الرئيس الجديد لـ«حزب الاتحاد» الكردي: مستعدون للحوار مع دمشق من دون شروط

أنور مسلم دعا في حديث لـ «الشرق الأوسط» إلى تذليل الخلافات

أنور مسلم الرئيس الجديد لـ«حزب الاتحاد» الكردي (الشرق الأوسط)
أنور مسلم الرئيس الجديد لـ«حزب الاتحاد» الكردي (الشرق الأوسط)
TT

الرئيس الجديد لـ«حزب الاتحاد» الكردي: مستعدون للحوار مع دمشق من دون شروط

أنور مسلم الرئيس الجديد لـ«حزب الاتحاد» الكردي (الشرق الأوسط)
أنور مسلم الرئيس الجديد لـ«حزب الاتحاد» الكردي (الشرق الأوسط)

قال الرئيس الجديد لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي أنور مسلم إنه مستعد لمفاوضات مع الحكومة السورية من دون شروط لـ«إرساء نظام ديمقراطي لا مركزي يضمن دستورياً حقوق الشعب الكردي وجميع المكونات الإثنية والدينية».
وكان قد انتخب رئيساً مشتركاً، إلى جانب عائشة حسو لقيادة الحزب، لكن قيادة الحزب تنتظر 4 قضايا شائكة ومعقدة، على رأسها الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع النظام الحاكم، وتذليل الخلافات الكردية - الكردية، وتوحيد خطابها السياسي، ومن بينها توسيع تحالفاتها مع قوى المعارضة السورية، وآخرها إدارة مناطق جغرافية معزولة وسط احتدام وتداخل دولي وإقليمي.
ووافقت دمشق على حوار سياسي بضمانة موسكو بداية الشهر الفائت، وتشكيل لجنة عليا مشتركة لبحث مصير مناطق شرق الفرات، لكن مسلم قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة تراهن على الحل الأمني، وتريد السيطرة على كامل الجغرافية عبر الخيار العسكري، وإنهم لم يعقدوا أي اجتماعات رسمية. وأضاف: «النظام متمسك بالذهنية العسكرية، ويريد إعادة البلاد للمركزية كما كانت قبل 2011. ويتجاهل كل التغيرات التي طرأت على سوريا اليوم، ولا يريد الاعتراف بتجربة الإدارة الذاتية وإيجابياتها».
وعن الحوار الكردي - الكردي، قال مسلم إن مبادرة قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي، التي أعلنها نهاية العام الفائت لوحدة الصف الكردي، «كانت إيجابية وتشكل أرضية مناسبة للعمل المشترك، بدورنا رحبنا بها، وأعلنا التزامنا وجدية بتطويرها».
غير أن حزب الاتحاد السوري لم يعقد أي اجتماع رسمي مع «المجلس الكردي» المعارض، ويرفض الأخير الجلوس قبل البدء بإجراءات بناء ثقة، من بينها الكشف عن مصير 9 سياسيين مصيرهم مفقود، على الرغم من الدعوات الكردية والدولية لتذليل هذه العقبات والخلافات. وقال مسلم: «أدعو قادة المجلس الكردي وجميع الأحزاب الكردية للاجتماع، وتحديد مواقفها وتغليب مصالح الشعب الكردي على جميع المكاسب الحزبية والسلطوية». وكشف عن اتصالات مكثفة لعقد اجتماعات بالأيام المقبلة بهدف الوصول إلى توافقات كردية من جهة، ووطنية سورية من جهة ثانية، «والعمل على بناء أرضية كردية مشتركة وتهيئة الظروف والمناخات المناسبة لإنجاح اللقاءات، استجابة لكل الأصوات التي تنادي بضرورة وحدة الصف الكردي».
ويسعى حزب الاتحاد السوري إلى توسيع دائرة تحالفاته السياسية مع قوى المعارضة السورية، وأشار رئيس الحزب إلى أنهم منفتحون للعمل مع أحزاب المعارضة المرخصة في دمشق، وهيئة التنسيق المعارضة، ومنصتي موسكو والقاهرة.
لكن مسلم استبعد التقارب بين حزبه و«الائتلاف الوطني» المعارض، «لأنهم يعملون تحت وصاية أنقرة، فمدينة عفرين وسري كانيه وتل أبيض ومدن الشمال لا تزال محتلة من قبل فصائل تتبع هذا الائتلاف». واتهم فصائلها العسكرية التابعة لحكومة الائتلاف المؤقتة «بممارسة سياسة التطهير العرقي بحق أبناء شعبنا هناك تحت مظلة وحماية الجيش التركي»، على حد تعبيره.
ولفت مسلم إلى وجود تحالف بين الكرد وجميع مكونات المنطقة من العرب والسريان والآشوريين والتركمان والشركس، والعمل تحت مظلة الإدارة الذاتية. وقال: «الكل ناضل في سبيل تحرير هذه الأراضي من إرهاب (داعش)، وقد شكلوا نموذجاً ديمقراطياً حقيقياً عبر إدارة ذاتية»، وطالب بضرورة إشراك ممثلها في جميع المحادثات الدولية الخاصة بالأزمة السورية، «باسم المشروع الديمقراطي الذين يمثلونه على الأرض والتضحيات التي قدموها لتراب هذا الوطن».
يذكر أن المحامي أنور مسلم من مواليد 1976، أنهى دراسة الحقوق بجامعة حلب سنة 2000، وانتسب لنقابة المحامين بالعام التالي، وفي سنة 2002 كان أحد مؤسسي «منظمة الحرية والعدالة»، وانتسب لحزب الاتحاد السوري أواخر 2005 بعد إعلانه بعامين. تعرض للاعتقال بداية الحراك المعارض في سوريا سنة 2011، وبعد انتهاء معركة مسقط رأسه عين العرب 2015 كُلف بتشكيل إدارة مدنية وترأس مجلسها التنفيذي، ثم ترأس إقليم الفرات شمال شرقي سوريا بداية 2018 بعد إعلان «الإدارة الذاتية لشمال وشمال شرقي» سوريا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.