اشتباكات عنيفة في جنوب إدلب تخرق وقف النار الروسي - التركي

نازحون سوريون وآلية تركية في قرية كفرلوسين بمحافظة إدلب (أ.ف.ب)
نازحون سوريون وآلية تركية في قرية كفرلوسين بمحافظة إدلب (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات عنيفة في جنوب إدلب تخرق وقف النار الروسي - التركي

نازحون سوريون وآلية تركية في قرية كفرلوسين بمحافظة إدلب (أ.ف.ب)
نازحون سوريون وآلية تركية في قرية كفرلوسين بمحافظة إدلب (أ.ف.ب)

دارت اشتباكات دامية في جنوب محافظة إدلب اليوم (الجمعة) بعد ساعات من بدء تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار توصلت إليه روسيا وتركيا بهدف إنهاء القتال في آخر جيب تسيطر عليه المعارضة في سوريا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصدر في المعارضة إن الاشتباكات دارت في منطقة جبل الزاوية بين قوات النظام السوري والحزب الإسلامي التركستاني، وأسفرت عن سقوط 15 قتيلا.
وأبرزت الاشتباكات مدى هشاشة الاتفاق بين روسيا التي تدعم النظام السوري وتركيا التي تساند فصائل معارضة، وفق وكالة رويترز.
ويهدف اتفاق وقف إطلاق النار لاحتواء صراع أدى إلى نزوح نحو مليون شخص في غضون ثلاثة أشهر في شمال غرب سوريا.
وانهارت عدة اتفاقات سابقة لإنهاء القتال في إدلب. وعبر محللون وسكان عن مخاوفهم من أن يلقى الاتفاق الأخير المصير نفسه لأنه لم يتناول الأزمة الإنسانية أو الحماية الجوية بأي تفصيل.
وقال وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك الجمعة لدى وصوله إلى بروكسل لحضور اجتماع مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي، إنه يجب تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار بإقامة منطقة حظر طيران لمنع تعرض أي مستشفيات للقصف مجدداً.
وفجر القتال الأخير أزمة وصفتها الأمم المتحدة بأنها قد تكون أسوأ أزمة إنسانية حتى الآن في الحرب التي أدت إلى نزوح ملايين من ديارهم وأزهقت أرواح مئات الآلاف.
وهوّنت روسيا مراراً من أي حديث عن أزمة لاجئين واتهمت تركيا بانتهاك القانون الدولي بعد أن دفعت بقوات وعتاد إلى إدلب منذ أوائل الشهر الماضي، علماً أنه قتل نحو 60 جنديا تركيا منذ ذلك الحين.
وسعت تركيا، التي تملك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي، لصد تقدم القوات السورية ومنع تدفق موجة من اللاجئين عبر حدودها الجنوبية.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار على إقامة ممر أمني يمتد ستة كيلومترات إلى الشمال والجنوب من طريق «إم 4» السريع الواصل بين شرق إدلب وغربها وحيث ستبدأ دوريات روسية تركية مشتركة في 15 مارس (آذار)، وهو ما يعزز فعليا وجود روسيا في شمال إدلب.
وأفاد سكان ومقاتلون في المنطقة لأن الخطوط الأمامية التي شهدت غارات جوية مكثفة قامت بها طائرات روسية وسورية وضربات بالمدفعية والطائرات التركية المسيرة على قوات النظام، كانت هادئة في معظم أنحاء المنطقة بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في منتصف الليل الماضية.
ولم يذكر الاتفاق تفاصيل «منطقة آمنة» ولم يصف كيف يمكن للنازحين العودة إلى ديارهم التي فروا منها هربا من الهجوم المدعوم من روسيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».