تعايش اللاعبين في «المسرح السوري» بانتظار صدام عسكري

نصف مليون قتيل ومغيّب و400 مليار دولار و11 مليون نازح ولاجئ حصيلة 9 سنوات من الحرب

سوريون يحتجون أمس قرب أريحا ضد تسيير دوريات روسية - تركية على طريق حلب - اللاذقية (أ.ف.ب)
سوريون يحتجون أمس قرب أريحا ضد تسيير دوريات روسية - تركية على طريق حلب - اللاذقية (أ.ف.ب)
TT

تعايش اللاعبين في «المسرح السوري» بانتظار صدام عسكري

سوريون يحتجون أمس قرب أريحا ضد تسيير دوريات روسية - تركية على طريق حلب - اللاذقية (أ.ف.ب)
سوريون يحتجون أمس قرب أريحا ضد تسيير دوريات روسية - تركية على طريق حلب - اللاذقية (أ.ف.ب)

سوريا التي كانت لدى بدء الحركة الاحتجاجية للمطالبة بالديمقراطية، لم تعد مترابطة أو لم تعد هي ذاتها. لا هي طموح المتظاهرين قبل 9 سنوات، ولا هي كما أرادت دمشق في إجراءاتها. يتعايش المتحاربون في «المسرح السوري»، فيما لا يزال السوريون متخاصمين ومنقسمين. باتت مساحة، اختفت منها آمال التغيير وتجددت رغبة القمع. «كورونا»، لم يميز بين مناطق الحكومة المدعومة من روسيا وإيران، وهي نحو 64 في المئة من البلاد، و26 في المئة منها، وهي مناطق الأكراد المدعومين من التحالف الدولي بقيادة أميركا، ومناطق المعارضة المدعومة تركياً البالغة نحو 10 في المئة. لكن لا يزال «عاجزاً» عن توحيد السوريين... إلا في المعاناة التي تضاف إلى التهجير والنزوح واللجوء والأزمة الاقتصادية.

- الخسائر

قتل في الحرب الدامية والمدمرة 384 ألف شخص على الأقل، بينهم أكثر من 116 ألف مدني، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أشار إلى أنها «لا تشمل من توفوا جراء التعذيب في المعتقلات الحكومية أو المفقودين والمخطوفين لدى مختلف الجهات، ويقدر عددهم بـ97 ألفاً».
تسببت الحرب في «أكبر مأساة إنسانية» منذ الحرب العالمية الثانية، وفق الأمم المتحدة، مع نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها (من أصل 23 مليوناً). وآخر موجة من العذاب كانت لدى شن قوات الحكومة بغطاء روسي ودعم بري إيراني هجومها على إدلب، حيث فر أكثر من مليون مدني إلى شمال البلاد، كان نصفهم من الأطفال الذين يموت منهم اثنان يومياً.
كما استنزفت الاقتصاد وموارده والبنى التحتية، وأحدثت دماراً هائلاً، قدر بـ400 مليار دولار. وتسببت في انهيار قياسي في قيمة الليرة السورية، إذ وصل سعر الدولار إلى ألف ليرة بعدما كان 46 ليرة في 2011.
ويلقي مسؤولون سوريون اللوم في ذلك على الحصار الاقتصادي والعقوبات التي تفرضها دول غربية. لكن أميركا ودولاً غربية تعزو ذلك إلى «سلوك النظام والجرائم التي ارتكبت». ويبدو أن دمشق على موعد من مزيد من العقوبات الأميركية لدى البدء بتطبيق «قانون قيصر» في منتصف يونيو (حزيران). و«قيصر» هو عسكري سابق كان يعمل مصوّراً في الجيش، انشقّ في عام 2014 وبحوزته 55 ألف صورة «توثّق ممارسات في سجون النظام في قمع الانتفاضة». وفي مشهد غير مألوف في الكونغرس الأميركي، أدلى «قيصر» بشهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ قبل يومين. وإثر شهادته في عام 2014، أعدّ أعضاء الكونغرس مشروع قانون حمل اسمه، فرض قيوداً مالية على سوريا، بما في ذلك وقف مساعدات إعادة الإعمار. القانون وقّعه الرئيس دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) بعد سجال في الكونغرس استمر لسنوات، وسيدخل حيز التنفيذ منتصف يونيو.

