المخابرات العراقية ترد على فصيل مسلّح موالٍ لإيران

TT

المخابرات العراقية ترد على فصيل مسلّح موالٍ لإيران

رد جهاز المخابرات الوطني العراقي، أمس، على ما يُعتقد أنها تصريحات صادرة عن قيادي في «كتائب حزب الله» الموالية لإيران، اتهم فيها رئيس الجهاز مصطفى الكاظمي بمساعدة الولايات المتحدة في حادث القصف الذي تعرض له قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس قرب مطار بغداد مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي وأدى إلى قتلهما مع عدد آخر من رفاقهما.
وقال جهاز المخابرات في بيان إنه «اطّلع على بعض التصريحات التي يتمّ تداولها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتمثل هذه التصريحات تهديداً صريحاً للسلم الأهلي، وتسيء إلى رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي».
ويجمع مراقبون محليون على أن بيان جهاز المخابرات جاء رداً على تغريدة عبر «تويتر» كتبت بتوقيع «أبو علي العسكري» الذي يعتقد أنه أحد قادة «كتائب حزب الله» وقال فيها: «تداول بعضهم ترشيح مصطفى الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء وهو أحد المتهمين بمساعدة العدو الأميركي لتنفيذ جريمة اغتيال قادة النصر الحاج قاسم سليماني ورفيقه الحاج المهندس.
ولا نرى ترشيحه (لشغل منصب رئاسة الوزراء) إلا إعلان حرب على الشعب العراقي، والذي سيحرق ما تبقى من أمن العراق».
ويتردد اسم رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بوصفه أحد الأسماء المحتملة لتكليفها رئاسة الوزراء بعد إخفاق المكلّف السابق محمد توفيق علاوي في تشكيل الحكومة.
وفي معرض ردّه الطويل نسبياً على اتهامات «الكتائب»، أشار بيان جهاز المخابرات إلى أن «المهمات الوطنية التي يقوم بها لخدمة الوطن والشعب ليست خاضعة للمزاجات السياسية ولا تتأثر باتهامات باطلة يسوّقها بعض من تسول له نفسه إيذاء العراق وسمعة أجهزته الأمنية، بل تستند إلى مصالح شعب العراق الأبي وحجم وقيمة الدولة العراقية في المنطقة والعالم».
وشدد الجهاز على «حقه في الملاحقة القانونية لكل من يستخدم حرية الرأي لترويج اتهامات باطلة تضر بالعراق وبسمعة الجهاز وواجباته المقدسة بحفظ أمن العراق وسلامة شعبه».
وتعهد الجهاز لشعب العراق بـ«الدفاع عن الدولة ورموزها وسياقاتها الأصولية في نطاق الواجبات الدستورية الملقاة على عاتقه، وأن هذه الواجبات تحددها مصالح العراق لا انفعالات واتهامات الخارجين على القانون». وأضاف أن «الجهاز حرص طوال السنوات الماضية على أداء واجباته بصمت والتزام، ورفَضَ الانجرار إلى المماحكات السياسية لأنه ممثل للدولة لا لجماعات، وراعٍ لمصالح الشعب العراقي لا لمصالح أطراف متوترة».

وكانت وزارة الخارجية الأميركية أدرجت، الأربعاء الماضي، الأمين العام لـ«كتائب حزب الله» في العراق أحمد الحميداوي على لائحة الإرهاب. وقال منسق جهود مكافحة الإرهاب في الوزارة ناثان سيلز؛ حينها إن المنظمة «تشكّل تهديداً للقوات الأميركية في العراق». وأضاف أن «الولايات المتحدة تواصل الضغط المتواصل على المنظمة منذ نحو عقد من الزمان».
وسبق أن اتهمت الولايات المتحدة «كتائب حزب الله» بالمسؤولية عن مقتل متعاقد أميركي يعمل في قاعدة عسكرية بمحافظة كركوك في العراق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ووجهت لمقاتليها في محافظة الأنبار أكثر من ضربة جوية تسببت في مقتل قادة وعناصر مسلحة.
وتعد «كتائب حزب الله» من أكثر الفصائل الموالية لإيران تجهيزاً وعتاداً بالقياس إلى غيرها من الفصائل العراقية الولائية، كما أنها تعمل بقدر عال من السرية في العراق، وينظر إليها محلياً بصفتها «محطة مخابراتية إيرانية متقدمة في العراق».
وسبق لـ«الكتائب» أن تورطت في ديسمبر الماضي بالهجوم على متظاهرين في بغداد وتسببت في مقتل وإصابة كثير منهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».