صباح الثلاثاء. كما أعلن المكتب الوطني للسكك الحديد على موقعه الإلكتروني عن «توقيف جميع قطارات، وتأمين الحد الأدنى من قطارات القرب ابتداء من يوم الاثنين، الساعة 11 ليلاً و59 دقيقة».
تزايدت حدة المخاوف لدى المغاربة بعد تزايد عدد الإصابات بفيروس كورونا، التي بلغت 86 حالة حتى الليلة قبل الماضية. كما أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل حالة وفاة جديدة ليرتفع بذلك عدد الوفيات جراء الإصابة بالفيروس إلى ثلاث، فيما أعلن أول من أمس عن تماثل مواطنة مصابة بالفيروس للشفاء، وهي حالة التعافي الثانية من الفيروس التي يتم تسجيلها بالمملكة.
من جانبها، أعلنت وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي عن لائحة الأنشطة التجارية والخدماتية الضرورية، التي ستبقى رهن إشارة المغاربة في حالة الطوارئ الصحية التي فرضها المغرب منذ مساء الجمعة الماضية. ففيما يخص الأنشطة التجارية، فإن المحلات المفتوحة خلال هذه الفترة هي المساحات التجارية الكبرى والمتوسطة وأسواق الجملة للخضر وأسواق السمك والدجاج بالجملة ومحلات بيع المواد الغذائية بالجملة ومحلات البقالة والتغذية العامة ومحلات بيع الخضر والفواكه ومحلات بيع الحبوب ومحلات بيع اللحوم والدجاج والبيض والأسماك والمخابز والحلويات ومحلات بيع الزيتون والتوابل والفواكه الجافة ومواد التنظيف والورق الصحي والصيدليات وشبه الصيدليات. كما ستكون رهن إشارة المواطنين أيضاً محلات بيع المستلزمات والمعدات الطبية ومحلات بيع العقاقير والأدوات واللوازم الصحية ومحلات بيع قطاع الغيار ومحلات بيع الأسمدة والمبيدات والمعدات الفلاحية والأعلاف.
وفيما يخص قطاع الخدمات، ستظل المصحات مفتوحة، وكذلك العيادات الطبية، ومختبرات التحاليل الطبية، ومحلات مزاولة المهن شبه الطبية، والوكالات المصرفية، ووكالات شركات الاتصالات، ومحطات توزيع الوقود، وخدمات الحراسة والنظافة، إضافة إلى الشركات والمصانع ووحدات الإنتاج والتوضيب والتخزين، مع الحرص على سلامة وصحة اليد العاملة والأنشطة الفلاحية وأنشطة الصيد البحري.
- تونس... الحجر الصحي
من المقرر أن يبدأ في تونس، اليوم الأحد، حجر صحي عام في البلاد يستمر حتى الرابع من أبريل (نيسان) المقبل، للحد من تفشي فيروس كورونا. ويستلزم هذا القرار ملازمة المواطنين لبيوتهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى وتقييد حركة التنقل بين المدن، وغلق المناطق الصناعية ذات الكثافة العمالية، حسب ما ورد في كلمة للرئيس قيس سعيّد يوم الجمعة.
وأعلن وزير الصحة التونسي، عبد اللطيف المكي، في مؤتمر صحافي، أمس، عن تطبيق الحجر الصحي الإلزامي على الوافدين من الخارج والمشتبه بحملهم فيروس «كورونا» في مراكز تشرف عليها الوزارة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المكي: «تبين أن الثغرة الكبرى هي عدم الالتزام بالحجر الصحي الذاتي، أو الالتزام بذلك بشكل خاطئ ما يعرّض العديد (من المواطنين) للعدوى بالفيروس». وتابع: «قررت الدولة فرض عزل صحي في مراكز محروسة يتوافر فيها الإشراف الطبي وإقامة معقولة لمدة 14 يوماً».
وارتفع عدد المصابين بالفيروس إلى 60 حالة مؤكدة، حسب ما أعلنت وزارة الصحة أمس.
كانت مطارات تونس شهدت الجمعة حالة من الزحام بسبب رحلات الإجلاء الأخيرة من تونس وإليها، وتسبب ذلك في مخالفة لوائح الحجر الصحي للمئات من العائدين من الخارج.
وقال المكي: «حصلت نقائص (أول من) أمس وعدم تفهم من العديد، نحن الآن على حافة خطيرة إذا استمر الاستهتار». وأوضح: «نحن بصدد تهيئة المستشفيات لمن يحتمل إصابتهم بالفيروس، لن نترك أي مريض استوجبت حالته الإنعاش، سنعمل بكل إمكاناتنا بنسبة مائة في المائة».
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة شفاء أحد التونسيين المصابين بفيروس «كورونا». وقال المتعافي الذي يقطن في ولاية (محافظة) قفصة، بجنوب غربي تونس، إنه في صحة جيدة ويعيش وسط أفراد عائلته. وأكد هذا الرجل في تصريح لإذاعة «جوهرة» التونسية الخاصة أنه عاد إلى تونس من إيطاليا قبل تفشي الوباء بين سكانها، ولم تظهر عليه حين وصوله إلى منطقة سكنه أي أعراض حادة، غير أنه سجّل بعد يومين من عودته ارتفاعاً في درجة حرارته، وهو ما دعاه إلى الاتصال بالسلطات الصحية المختصة التي أجرت له التحاليل الطبية الضرورية، ووضعته تحت الحجر الصحي الذاتي. ودعا المتعافي التونسيين إلى الحد من تنقلاتهم، وعدم مغادرة منازلهم إلا عند الضرورة القصوى.
- الجزائر.. غلق المقاهي والمطاعم
في الجزائر، أعلنت وزارة الصحة ارتفاع عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا من 95 إلى 139، مشيرة إلى أن الوفيات بلغت 15 (كانت 11 حتى أول من أمس).
من جهتها، أفادت الرئاسة الجزائرية، في بيان، بأن الرئيس عبد المجيد تبّون سيتلقى اليوم، بمناسبة انعقاد اجتماع لمجلس الوزراء، «عرضاً حول تطور وباء فيروس كورونا في البلاد، وتقييم التدابير المتخذة للحد من انتشاره».
من جهته، أمر والي الجزائر العاصمة، يوسف شرفة، أمس، بالإغلاق الفوري لكل المقاهي والمطاعم، ومنع حركة التنقل ما بين المدن وما بين الولايات، بواسطة وسائل النقل الجماعية العمومية والخاصة. كما منع حركة تنقل القطارات. وأكد بيان عن ولاية العاصمة الجزائرية أن القرار «يندرج في إطار الإجراءات والتدابير الرامية إلى حماية صحة المواطنين وسلامتهم من خطر فيروس كورونا، والحد من انتشار هذه العدوى الفتاكة في الأوساط العامة، وتنفيذاً لتعليمات وزارة الداخلية بهذا الخصوص». ودعا الوالي إلى «تفهم هذا الإجراء»، مشدداً على «أهمية تقيّد الجميع به والبقاء في منازلهم لمواجهة العدوى».