- تدخل تركيا

لا شك أن تركيا أحد «اللاعبين» في سوريا، إذ إنه منذ البداية دعمت المعارضة التي اتخذ لاحقاً أحد أبرز تحالفاتها مقراً له في إسطنبول، كما لجأ إليها بعض قادة الفصائل المسلحة. واستضافت برنامجاً لتدريبها بقيادة «وكالة الاستخبارات المركزية»، قبل وقف واشنطن له.
ومنذ عام 2016، زاد القلق التركي من قيام كيان كردي شمال سوريا بفضل دعم أميركا لفصائل كردية قاتلت «داعش». بدأت تركيا أول تدخل عسكري لها في سوريا أطلقت عليه «درع الفرات» واستهدف ريف حلب الشمالي الشرقي. وسيطرت خلاله على منطقة حدودية تضم مدينتي جرابلس والباب. وفي يناير (كانون الثاني) 2018، شنّت عملية «غصن الزيتون» على منطقة عفرين، ذات الغالبية الكردية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اغتنمت فرصة قرار أعلنت عنه واشنطن بنيتها سحب قواتها من شرق الفرات، لتشن عملية جوية وبرية جديدة باسم «نبع السلام» ضد المقاتلين الأكراد. وسيطر الجيش التركي وفصائل سورية موالية على شريط حدودي بطول 120 كيلومتراً بعمق 30 كلم بين مدينتي تل أبيض ورأس العين. وفي 11 مارس (آذار)، نفذت أول عملية عسكرية لها ضد قوات النظام السوري، وأطلقت عليها تسمية «درع الربيع» في محافظة إدلب.

- أميركا وإسرائيل

في 2014، شكّلت واشنطن تحالفاً دولياً يضم أكثر من 70 دولة بعد سيطرة «داعش» على مناطق شاسعة في العراق وسوريا في يونيو من العام نفسه. وفي سبتمبر (أيلول)، بدأ التحالف بقصف مواقع للتنظيم. ونشرت أميركا ألفي جندي في سوريا، إضافة إلى جنود أوروبيين. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب قواته، لكنه سرعان ما قرر الإبقاء على 500 جندي من أجل حماية آبار النفط. كما تحتفظ أميركا بقاعدة التنف على الحدود العراقية.
وفي أبريل (نيسان)، شنت أميركا أول هجوم بصواريخ «كروز» على قاعدة تابعة للحكومة قرب حمص، بعد هجوم بالغاز السام على خان شيخون التي كانت تسيطر عليها المعارضة. وتكررت الغارات في أبريل 2018 بعد هجوم على دوما.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن طرد «داعش» من «عاصمته» في الرقة. وفي مارس العام الماضي، أعلن القضاء على التنظيم جغرافياً. وفي أكتوبر الماضي، قتلت وحدة أميركية خاصة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي شمال سوريا.
وفي مارس 2017، اعترفت إسرائيل بشن غارات جوية ضد «حزب الله» في سوريا، الأمر الذي تكرر مرات عدة بقبول ضمني من روسيا التي نشرت منظومات «إس 400» و«إس 300» و«إس 300» المتطورة في سوريا. وقبل يومين، قتل 26 عنصراً من «الحشد الشعبي» العراقي في ضربة جوية قرب مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي على حدود العراق. وجرى استهدافها مراراً في ضربات جوية، قد تكون الأشد في يونيو 2018 حين قتل 55 عنصراً موالياً من السوريين والعراقيين في ضربات قال مسؤول أميركي إن إسرائيل تقف خلفها. وكررت إسرائيل غاراتها على دمشق وريفها وعلى «مواقع إيرانية» في وسط البلاد وغربها.

