تونس: نقابة العمال تعلّق احتجاجاتها «تضامناً مع محنة الحكومة»

دعت المواطنين إلى التآزر في ظل «كورونا» والظروف الصعبة التي تمر بها البلاد

TT

تونس: نقابة العمال تعلّق احتجاجاتها «تضامناً مع محنة الحكومة»

أعلن نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل (نقابة العمال) التونسية، تأجيل كل الاحتجاجات النقابية والإضرابات العمالية، وكذا المؤتمرات والاجتماعات العامة، بالنظر إلى «الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، والتي تتطلب تضامناً وتآزراً وطنياً، ووحدة بين الجميع»، وتجعل «محنة الحكومة مضاعفة»، بحسب تعبيره.
ومن شأن هذا القرار أن يخفف الضغوط - ولو مؤقتاً - عن حكومة إلياس الفخفاخ التي ظلت تطالب منذ نيلها ثقة البرلمان في 27 من فبراير (شباط) الماضي، بإقرار هدنة اجتماعية لتجاوز الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها تونس.
ودعا الطبوبي أمس، بمناسبة إحياء الذكرى الـ21 لوفاة الزعيم الوطني والنقابي الحبيب عاشور، كل التونسيين إلى مزيد من الوحدة واليقظة، والتآزر، إلى حين القضاء على وباء «كورونا» المستجد، على حد قوله.
ويتماشى هذا القرار النقابي مع ما أعلنه إلياس الفخفاخ خلال ندوة الولاة التي أشرف عليها يوم أمس، من تحديات تواجهها تونس، وفي مقدمتها التحديات الاجتماعية والاقتصادية، ومشكلة البطالة والديون الخارجية، علاوة على ما سيخلفه فيروس «كورونا» من تأثيرات سلبية على الاقتصاد التونسي برمته.
وفي هذا السياق، شدد رئيس الحكومة على المشكلات التي ستنكب عليها حكومته في أسرع وقت، وعلى رأسها الإرهاب، وفيروس «كورونا» المستجد الذي سيبطئ النمو الاقتصادي بحوالي 0.5 في المائة، والملفات الاقتصادية والمالية الشائكة، داعياً إلى ضرورة توفير موارد مالية إضافية من الداخل والخارج لتمويل ميزانية الدولة. كما اعتبر الفخفاخ أن التحدي الاجتماعي مهم للغاية، إذ إن الدولة مطالبة بإيجاد حلول سريعة لملفات البطالة، وتعثر التنمية، لتجاوز حالة الاحتقان الاجتماعي التي ما زالت تسيطر على عدد من جهات تونس، ومن بينها احتجاجات شبان الحوض المنجمي، واعتصام الكامور بجنوب شرقي البلاد، علاوة على مشكلة استمرار التفاوت بين الجهات الساحلية والمناطق الداخلية.
ومع ذلك، أكد الفخفاخ على قدرة تونس على مواجهة هذه التحديات، معولاً في ذلك على تجانس الفريق الحكومي، الممثل لنحو خمسة أحزاب سياسية وعدد من المستقلين، ودعا إلى تعبئة كل الطاقات والموارد الممكنة، ومصارحة التونسيين بحقيقة الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة التي تمر منها البلاد، مع العمل على تطبيق القانون على الجميع، وفرض هيبة الدولة، ومكافحة الفساد الذي نخر عدداً من المؤسسات الحكومية، بحسب تعبيره.
على صعيد متصل، نددت «التنسيقية الوطنية للحركات الاجتماعية» بما اعتبرته «ممارسات قمعية استهلت بها حكومة الفخفاخ عهدها»، داعية إلى احترام الفصل 37 من الدستور، ووقف كل المتابعات القانونية في حق نشطاء الحراك الاجتماعي. كما طالبت الحكومة بتقديم برنامج واضح حول سبل حلحلة الملفات الاقتصادية والاجتماعية، ومقاومة الفقر والبطالة وإشكالية التفاوت بين الجهات، كما طالبتها «بالوفاء بكل التعهدات والاتفاقات المبرمة مع حكومتي الحبيب الصيد ويوسف الشاهد، عملاً بمبدأ استمرارية الدولة».
وأشارت «التنسيقية» إلى تصاعد وتيرة الاعتداءات على المحتجين السلميين، على غرار تحركات الأساتذة النواب أمام وزارة التربية، والاعتداء على عمال الحضائر الذين طالبوا بانتدابهم في القطاع العام، والمعطلين عن العمل، واعتقالهم دون حق، منددة بحملات التوقيف والاستدعاءات لعدد من نشطاء الحراك الاجتماعي بمناطق الكاف والمظيلة وطبربة.
يذكر أن «المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية» (منظمة حقوقية مستقلة) كان قد أصدر خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، تقريراً حول التحركات الاجتماعية، أكد فيه أنها سجلت ارتفاعاً بنسبة 31 في المائة خلال شهر يناير الماضي، مقارنة مع الشهر نفسه من سنة 2019، وقدر عددها الإجمالي بحوالي 1136 تحركاً احتجاجياً.
وفي هذا الشأن، أكد مسعود الرمضاني، القيادي في هذا المنتدى، أن التحركات الاحتجاجية «ما زالت ترفع مطالب سنة 2011 نفسها، وهي الشغل والحرية والكرامة، كما أن خريطة تلك الاحتجاجات حافظت على التوزيع الجغرافي نفسه، إذ إن ولايات (محافظات) سيدي بوزيد والقصرين والقيروان وسليانة لا تزال تحتل المراتب الأولى على مستوى التحركات الاجتماعية»، وهو ما يضيف ضغوطاً إضافية على حكومة إلياس الفخفاخ، المطالبة باعتماد نموذج تنموي مغاير.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».