عشرات الصواريخ على «التاجي» في ثاني قصف خلال يومين

الجيش العراقي عد استهداف فصائل مسلحة القاعدة «عدواناً سافراً»

مراسم تشييع جرت في النجف أمس لمقاتلين في «الحشد الشعبي» قُتلا في ضربات أميركية فجر أول من أمس (أ.ب)
مراسم تشييع جرت في النجف أمس لمقاتلين في «الحشد الشعبي» قُتلا في ضربات أميركية فجر أول من أمس (أ.ب)
TT

عشرات الصواريخ على «التاجي» في ثاني قصف خلال يومين

مراسم تشييع جرت في النجف أمس لمقاتلين في «الحشد الشعبي» قُتلا في ضربات أميركية فجر أول من أمس (أ.ب)
مراسم تشييع جرت في النجف أمس لمقاتلين في «الحشد الشعبي» قُتلا في ضربات أميركية فجر أول من أمس (أ.ب)

عدّ الجيش العراقي القصف الذي تعرض له الجانب العراقي في معسكر التاجي شمال بغداد، أمس، بعشرات الصواريخ، من قبل فصائل مسلحة لم تعلن عن نفسها، «عدواناً سافراً». وقالت القيادة العامة للقوات المشتركة، في بيان، «تعرض معسكر التاجي إلى عدوان سافر آخر بعد سقوط 33 صاروخاً نوع (كاتيوشا) على وحدات الدفاع الجوي العراقي وقرب بعثة التحالف الدولي، وقد عثرت قواتنا على سبع منصات تم إطلاق الصواريخ منها في منطقة أبو عظام قرب التاجي شمال العاصمة بغداد، ووجدت فيها 24 صاروخاً جاهزاً للإطلاق، حيث عملت على إبطال مفعولها».
وأضافت القيادة أن «هذا العدوان الغاشم تسبب بجرح عدد من منتسبي الدفاع الجوي وهم بحالة حرجة جداً». وأكدت أنها «ستتخذ كل الإجراءات لملاحقة من قام بهذا العمل العدواني، وإلقاء القبض عليهم»، موضحة أنه «لا يمكن العبث بأمن العراق بهذا الشكل، وأن أي إرادة تحاول أن تكون بديلاً للدولة وسياستها وسيادتها، وتفرض لها وجوداً، مصيرها الفشل، ومستقرها خلف القضبان بقوة القانون والقضاء العراقيين».
وجاء في البيان، أيضاً، أن «من يقوم بهذا العمل عليه أن يعلن عن نفسه ليتحمل مسؤولياته القانونية والشرعية، وسنعتبر أي طرف يعبأ لهذه الأعمال ويشرعنها بالدعم والتسهيلات شريكاً محتملاً فيها».
من ناحية ثانية، قالت القيادة، في بيانها، «نرفض أن تقوم القوات الأميركية أو غيرها بأي عمل دون موافقة الحكومة العراقية والقائد العام للقوات المسلحة، كما فعلت صباح 3 - 13 - 2020، فهي بذلك لا تحد من هذه الأعمال، بل تغذيها، وتضعف قدرة الدولة العراقية، وتُوقع المزيد من الخسائر بالعراقيين وغيرهم، مما يستوجب المسارعة بتطبيق قرار مجلس النواب الخاص بموضوع الانسحاب». وأردف البيان أن «القيادة تهيب أيضاً بأبناء شعبنا كافة، بألا يترددوا في الإبلاغ وتقديم المعلومات للجهات الاستخبارية عن هذه العناصر الخارجة عن القانون، فالشعب العراقي وقواته الأمنية بكل تشكيلاتها، من جيش وشرطة و(حشد شعبي) وعشائري و(بيشمركة) ستفرض في النهاية هيبة وإرادة الدولة، وتحقق الأمن والسلام».
بدوره، قال التحالف الدولي، في تغريدة على «تويتر»، إن هجوم أمس أسفر عن إصابة «ثلاثة من قوات التحالف وثلاثة من القوات العراقية». من جهته، غرّد المتحدث باسم التحالف الدولي، مايلز كاجينز، أن «ما لا يقل عن 25 صاروخاً عيار 107 ملم قد أصابت قاعدة معسكر التاجي»، مضيفاً أن «التقييم والتحقيق مستمران».
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي على القاعدة العسكرية، لكنّ واشنطن عادة ما تتّهم الفصائل الشيعية الموالية لإيران بشنّ هجمات مماثلة. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تؤكد القوات العراقية، التي تستند إلى دعم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في محاربة فلول «داعش» على أراضيها، أنها لم تتمكن أبداً من كشف هوية المهاجمين، رغم إعلانها في كل مرة عن ضبط منصة الصواريخ.
لكن قيادة عمليات بغداد أكدت في بيانها، أمس، أنها ألقت القبض على جميع منتسبي نقطة التفتيش القريبة من مكان إطلاق الصواريخ أمس في إطار التحقيقات.
ورحبت «كتائب حزب الله»، للمرة الأولى، الخميس، من دون تبنٍ، بإطلاق 18 صاروخاً على قاعدة التاجي، ما أسفر عن مقتل جنديين أميركيين ومجندة بريطانية، منددة بـ«قوات الاحتلال الأميركي». وليل الخميس الجمعة، شنت واشنطن غارات ثأرية استهدفت، حسب بيان وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، مقرات لـ«كتائب حزب الله»، وأسفرت عن مقتل 6 من الشرطة والجيش ومدني واحد.
ومن النادر جداً أن تشنّ هجمات صاروخية مماثلة على قواعد عسكرية في وضح النهار. وأكد مصدر عسكري أميركي أن السماء الملبدة بالغيوم، أمس، منعت طائرات الاستطلاع الأميركية من التحليق. وسبق لهجمات مماثلة استهدفت جنوداً ودبلوماسيين أميركيين ومنشآت أميركية في العراق أن أسفرت عن مقتل متعاقد أميركي وجندي عراقي.
وبعد يومين من مقتل أميركي في استهداف قاعدة عسكرية عراقية في كركوك بـ30 صاروخاً في نهاية 2019، نفّذت القوات الأميركية غارات على خمس قواعد، في العراق وسوريا، تتبع لـ«كتائب حزب الله».
وتعتبر قاعدة التاجي حالياً مركزاً رئيسياً لإيواء القوات الأميركية وقوات التحالف، بعد سحبهم من القواعد الأخرى في أعقاب التوتر الإيراني - الأميركي، وعمليات الثأر لاغتيال الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، في ضربة أميركية في بغداد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.