- روسيا وإيران

في سبتمبر(أيلول) 2015، باشرت روسيا حملة جوية دعماً لقوات الحكومة التي كانت تواجه وضعاً صعباً جداً، ذلك أن المساحة التي تسيطر عليها لم تتجاوز 12 في المئة من البلاد. وبالفعل قلب الميزان العسكري ومناطق السيطرة سواء بالحرب والقصف أو بالتسويات المحلية والإقليمية. ولروسيا قاعدتان عسكريتان؛ الأولى في مطار حميميم، والثانية في ميناء طرطوس. وبدأت أخيراً تأسيس قاعدة جديدة في القامشلي شرق الفرات. وتقول موسكو إنّها تنشر 3 آلاف عسكري وطائرات وطوافات وسفن حربية وغواصات. وشارك أكثر من 63 ألف عسكري روسي في العملية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. كما جرب الجيش الروسي طرازات جديدة من معداته.
تقدم إيران، الحليف الإقليمي الأكبر للنظام، الدعم له منذ اندلاع الحرب. وتنفي طهران وجود قوات نظامية لها، لكنّها تقرّ بإرسال عناصر من «الحرس» بصفة «مستشارين عسكريين»، وآلاف «المتطوعين» من إيران وأفغانستان وباكستان والعراق. وأعلن «حزب الله» اللبناني رسمياً في 2013 مشاركته العسكرية إلى جانب قوات النظام. وفي يوليو (تموز) 2019، أعلن أمينه العام حسن نصرالله خفض عدد مقاتليه الذي كان يتراوح بين 5 و8 آلاف.

- تعايش استثنائي

تتعايش الأطراف المتحاربة بشكل استثنائي في سوريا جواً وبراً وبحراً. في شرق الفرات، بعد قرار ترمب خفض قواته، دخل الجيش التركي إلى منطقة النفوذ الأميركي ثم أعقبه الروس وقوات الحكومة. روسيا، التي انغمست شرق الفرات براً بعدما حرمها الوجود الجوي الأميركي من تغطية المنطقة، باتت على تماس مع القوات الأميركية، لتتداخل مناطق انتشارهما، ما يؤدي إلى احتكاكات قد تتطور إلى توترات أكبر.
غالباً ما يسجل أهالي المنطقة مشاهد للقوات الروسية والأميركية في حالة مواجهة، كأنها سيارات تتزاحم في شوارع مدينة. وسجل أكثر من مرة قيام أحد الطرفين بإغلاق الطريق على الآخر، بطريقة مثيرة خصوصاً أن سوريا هي البلد الوحيد حيث توجد قوات روسية وأميركية في بقعة جغرافية ضيقة.
وإذ تسير عربات أميركية ودوريات روسية قرب خطوط التماس، كما يسير الجيش التركي دورياته شمال الطريق السريعة، غالباً ما يتجاور العلم الأميركي مع السوري والروسي... والتركي.
في شمال غربي سوريا، تنطلق اليوم دوريات روسية - تركية لإعادة فتح طريق رئيسية بين حلب واللاذقية، ما أدى إلى «محاصصة» بين البلدين في شمال غربي سوريا، بحيث تحصل أنقرة على نفوذ خاص شمال الطريق، كما الحال في مناطق «درع الفرات» و«غصن الزيتون» و«نبع السلام»، وتعزز موسكو وجودها جنوب الطريق بالتعاون مع قوات الحكومة وتنظيمات إيرانية.
وإذا كانت السنة العاشرة من الاحتجاجات، ستشهد مزيداً من الأزمات الاقتصادية والمعيشية مع تساؤلات حول العملية السياسية، فإن من الأمور التي تستحق الملاحظة مصير «التعايش» بين المتحاربين والاحتكاكات على خطوط التماس في «المسرح السوري».



«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعدادا لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعدادا لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.