«الاتحادي» السوداني يتهم عناصر في السلطة بالوقوف ضد تفكيك نظام البشير

TT

«الاتحادي» السوداني يتهم عناصر في السلطة بالوقوف ضد تفكيك نظام البشير

اتهم «التجمع الاتحادي»، وهو أحد فصائل «قوى إعلان الحرية والتغيير» المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية في السودان، بعض عناصر من المكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي، وتيارات مؤثرة في قرار مجلس الوزراء، بالسعي لإجهاض أهداف الثورة، وعقد تسويات مع الإسلاميين، وتوفير الحماية والملاذات الآمنة لرموز النظام المعزول.
وقال «التجمع» في بيان أمس، إنه ظل يرصد ويتابع بدقة تحركات وقرارات لبعض الجهات، تسعى إلى إجراء تسويات تهدف إلى إجهاض هدف ثورة ديسمبر (كانون الأول)، من خلال إعاقة الخطوات الجارية لتفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران) البائد، وإزالة دولة التمكين.
وأشار «التجمع الاتحادي» إلى أن هناك أفراداً داخل المكون العسكري بمجلس السيادة، ودوائر داخل السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) عقدت العزم على السير في طريق مساومة مع مختلف القوى الإسلاموية، ومكونات النظام البائد، تهدف لتعطيل عملية التفكيك.
وأضاف البيان أن هذه الجهات تستهدف بشكل مباشر عمل لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، وتوفير الحماية والملاذات الآمنة لرموز النظام البائد المطلوبة للعدالة.
وقال «التجمع الاتحادي» إن هذه الأطراف اتخذت قرارات في غاية الخطورة من وراء ظهر مؤسسات «قوى الحرية والتغيير»، وقامت بإغراء أفراد واستخدامهم كبيادق لشق الصف الثوري، وصنع دائرة محدودة العدد وذات توجه سياسي معروف، واعتمادها كحكومة موازية لحكومة الثورة.
وكشف عن سعي هذه الأطراف إلى استقطاب بعض المكونات الثورية، من أجل إضعاف «قوى الحرية والتغيير»، وخلق تحالف جديد يشمل الموالين للنظام البائد وقوى الثورة المضادة.
ونوه البيان إلى أن «التراخي المتعمد تجاه إزالة التمكين ومحاربة الفساد، فتح الباب أمام بقايا نظام المعزول لتنظيم أنفسهم، ووضع العراقيل أمام عملية الانتقال، بضرب الاقتصاد الوطني الذي ما زالت تسيطر عليه قوى الرِّدة، بالإضافة إلى تعبئة الشارع ضد حكومة الثورة»، المتمثلة في «مسيرات الزحف الأخضر» التي يتبناها النظام المعزول.
وأوضح البيان أن «النظام البائد» ينظم في نفسه بالدعوة إلى موكب حدد له يوم الأحد، أمام مرأى ومسمع السلطة الانتقالية وأجهزة إنفاذ القانون.
وأكد «التجمع الاتحادي» أن «تفكيك دولة التمكين خط أحمر، لن نسمح لأي فئة بالمساومة عليه والالتفاف حوله»، مشيراً إلى أنه سيسعى مع كافة القوى الثورية للوقوف ضد أي تقارب مع النظام البائد، مؤكداً في الوقت ذاته دعمه لحكومة الانتقال لتحقيق شعارات الثورة.
أثناء ذلك، اتهمت مصادر مطلعة بـ«التجمع الاتحادي»، شخصيات بارزة في السلطة الانتقالية بمجلسي السيادة والوزراء، بالتدخل المقصود لوقف خطوات تفكيك نظام الرئيس المعزول، عمر البشير.
وقالت المصادر -التي فضلت حجب اسمها- لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك أشخاصاً يؤثرون في قرارات مجلس الوزراء، ويقودونه إلى تسوية سياسية مع التيارات الإسلامية في النظام المعزول وخارجه.
وأثارت لقاءات رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، بالإسلامي المنشق من النظام المعزول، غازي صلاح الدين العتباني، وقيادات بارزة في حزب «المؤتمر الشعبي»، جدلاً كبيراً في الأوساط السياسية؛ حيث قوبل برفض كبير من قوى الثورة الشعبية والسياسية.
وتشير المصادر إلى أن اللقاءات تمت بترتيب من شخصيات سياسية من الدوائر المقربة من رئيس الوزراء، تتبنى تسوية تاريخية تشمل الإسلاميين. وألمحت المصادر ذاتها إلى اعتراض شخصية بارزة في مجلس الوزراء، على بعض القرارات التي اتخذتها لجنة تفكيك النظام المعزول، وتسعى لعرقلة عمل اللجنة وتفكيكها، مشيرة إلى عدم رغبتها في المضي في إزالة النظام المعزول. ويرأس لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو بالإنابة، عضو مجلس السيادة، محمد الفكي سليمان، وهو من أبرز قيادات «التجمع الاتحادي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.