«كورونا» يفاقم أزمات المهاجرين غير النظاميين في ليبيا

بعد قرار بتوقيف توطينهم مؤقتاً في أوروبا

TT

«كورونا» يفاقم أزمات المهاجرين غير النظاميين في ليبيا

وسط دعوات حقوقية ليبية بضرورة إخلاء مراكز الإيواء سريعاً من المهاجرين غير النظاميين، أوقفت المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة عملية إعادة توطين اللاجئين مؤقتاً، بسبب تفشي فيروس «كورونا» في البلدان المستضيفة لهم، وهو ما حتّم الإبقاء على آلاف المهاجرين المحتجزين داخل ليبيا.
وقالت المنظمة الدولية والمفوضية، في بيان مساء أول من أمس، إنه «نظراً لخفض البلدان نسبة الدخول إلى أراضيها بشكل حاد نتيجة الأزمة الصحية العالمية لفيروس (كورونا) المستجد، والقيود المفروضة على السفر الدولي جواً، فقد تأثرت بشدة ترتيبات السفر الخاصة بإعادة توطين اللاجئين. كما أوقفت بعض الدول وصول الوافدين المعاد توطينهم، نظراً لوضعهم الصحي العام، وهو الأمر الذي يؤثر على قدرتها على استقبال اللاجئين الذين يعاد توطينهم حديثاً».
وسبق للمنظمات الدولية للهجرة أن ساهمت في نقل مئات المهاجرين من ليبيا إلى بلد مستضيف، ضمن برنامج العودة الطوعية، الذي تم بدعم من «الصندوق الاستئماني للطوارئ» التابع للاتحاد الأوروبي لأفريقيا. لكن بعد وقف رحلات الطيران بين دول العالم تعطل هذا البرنامج.
وقال مصدر بجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بطرابلس لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «هذا القرار يزيد المخاوف المستقبلية بخصوص توطين المهاجرين في ليبيا، في ظل عدم وجود قدرة مالية للإنفاق على عدة آلاف يحتاجون ميزانية يومية».
ويوجد في ليبيا نحو 7 آلاف مهاجر غير نظامي يحتجزون في مراكز للإيواء في مدن بالعاصمة طرابلس، بالإضافة إلى وجود أكثر من 700 ألف طلقاء يعيشون وسط الليبيين، وفقاً للعقيد المبروك عبد الحفيظ، رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية. وتقول جمعيات حقوقية كثيرة إن «غالبية المهاجرين في مراكز الإيواء يعانون أوضاعاً إنسانية وصحية سيئة، في ظل افتقاد هذه المراكز إلى وسائل النظافة والتطهير، فضلاً عن نقص حاد في الغذاء».
ورغم التقارير الحقوقية، التي تتحدث عن ضرورة إسعاف المهاجرين المحتجزين، وخاصة بالقرب من مناطق الاشتباكات بالعاصمة، فقد دافع مركز إيواء سوق الخميس بمدينة الخمس عن نفسه، وقال أمس إنه «انتهى من المرحلة الأولى بتعقيم مكتب إيواء الخميس بالكامل، وتنظيف آبار الصرف الصحي، ونقل النفايات، وتركيب مضخة مياه للغسيل، بالإضافة إلى تسليم المهاجرين كل مخصصاتهم، من فرش وغطاء ومواد تنظيف وملابس».
وأشارت المنظمات الدولية للهجرة عبر حسابها على «تويتر»، أمس، إلى أن «العائلات اللاجئة ستتأثر بشكل مباشر بهذه الإجراءات سريعة التطور أثناء سفرهم، فيما تقطعت السبل بالبعض الآخر، أو انفصلوا عن أفراد أسرهم». كما عبرت مفوضية اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة عن قلقهما من أن السفر الدولي «يمكن أن يزيد من تعرض اللاجئين للفيروس» القاتل. لافتة إلى أن «إعادة التوطين لا تزال أداة منقذة للحياة بالنسبة لكثير من اللاجئين، ولذلك فإن المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة تناشد الدول، وتعمل بتنسيق وثيق معها لضمان استمرار هذه التحركات للحالات الطارئة الأكثر حرجاً؛ حيثما أمكن ذلك».
وأضافت مفوضية اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة أن سريان مفعول التعليق «سيبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة، في وقت تحاول فيه الوكالتان إيصال هؤلاء اللاجئين، الذين أكملوا جميع الإجراءات الرسمية، إلى وجهاتهم المقصودة»، ورأت أن «آلية إعادة التوطين ستوفر طوق نجاة حيوياً للاجئين الأشد ضعفاً بشكل خاص، والمنظمة الدولية للهجرة والمفوضية ستواصلان عملهما في البلدان المضيفة للاجئين، بتعاون مع جميع الشركاء المعنيين، بهدف ضمان استمرار معالجة قضايا إعادة التوطين. وسنبقى على اتصال وثيق مع اللاجئين، وجميع الوكالات التي تعمل على دعم استخدام إعادة التوطين كإجراء هام من إجراءات الحماية».
في الشأن ذاته، ضبطت إدارة الدعم والدوريات بالمنطقة الوسطى، أمس، 15 مهاجراً غير نظامي في المنطقة بين أجدابيا وسرت، وقالت إدارة الدعم أمس إن قواتها «تواصل تمشيط المنطقة لضبط هجرة غير شرعية لآخرين، وتهريب الوقود والمواد الغذائية الفاسدة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».