أحزاب تحتج على الرئيس التونسي لـ«تجاهل برنامجه الانتخابي»

اتهام سياسي بارز باستغلال إصابته بالفيروس لكسب تعاطف الناخبين

TT

أحزاب تحتج على الرئيس التونسي لـ«تجاهل برنامجه الانتخابي»

انتقدت عدة أحزاب سياسية احتجاج الرئيس التونسي قيس سعيد على بعض القرارات، التي اتخذها الولاة (أعلى سلطة حكومية في الجهات)، بعد إعلانهم إغلاق الولايات (المحافظات)، ومنع الدخول أو الخروج منها تحسباً لانتشار وباء «كورونا» المستجد، وذلك لأن القرارات اعتمدت دون استشارة واسعة مع السلطة المركزية أو انتظار قرارها النهائي.
وكان والي (محافظ) مدينة بنزرت (60 كلم شمال العاصمة) قد اتخذ قراراً بإغلاق المدينة أمام الرحلات البرية، ثم حذا حذوه والي الكاف ونابل، دون أن يجريا مشاورات مع السلطة المركزية قبل اتخاذ هذه القرارات، خاصة أن هذه الخطوة جاءت قبل إعلان الحجر الصحي العام، وإقرار حظر الجولان في تونس من الساعة السادسة مساء وحتى السادسة صباحاً. وقد برر هؤلاء الولاة اتخاذ هذه القرارات بأنها «جاءت بناء على تغليب المصلحة العامة، ودرء المخاطر الوافدة على مناطقهم».
وقال عدد من المراقبين إن رئيس الجمهورية «ناقض نفسه من خلال الاحتجاج على تلك القرارات المتخذة في الجهات»، وذلك عقب افتتاح اجتماع مجلس الأمن القومي التونسي، وأرجعوا هذا التناقض الواضح إلى البرنامج الانتخابي الرئاسي، الذي وعد به سعيد التونسيين، على اعتبار أنه يعتمد أساساً على أن السلطة «تنبع من المحلي إلى الجهوي، وصولاً إلى القرار المركزي»، مبرزين في هذا السياق إلى أنه (قيس) كان من أشد المدافعين على إخراج السلطة من المركز وتوزيعها إلى الجهات، أي إلى المناطق الداخلية، مما يجعل المواطن البسيط «ممثلاً وصانعاً للقرار» على حد تعبيره.
وفي هذا السياق قال سرحان الشيخاوي، المحلل السياسي التونسي، إن الرئيس التونسي كان من أهم المتحمسين لفكرة إخراج السلطة من المركز وتحويلها تدريجياً إلى الجهات، بدليل أنه سبق أن طالب عدداً من الشباب خلال لقاءاته المباشرة معهم بتشكيل «لجان محلية» (جهوية)، وبلورة مشاريعهم واختيار من يمثلهم في التعبير عن مشاغلهم، والمشاركة في صنع القرار. كما طالب خلال زياراته إلى عدة مدن تونسية «ألا ينتظروا المنة من السلطة المركزية، ويقرروا مصيرهم بأيديهم، لكنه خالف هذا التوجه عند أول ممارسة سياسية على أرض الواقع»، حسب تعبير الشيخاوي.
على صعيد آخر، وجه ثمانية صحافيين تونسيين، واكبوا أشغال مؤتمر حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، شكوى قضائية ضد لطفي المرايحي، رئيس الحزب الممثل في البرلمان، بعد إخفاء خبر إصابته بفيروس «كورونا»، إضافة إلى ثلاثة أعضاء من نفس الحزب خلال فترة عقد المؤتمر، وهو ما أثار الهلع في نفوسهم، واعتبروا الخطوة «استهتاراً من مواطن وطبيب وسياسي، كان من المفترض أن يقدّم القدوة لغيره»، على حد تعبيرهم.
ودعا الصحافيون المتضررون النيابة العامة إلى التحرك ضد رئيس حزب «الاتحاد الشعبي الجمهوري»، خاصة بعد رفضه تحديد تاريخ الكشف عن إصابته، وهو ما اعتبروه «أمراً غير مسؤول».
وكان الصحافيون المنتمون لعدة مؤسسات إعلامية يقومون بتغطيات صحافية خلال المؤتمر، الذي عقد في السابع من الشهر الحالي، واستقوا خلالها تصريحات عن قرب مع المصابين، وهو ما يعزز فرضية إصابتهم بالعدوى، على حد قولهم. غير أن تصريح نصاف بن علية، مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة، أكدت أن المرايحي ليس من ضمن المصابين بوباء «كورونا»، وهو ما خلق جدلاً سياسياً حاداً حول إمكانية استغلال المرايحي وحزبه لموجة التعاطف معه للدعاية السياسية والانتخابية، واعتبار ما أعلنه في خانة «الإعلام الكاذب».
ورداً على هذه الاتهامات، قال المرايحي إن فترة عقد المؤتمر لم يكن فيها المرض منتشراً، وهو ما يعني أن مصدر العدوى كان محلياً، مبرزاً أنه حالما تبين له أنه مصاب وضع نفسه في الحجر الصحي، وكذلك فعل بقية المصابين، بحسب تعبيره.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.