البرلمان الليبي يفشل في إقالة زيدان ويكشف عن خطة بديلة لتسليم السلطة إلى «أي جهة»

رئيس الحكومة يتهم «الإخوان» مجددا ويتعهد باستعادة حقول النفط الشرقية

كيم كيو هيون نائب وزير خارجية كوريا الجنوبية خلال اجتماع في مقر وزارة الخارجية لبحث اختطاف مسؤول تجاري كوري في ليبيا امس  (إ.ب.أ)
كيم كيو هيون نائب وزير خارجية كوريا الجنوبية خلال اجتماع في مقر وزارة الخارجية لبحث اختطاف مسؤول تجاري كوري في ليبيا امس (إ.ب.أ)
TT

البرلمان الليبي يفشل في إقالة زيدان ويكشف عن خطة بديلة لتسليم السلطة إلى «أي جهة»

كيم كيو هيون نائب وزير خارجية كوريا الجنوبية خلال اجتماع في مقر وزارة الخارجية لبحث اختطاف مسؤول تجاري كوري في ليبيا امس  (إ.ب.أ)
كيم كيو هيون نائب وزير خارجية كوريا الجنوبية خلال اجتماع في مقر وزارة الخارجية لبحث اختطاف مسؤول تجاري كوري في ليبيا امس (إ.ب.أ)

