أنقرة هددت موسكو بالسيطرة على حلب

TT

أنقرة هددت موسكو بالسيطرة على حلب

كشفت مصادر تركية عن أن أنقرة هددت روسيا بضرب القوات السورية جواً وبراً، والتحرك للسيطرة على حلب، إذا لم توقفها عن التقدم باتجاه مركز إدلب. وقالت المصادر إن المسؤولين العسكريين الأتراك شددوا لنظرائهم الروس خلال المباحثات حول تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، التي جرت منذ الثلاثاء وحتى أول من أمس الجمعة في أنقرة، على حساسية تركيا بخصوص مركز مدينة إدلب، وأنها تشكل «خطاً أحمر» بالنسبة لها.
ونقلت صحيفة «خبر تورك» أمس (السبت) عن المصادر، أن الجانب التركي هدد الوفد الروسي بـ«ضرب قوات النظام بشدة جواً وبراً، وأن القوات التركية ستتحرك باتجاه حلب، إذا ما حاولت التقدم باتجاه مركز إدلب».
وشددت المصادر على أن هذا السيناريو وارد، وأن الجناح السياسي في تركيا لم يرَ من المناسب الاشتباك مع روسيا على أرض سوريا خلال الفترة السابقة: «لكن الإرادة العسكرية بالميدان في إدلب لم تكن مفقودة؛ حيث إن الجيش التركي ينتظر التعليمات والأوامر للقيام بمهام جديدة». وأضافت المصادر أن «تركيا لم تتمكن من تحقيق أهدافها بشكل كامل في منطقة خفض التصعيد في إدلب؛ لكنها بوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع روسيا تجاوزت خطر نشوب صراع كبير».
وأشارت إلى أنه رغم ذلك فإن القوات التركية تواصل تحصيناتها، والانتشار في الخطوط الأمامية في إدلب، في وقت تواصل فيه قوات النظام وميليشيات إيران الداعمة له انتهاكاتها لوقف إطلاق النار الذي اعتبرته المصادر «مرحلياً»، ويوفر الفرصة من أجل القيام بالتحصينات اللازمة على الخطوط الأمامية.
كانت أنقرة قد أكدت مراراً أنها ترغب في تحويل وقف إطلاق النار في إدلب إلى وقف دائم.
واختتم وفد عسكري روسي، في أنقرة أول من أمس، مباحثات استمرت 4 أيام. وقال وزير الدفاع التركي خلوصي آكار عقب المباحثات، إنه تم توقيع اتفاق مع الوفد الروسي بخصوص محافظة إدلب، وإن أولى خطواته ستكون من خلال تنظيم دورية تركية روسية مشتركة على طريق حلب – اللاذقية الدولي «إم 4» اليوم الأحد، وإنه تم أيضاً الاتفاق على إقامة مركز مشترك لتنسيق العمليات في إدلب.
في غضون ذلك، واصلت تركيا الدفع بالتعزيزات العسكرية إلى إدلب. وأدخلت رتل تعزيزات عسكرية ولوجستية، أمس، من المعبر الحدودي في قرية كفرلوسين إلى ريفي إدلب الجنوبي والشرقي.
وضم الرتل التركي سيارات عسكرية وآليات هندسية وصهاريج تحمل وقوداً وشاحنات تحمل مواد لوجستية، اتجهت إلى نقاط المراقبة العسكرية التركية في جنوب وشرق مدينة إدلب.
ويواصل الجيش التركي تعزيزاته في إدلب، بشكل يومي، وتشير معلومات «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومصادر محلية، إلى دخول أكثر من 4 آلاف آلية عسكرية، وأكثر من 9 آلاف جندي إلى إدلب، منذ الثاني من فبراير (شباط) الماضي.
من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، تحييد 10 من عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية، كانوا يستعدون لهجومين فيما يعرف بمنطقتي «درع الفرات» و«نبع السلام» اللتين تسيطر عليهما تركيا والفصائل السورية المسلحة الموالية لها في شمال وشمال شرقي سوريا. وقالت الوزارة، في بيان عبر «تويتر»، إن 8 من عناصر الوحدات الكردية كانوا يستعدون لتنفيذ هجوم في منطقة «نبع السلام»، شرق الفرات، جرى تحييدهم في عملية ناجحة للقوات الخاصة التركية، التي تمكنت أيضاً من تحييد اثنين آخرين أثناء محاولتهما التسلل إلى منطقة «درع الفرات» لتنفيذ هجوم مماثل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».