ابن كيران يهاجم مجدداً قيادة «العدالة والتنمية» في المغرب

TT

ابن كيران يهاجم مجدداً قيادة «العدالة والتنمية» في المغرب

عاد عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية السابق، ليطلق العنان لتصريحاته المثيرة ويبعث برسائله في كل الاتجاهات، حيث شن هجوماً حاداً على رفاقه في الحزب وجدد التأكيد على موقفه الثابت من المؤسسة الملكية.
وقال ابن كيران في لقاء مع اللجنة المركزية لشبيبة حزب العدالة والتنمية، أمس: «نحن لسنا حركة ثورية، ولم نأت لنصطدم مع المؤسسة الملكية، وإذا كان أحد علم هذا للحزب فهو عبد الإله ابن كيران بكل تواضع». وأضاف ابن كيران موضحاً: «الملك ملكنا، ونتمسك به، ونتمسك بملكيتنا عن قناعة وليس موقفاً تكتيكياً أو نفعياً، لأننا مقتنعون بأن هذا الأمر فيه مصلحة البلاد»، واستدرك قائلاً: «نحن متمسكون بملكيتنا وملكنا، وفي نفس الوقت نحن أحرار، ولا ينبغي أن يسكتنا أحد بالملكية أو الملك، وعلينا أن نقول ما يجب قوله بالاحترام اللازم». وزاد: «الملك ليس مسؤولاً عن كل ما يجري، الملك هو رئيسنا، والسياسة اليوم ليس فيها الأشخاص الذين يظهرون في الواجهة فقط، هناك الظاهر والخفي والضغوطات الدولية، وأنت ما عليك سوى أن تقول ما ينبغي أن يقال»، وذلك في انتقاد واضح منه للعثماني. ومضى ابن كيران قائلاً: «المؤسسة الملكية تريد في بعض الأحيان أن تكون المقاومة في المجتمع»، مؤكداً أن هذا الأمر يساعدها على التفاوض مع الخارج في عدد من الملفات، وأضاف موجها كلامه للعثماني: «هذا الأمر ليس شأنك أصلاً، وما عليك سوى قول إن هذا الأمر لا يصلح وفقط»، وذلك في تحريض واضح منه للحزب على رفض بعض القرارات.
ولم تقف انتقادات ابن كيران للعثماني عند هذا الحد، بل عاد ليجدد التأكيد على موقفه من القانون - الإطار لإصلاح التعليم، وقال: «أنا ما زلت مصرّاً على أن التصويت على القانون - الإطار خطأ جسيم كان يقتضي ما يقتضي، ولهذا لم أحضر المجلس الوطني للحزب، لأنني كنت إما سأصطدم مع الأخ الأمين العام، ولم أحضر لأنه يسير وندعه يكمل مهمته والنتيجة ستتضح، أو أحضر وأصادق له على ما قال ولم يكن لدي استعداد لذلك». وأضاف ابن كيران: «آلمني أن العثماني ما زال مصراً على ذلك، ويفتخر به بشكل أو بآخر، وهذا الأمر لا يصلح حتى ذكره»، عادّاً أن اللغة العربية هي «بنيتنا كأمة ومجتمع حولها. إذا فرطت أنت في العربية، فماذا تركت للآخرين؟ وأتكلم معكم بمنطق الهوية».
وقال ابن كيران في انتقاد شديد للعثماني وقيادة الحزب: «يحاولون تبرير كل شيء بنسبه للجهات العليا، ولا شيء يلزمك بأن تبقى رئيساً للحكومة، وإذا رأيت شيئاً غير مقبول فينبغي أن ترفضه»، مذكراً بأنه في مرحلة قيادته رئاسة الحكومة «راودني أحدهم على أن أتخلى عن أمر أدنى من هذا؛ وهو دعم الأرامل، وصمدت ورفضت، وكانت النتيجة أن جلالة الملك ساندني في ذلك. وأعترف أمام الجميع بأن الملك هو الذي أعطى الإذن من أجل أن يكون ذلك الإصلاح، ولكنه أقل من قضية اللغة العربية».
وأشار ابن كيران إلى أن من يشتغل بالشأن العام نوعان: «الأول صنف يريد إصلاح الشأن العام حتى تكون الحياة صالحة للجميع أو لمعظم الناس. والثاني يريد أن يتحكم في الشأن العام ويضبطه ويستغله ويستفيد منه ويصل فيه إلى ما وصل إليه الذين تحكموا في البشرية عبر التاريخ ويحققون ظروف حياة تتجاوز المنطق والرفاهية المطلقة، وتكون لهم القدرة على المحافظة على هذا».
وشدد ابن كيران على ضرورة وعي شباب الحزب بهذه المسألة وتحديد الصنف الذي يريدون أن ينتموا إليه، مطالباً إياهم «بانتداب أنفسكم لإصلاح الشأن العام، إخلاصاً لخالقكم ومسؤوليتكم في وطنكم وأنفسكم ومستقبل الأجيال اللاحقة»، مبرزاً أن «المغاربة لا يطلبون الكثير؛ وإنما يحتاجون العدل والحرية».
ودعا ابن كيران للفصل بين قرار إعفائه من رئاسة الحكومة وإبعاده من قيادة الحزب، حيث قال: «هناك من يريد أن يربط بين الإعفاء من الحكومة ونهاية مسؤوليتي من الحزب، لأن الإعفاء من الحكومة قرار جلالة الملك، وإنهاء مسؤوليتي في الحزب يتحملها الإخوان الذين اتخذوا هذا القرار، وينبغي أن نوضح الأمر». وأضاف: «منذ ذلك الوقت وأنا أرفض حضور أي لقاء حزبي لأنني لا أريد أن أشوش عن الإخوان في التسيير، لأن هذه تجربتهم، وتجربتي عشتها أنا، ومصرّ على أن أؤكد أن تجربتي هي لي مع الحزب طبعاً، ولكن عندما ابتعدت، هذه تجربة أخرى للدكتور سعد الدين العثماني والإخوة الذين معه».
وزاد ابن كيران مبيناً: «لا يمكن الخلط بينهما، هناك نفس الحزب، ولكن لكل شخص طريقته في التسيير».
وطالب ابن كيران شباب الحزب بالتحلي بـ«الشجاعة والجرأة للحديث عما هو موجود في البلاد والمجتمع وشؤون الحزب، وإذا فقدنا الحرية في هذا الحزب فلماذا سيصلح؟ ومن يتكلم يطردوه من الحزب؛ ماذا سيحصل؟». واسترسل الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية قائلاً: «يمكن أن يحاول الإنسان الإصلاح من داخل حزب آخر، أو يؤسس حزباً جديداً؛ أين هو المشكل؟»، وأضاف؛ في أشبه ما يكون بتحريض على قيادة الحزب: «لا يمكن أن نسكت، هذه الفئة التي تسير الحزب أو فئة أخرى تريد أن تهيمن عليه وتمنع الذي يتكلم وتمنح التزكية لمن يواليها وتمنعها عمن يعاديها، مثلما حصل في حزب آخر نتشابه معه في كل شيء وربما نسير في طريقه»، في إشارة إلى مصير «حزب الاتحاد الاشتراكي» بقيادة خصمه إدريس لشكر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».