تزايد المطالبة بدعوة العرب للانضمام إلى أي ائتلاف حكومي في إسرائيل

TT

تزايد المطالبة بدعوة العرب للانضمام إلى أي ائتلاف حكومي في إسرائيل

دلت النتائج الرسمية، شبه النهائية، للانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، على أن الاحتفالات بالنصر التي أقامها رئيس الوزراء وقائد المعسكر اليميني، بنيامين نتنياهو، كانت سابقة لأوانها، وأن تشكيل حكومة برئاسته من جديد بات مستبعداً. وحسب مصادر في «حزب الجنرالات» (كحول لفان)، فإن احتمالات تشكيل حكومة يسار مؤقتة برئاسة بيني غانتس، يدعمها من خارج الائتلاف كل من «القائمة المشتركة» للنواب العرب وحزب «اليهود الروسي»، بقيادة أفيغدور ليبرمان، باتت موضوع بحث جدي.
وقالت مصادر في «كحول لفان»، أمس الجمعة، إن ليبرمان أعلن بشكل قاطع أنه سيوصي رئيس الدولة بتكليف غانتس تشكيل الحكومة القادمة، وبهذا يكون قد تشكلت «كتلة مانعة من 62 نائباً (من مجموع 120 نائباً في البرلمان الإسرائيلي)، ترفض نتنياهو وتطالب بتغييره». وأكدت: «سيكون الآن أمام (الليكود) واحد من أمرين، فإما يتخلى عن نتنياهو ويقنعه بالاعتزال والتفرغ لمحاكمته بتهم الفساد الثلاث، وعندها تقام حكومة وحدة بين الطرفين، وإما يجلسون معه في المعارضة، ويرافقونه إلى جلسات المحاكمة مرتين في الأسبوع».
وحسب مصادر سياسية متعددة، باشر مساعدو غانتس الاتصالات مع بقية أحزاب الكتلة المانعة من أجل التفاهم على تشكيل حكومة مؤقتة تعمل لعدة شهور على تسيير أمور الدولة الأساسية، مثل الموازنة العامة وتعيينات في الوظائف الأساسية (المدعي العام في النيابة والمفتش العام للشرطة ومستشار قضائي جديد للحكومة وغيرهم). ويأمل هؤلاء وقتها أن يتفكك تكتل اليمين فينضم حزب أو أكثر (الأحزاب الدينية مثلاً) إلى الحكومة، لتصبح ذات أكثرية مستقرة.
وقد أعرب ليبرمان عن تأييده لهذه الخطة، رغم تعهداته السابقة بالامتناع عن الوجود في أي إطار مع «القائمة المشتركة العربية». كما أن «القائمة المشتركة» أعلنت عدم استعدادها للتوصية على غانتس في حال كان غرضه تشكيل حكومة يكون فيها ليبرمان وزيراً. وقال رئيسها، النائب أيمن عودة، إنه ورفاقه لن يوصوا على غانتس «إلا إذا صحح تصريحاته السابقة التي تنصل فيها من التعاون مع العرب، وراح ينافس فيها نتنياهو بمواقف عنصرية يهودية فوقية واستعلائية».
كان نتنياهو، من جهته، قد خرج بحملة تحريض على «القائمة المشتركة»، التي راحت تتفاخر بأن فوزها بـ15 مقعداً هو الذي منع نتنياهو من تشكيل حكومة يمين. فقال إن «القائمة المشتركة هي خارج الحسابات السياسية الإسرائيلية. ففي هذه الحسابات تدخل فقط الأحزاب الصهيونية». وأثارت تصريحاته موجة انتقادات من مختلف أطراف الحلبة الحزبية. وأنشأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» مقالاً افتتاحياً وقع عليه محررها السياسي، شمعون شيفر، قائلاً: «المقاعد الـ15 لعرب إسرائيل يجب أن تحسب ابتداء من اليوم كعنصر شرعي في تشكيل الائتلاف الحكومي، وجديرة بقدر لا يقل عن مقاعد أي حزب تنافس للكنيست. حان الوقت للتوقف عن الخوف من شتائم الناطقين بلسان اليمين، ودعوة الـ15 نائباً من (القائمة المشتركة)، لأن يتولوا مناصب في حكومة برئاسة بيني غانتس».
وكتب المحرر السياسي في صحيفة «هآرتس»، حيمي شليف، مقالاً بعنوان «نتنياهو يعرض: عنصرية رسمية»، قارن فيه بين تصريحات نتنياهو تجاه الناخبين، وبين جنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري «أبرتايد». وقال «هنالك أنباء جيدة من التقرير السنوي لمنظمة (فريدم هاوس)، الذي نشر هذا الأسبوع عن وضع الحرية والديمقراطية في العالم، إذ ما زال يعتبر إسرائيل دولة (حرة)». والأنباء السيئة هي أنه، حسب التقرير، فإن الديمقراطية في إسرائيل توجد في حالة تراجع متواصلة.
ففي السنوات الثلاث الأخيرة، هبطت إسرائيل من المكان 45 في التصنيف العالمي إلى المكان 76، قريباً بصورة مقلقة مع الدول التي تعتبر «حرة جزئياً». وفي كتلة الدول الديمقراطية الغربية إسرائيل موجودة في المكان الأخير. مكان إسرائيل في التقرير السنوي لهذه المنظمة، التي ترتكز إلى إعلان حقوق الإنسان للأمم المتحدة، لا ينبع من الاحتلال في الضفة الغربية الذي يتم احتسابه بشكل منفرد، بل من عدم فصل الدين عن الدولة، والتمييز المؤسساتي ضد عرب إسرائيل.
وتدهور إسرائيل في هذا التصنيف ينبع في الأساس من نزع الشرعية المتسارع عن الأقلية العربية، ومن التحريض المتزايد ضدها برعاية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بشكل خاص، واليمين بشكل عام، خلال الحملتين الانتخابيتين اللتين أجريتا في عام 2015. ومن حسن حظ إسرائيل أن التقرير قد أعد قبل العرض العنصري الرهيب لنتنياهو في يوم الأربعاء الماضي، عندما اعتبر ممثلي «القائمة المشتركة» الذين حصلوا على ثقة كاسحة من الجمهور العربي في الانتخابات الأخيرة، منبوذين.
من جهة ثانية، تقدمت منظمة حقوقية إسرائيلية إلى المحكمة العليا ضد تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة، بسبب توجيه لائحة اتهام بالفساد ضده. وقال رئيس «الحركة من أجل نزاهة الحكم»، المحامي إليعاد شراغا، «إن شخصاً سبق وأن قدمت بحقه ثلاث لوائح اتهام، ليس مؤهلاً لتشكيل حكومة، فمن المستحيل أن يجلس رئيس وزراء في ساعات الصباح على مقعد المتهمين، ثم يقوم في ساعات المساء بإدارة جلسة للمجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».