السودان يكشف أن الأميركيين سلموا مسودة الاتفاق النهائي لـ«سد النهضة»

TT

السودان يكشف أن الأميركيين سلموا مسودة الاتفاق النهائي لـ«سد النهضة»

كشف وزير الري السوداني، ياسر عباس، أن السودان ومصر وإثيوبيا تسلمت مسودة الاتفاق النهائي بشأن ملء سد النهضة وتشغيله، المقدمة من وزارة الخزانة الأميركية، موضحاً أن الدول الثلاث تعكف على درسها.
وقال الوزير السوداني، في مؤتمر صحافي أمس، إن الوفد السوداني أكمل رده على النقاط الخلافية التي تمثّل نحو 10 في المائة من مسودة الاتفاق النهائي الذي عرضته الإدارة الأميركية. وأشار إلى أن الدول الثلاث توافقت على نحو 90 في المائة من القضايا الخلافية المتعلقة بملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وذلك طوال 10 اجتماعات بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وعُقدت في كل من الخرطوم وأديس أبابا والقاهرة وواشنطن.
وكشف الوزير عباس للصحافيين الإطار العام لمسودة الاتفاقية النهائية لسد النهضة المقدمة من وزارة الخزانة الأميركية، وتتكون من 17 بنداً تتعلق بكيفية ملء السد وتشغيله، وتتضمن التعريف بالاتفاقية والقضايا المهمة لسلامة السد في أثناء التشغيل، وآليات حل النزاعات. وتابع أن الاتفاقية لن تدخل حيز التنفيذ بمجرد توقيعها من ممثلي الدول الثلاث، بصفتها «اتفاقية دولية»، إذ يتطلب دخولها مرحلة التنفيذ المصادقة عليها من قبل السلطات التشريعية في الدول الثلاث، بحسب الإجراءات الدستورية المتبعة في كل منها.
ويعقد في واشنطن يومي 28 و29 فبراير (شباط) الحالي اجتماع مشترك لوزراء الخارجية والري والموارد المائية في كل من السودان ومصر وإثيوبيا، وذلك لمناقشة مسودة الاتفاق النهائي حول ملء وتشغيل سد النهضة، وترعاه وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي.
وقال وزير الري السوداني إن الاتفاق سيمهد الطريق لاستكمال الدراسات البيئية والاجتماعية الناجمة عن تشغيل السد، التي أرجئت لما بعد توقيع اتفاقية الملء والتشغيل. ووصف عباس الاتفاقية بأنها وسيلة يمكن أن تفتح الباب أمام التعاون الإقليمي بين الدول الثلاث، ومشاركتها في مشروعات اقتصادية مشتركة تحقق التكامل بينها، بما يحقق مصالحها المشتركة.
واختتم وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث، منتصف فبراير (شباط) الحالي، آخر اجتماعاتهم بواشنطن. وجاء في بيان ختامي أن الجانب الأميركي سيقوم، بالمشاركة مع البنك الدولي، ببلورة الاتفاق في صورته النهائية، وعرضه على الأطراف للتوقيع قبل نهاية الشهر الحالي.
ووصف عباس دور السودان بأنه كان أساسياً ومحورياً في الوصول إلى اتفاق، وقال إن نحو 80 في المائة من بنود الاتفاق كان عبارة عن مقترحات سودانية، وأن الأميركيين أثنوا على دور السودان، والمقترحات المتعلقة بملء السد وتشغيله. وأضاف: «نصح الأميركيون وفدي إثيوبيا ومصر بتبني مقترحات السودان لحل مشكلة سد النهضة، ووصفوها بالمعقولة والمقبولة لإدارة الخلاف بين الدول الثلاث».
ونفى المسؤول السوداني ما تناقلته وسائط التواصل الاجتماعي السودانية بشأن تنازلات يقدمها وفده بشأن حصص المياه المخصصة للسودان، وقال إن الوفد السوداني حرص خلال التفاوض على تحقيق «مصالح السودان أولاً». وأضاف أن «السودان حريص على الاستخدام المنصف والمعقول لمياه النيل، من دون إحداث أي ضرر بالآخرين». وجزم الوزير بعدم تأثير ملء سد النهضة على حصة السودان من مياه النيل، البالغة 18.5 مليار متر مكعب.
وأبدى عباس اطمئنان حكومته على أمان سد النهضة وتصميمه، قائلاً إن الوفود السودانية شاركت بفعالية في عمليات التأكد من تنفيذ المقترحات المتعلقة بتأمين السد التي قدمها خبراء سودانيون، بما في ذلك تبادل المعلومات المتعلقة بالملء بين إدارة سد النهضة وإدارة خزان الروصيرص السوداني.
وأوضح أن التعديلات المتعددة التي أجريت على تصميم السد باتفاق الدول الثلاث «مقنعة للسودان»، وزاد: «قضية أمان السد في عملية الملء والتشغيل هي جوهر التفاوض الحالي بين الوفود»، مشيراً إلى أن كلفة التعديلات التي أجريت على تصميمات سد النهضة الأولية بلغت نحو 1.3 مليار دولار.
ونفى المسؤول السوداني أيضاً تعرض وفده لأي ضغوط أميركية لتقديم تنازلات بشأن حصة البلاد من المياه، وأوضح أن الوفد دافع عن مصالح السودان «بقوة وجرأة».



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.