بينما ضمن رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا علي زيدان البقاء في منصبه بسبب استمرار الخلافات بين الليبراليين والإسلاميين، أقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) تعديلا لامتصاص غضب الداعين إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة يضمن للمؤتمر إما البقاء حتى نهاية العام الحالي، أو تسليم السلطة إلى أي جهة أخرى، بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وقال أعضاء في المؤتمر الوطني الذي يعد أعلى سلطة سياسية في ليبيا لـ«الشرق الأوسط» إن مساعي حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين لإقالة زيدان اصطدمت بمعارضة أعضاء تحالف القوى الوطنية الذي يقوده الدكتور محمود جبريل.
وتحدث الأعضاء عقب جلسة استثنائية عقدها المؤتمر بمقره الرئيس في العاصمة طرابلس، حيث كان مقررا مناقشة مذكرة مقدمة من 72 عضوا لحجب لثقة عن حكومة زيدان، التي تشكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. وقال عضو في المؤتمر إن «المؤتمر لم يصوّت على حجب الثقة عن حكومة زيدان بسبب الافتقار إلى اكتمال النصاب القانوني اللازم، وامتناع بعض الأعضاء عن الحضور».
وتنص لائحة عمل المؤتمر، الذي تشكل عقب أول انتخابات برلمانية جرت في شهر يوليو (تموز) عام 2012، على ضرورة تصويت 120 عضوا من أصل إجمالي عدد الأعضاء الـ200 لإقالة رئيس الحكومة أو حجب الثقة عنه.
وقال عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني إن المؤتمر صوّت في جلسته التي عقدها مساء أول من أمس على إجراء تعديل على خارطة الطريق. وكشف حميدان للمرة الأولى النقاب عن وجود ما وصفه بخطة بديلة تحمل مسمى الخطة (ب)، مشيرا إلى أن الخطة الأولى تقضي بانتهاء مهمة المؤتمر بنهاية العام الحالي، بناء على القيام والإيفاد بجميع الاستحقاقات الدستورية الأولى، بمعنى الانتهاء من صياغة الدستور ثم التصويت عليه وإقراره نهائيا ثم العمل به بانتخاب مجلس برلماني يقوم بعدها المؤتمر الوطني العام بتسليم السلطة لهذا البرلمان في الـ24 من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وأوضح أن هذه الخطة أُسّست على افتراض أن تقام الاستحقاقات كافة وتنجز في مددها القانونية، بحيث تنتهي اللجنة التأسيسية من صياغة الدستور، في مدة أقصاها أربعة أشهر، ولا يحدث عطل، وسيجري الاستفتاء عليه.
وأوضح في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الرسمية أن المؤتمر أضاف خطة أخرى تقوم على افتراض أن تتعطل هذه الاستحقاقات، مما يسفر عن أن المؤتمر لا يستطيع أن يسلم السلطة إلى البرلمان المقبل، لأنه لن يكون موجودا نهاية العام الحالي، وهذا الأمر سوف يجبر نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر على التمديد، حتى يتمكن المؤتمر من إنهاء الاستحقاقات.
وقال حميدان إنه خوفا من حدوث فراغ في السلطة، قام المؤتمر بصياغة خطة أخرى (ب) سيخاطب المؤتمر بمقتضاها في شهر مايو (أيار) المقبل الهيئة التأسيسية لسؤالها حول ما إذا كانت قد أنجزت الدستور في مدته.
وتابع: «إذا أجابت بـ(نعم)، فسيجري تنفيذ الخطة الأولى وهي الأساسية والمعتمدة، وإذا ردت بالرفض فسوف نتأخر ويجري تفعيل الخطة (ب) التي تقضي بمخاطبة المفوضية للاستعداد لإجراء انتخابات أخرى، أي مؤتمر وطني عام آخر».
وأوضح أن المؤتمر لن ينتظر وسوف يسلّم السلطة إلى جهاز آخر أو إلى أي مؤسسة أخرى تحت أي مسمى في شهر أكتوبر المقبل، ليتولى تسيير المرحلة الانتقالية الثالثة إلى أن يجري تجهز الدستور.
في المقابل، دافع علي زيدان رئيس الوزراء الليبي عن حكومته، واتهم جماعة الإخوان المسلمين وجماعة إسلامية أخرى في اجتماع المؤتمر الوطني بمحاولة إسقاط حكومته من خلال إجراء اقتراع على الثقة فيه في البرلمان.
وعندما سُئِل عما إذا كان يشعر بقلق من احتمال أن يخسر الاقتراع على الثقة، قال زيدان إنه سيكون سعيدا إذا جرى الاقتراع، وإنه ليس متشبثا بالسلطة. وقال أيضا إن الوضع الأمني في جنوب البلاد المضطرب هدأ بعد قتال استمر أياما بين ميليشيات متناحرة في مدينة سبها، الذي أنحت الحكومة باللائمة فيه على أنصار نظام العقيد الراحل معمر القذافي، معلنا أنه لم يعد هناك قتال، وأن القاعدة الجوية أصبحت تحت سيطرة الحكومة.
كما تعهّد زيدان مجددا بإبعاد المحتجين الذين سيطروا على الموانئ الشرقية المهمة لصادرات النفط في غضون الأيام القليلة، وقال إن حكومته على وشك إخلاء الموانئ من المحتجين، إذا لم يغادروها خلال الأيام المقبلة، لافتا إلى أن زعماء قبليين ما زالوا يجرون محادثات في محاولة لإنهاء المواجهة سلميا.
بيد أن زيدان امتنع في مقابلة بثته قناة «ليبيا الأحرار» الفضائية، مساء أول من أمس، عن الإفصاح عن أي تفاصيل، مكتفيا بالقول إنه «لا يستطيع مناقشة أمور الدولة في التلفزيون».
وأخفق زعماء القبائل حتى الآن في إقناع إبراهيم جضران بإنهاء حصار الموانئ الذي ساهم في خفض إنتاج ليبيا من النفط إلى النصف منذ أغسطس (آب) الماضي، عندما بدأت الاحتجاجات، وأدى إلى ضغط كبير على الميزانية. وحذرت الحكومة من أنها لن تستطيع دفع مرتبات موظفي القطاع العام إذا استمرت المظاهرات. ومرت عدة مواعيد نهائية حددها زيدان دون القيام بأي عمل.
وتواجه السلطات صعوبة في كبح جماح الميليشيات ورجال القبائل الذين ساعدوا في إسقاط القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في 2011.
ومنذ الصيف، احتلت مجموعة من المتظاهرين المدججين بالسلاح ثلاثة موانئ نفطية بشرق ليبيا تسهم معا بتصدير 600 ألف برميل يوميا من النفط، في محاولة لإجبار حكومة طرابلس على منحها حكما ذاتيا سياسيا.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الليبية، استمرار الطلعات الجوية التي يقوم بها سلاح الجو الليبي في جنوب ليبيا لبسط الأمن وسيادة الدولة، حيث قال الناطق الرسمي باسم الوزارة إن السلاح الجوي نفذ ضربات جوية لموقع بوابة «قويرة المال» بالمدخل الشمالي لمدينة سبها، استهدفت تجمعا لمجموعات مسلحة خارجة عن القانون بها.
كما دعت غرفة ثوار 17 فبراير سبها بكتائب الثوار الوجود بالمربعات المحددة لهم حسب الخطة المعدة، والتصدي بقوة السلاح لكل من تسول له نفسه المساس بثورة 17 فبراير المجيدة، وبأمن البلاد.
وقالت مصادر محلية إن الكتيبة 154 للحماية والحراسة التابعة لرئاسة أركان الجيش الليبي غادرت مدينة مصراتة، أمس، متوجهة إلى منطقة الجنوب للتمركز في قاعدة تمنهنت.
وكان مجلس مصراتة العسكري قد أعلن حالة النفير القصوى، وأمر جميع الكتائب التابعة له بالمدينة بالالتحاق بمعسكراتهم، وتجهيز وصيانة معداتهم وأسلحتهم تحسبا لأي طارئ، كما أمر المجلس الكتائب العسكرية بالاستعداد لتلقي أي أوامر تقتضيها الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».