انتقادات لـ«الوطني الحر» بسبب ملف الكهرباء

سجال مع «الاشتراكي» و«القوات»... والبستاني تتوعّد بكشف «فساد المحروقات»

رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب خلال اجتماع مع قيادات من الجيش أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب خلال اجتماع مع قيادات من الجيش أمس (دالاتي ونهرا)
TT

انتقادات لـ«الوطني الحر» بسبب ملف الكهرباء

رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب خلال اجتماع مع قيادات من الجيش أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب خلال اجتماع مع قيادات من الجيش أمس (دالاتي ونهرا)

شن حزبا «التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية» هجومين متزامنين على «التيار الوطني الحر» المحسوب على الرئيس ميشال عون، من باب ملف الكهرباء. ودعا «الاشتراكي» إلى تنحية التيار عن الملف، فيما رفضت وزيرة الطاقة المستقيلة المحسوبة على «التيار» ندى البستاني اتهامات «القوات»، معتبرة أنها «حملة تضليل وافتراءات من أجل المكاسب السياسية».
ويبلغ العجز الناتج عن تمويل مؤسسة كهرباء لبنان منذ عام 1992 حتى عام 2019، 41 مليار دولار. لكن السنوات العشر الأخيرة التي تولى فيها وزراء «التيار» حقيبة الطاقة مسؤولة عن 30 مليار و600 مليون دولار، أي ما يشكل 74 في المائة من إجمالي العجز.
وتطالب الدول المعنية بالملف اللبناني بالإصلاح في قطاع الكهرباء شرطاً لتقديم أي مساعدة مالية للبنان. وعقدت كتلة «اللقاء الديمقراطي» والحزب «التقدمي الاشتراكي» مؤتمراً صحافياً خُصص لملف الكهرباء والأسباب التي أسهمت في تفاقم عجز القطاع. وقال النائب هادي أبو الحسن إن القيمين على هذا القطاع «يمعنون بسياسة الغموض والتضليل واتهام الغير بالتعطيل، بهدف تبرير فشلهم وإخفاء صفقاتهم المشبوهة. ما وصلنا إليه هو نتيجة حتمية لتلك السياسات المدمرة».
ورأى أبو الحسن أن «كل ذلك يفرض القيام بخطوات جدية تخلق صدمة إيجابية كي نستعيد الثقة الداخلية والخارجية التي تعدّ المفتاح الأساسي للإنقاذ من هذه الكبوة الناتجة عن مخالفة القوانين والممارسات الفاضحة التي تتدرج من الأداء الفاشل لتصل إلى حد النهب المقنن للمال العام، وهذا يتطلب وقف التمادي ومحاسبة المسؤولين عوضاً عن الخضوع لإصرارهم على هذا النهج الخطير وتمسكهم بوزارة الطاقة والقبض على ملف الكهرباء من دون حسيب أو رقيب».
واتهمهم بـ«إضاعة الفرص حتى وصلنا إلى هذه الأزمة المستفحلة»، متسائلاً: «لماذا تجاوزتم أو أهملتم كل العروض من قبل الصناديق الاستثمارية وبعض الدول الصديقة، وفي مقدمتها دولة الكويت، فيما تحاولون اليوم التنكر لتلك المبادرات». واتهم «التيار» بـ«تكريس مبدأ المحاصصة المقيتة بالإصرار على محطات التغويز الثلاث كي تكون إحداها في منطقة البترون».
واعتبر أن «رمي الاتهامات علينا بالتعطيل جزافاً والغمز من باب كارتيل النفط واستيراد المحروقات ليس إلا محاولة رياء جديدة... وهذه اتهامات لن تمر. أما إذا كان الهدف التعمية لإخفاء إخفاقاتكم فهذا سلوك معيب وغير أخلاقي، وأقل ما نطالبكم به اليوم أن تتنحوا عن هذا الملف، فيا ليتكم تريحون البلاد والعباد».
ودعا إلى «الشروع فوراً بتطبيق القوانين كمؤشر عملي لجديتكم وتجاوبكم مع شروط المانحين، ولن نرضى بأقل من تعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان اليوم قبل الغد. وتعيين الهيئة الناظمة سريعاً وقبل تعديل القانون 462 الذي إن عُدّل سيفرغ تلك الهيئة من مضمونها وضوابطها».
وينضم هذا الهجوم إلى انتقاد واسع من قبل «القوات» لطريقة إدارة وزراء الطاقة المتعاقبين في العقد الماضي للملف. وردت البستاني على نواب «القوات»، قائلة: «سنتابع مع المعنيين من أجل التسريع في نشر أجوبة منشآت النفط... إن الناس الرازحين تحت الأزمة الاقتصادية يستحقون منا عرض الحلول لمشكلات الكهرباء وليس التضليل والافتراءات من أجل المكاسب السياسية. مهما كذبتم في ملف الكهرباء سنبقى لكم بالمرصاد، لأن فسادكم في المحروقات والغاز كبير وكبير، وسنردّ في مؤتمر صحافي يوم الجمعة المقبل لنخبر الناس بالحقيقة كاملة».
ورداً على البستاني، شن عضو «تكتل الجمهورية القوية» النائب أنطوان حبشي هجوماً عنيفاً على وزارة الطاقة ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل. وتوجه حبشي إلى البستاني عبر «تويتر»، قائلاً: «بأي صفة ستتابعين أجوبة منشآت النفط وغيرها؟ بينما تنصَلت من متابعة جدول تركيب الأسعار (في قطاع المحروقات) الذي يطال مصير 55 ألف عائلة بحجة عدم الصفة؟ هل ترمين المسؤولية على الوزير غجر (وزير الطاقة الجديد ريمون غجر) حيث يحلو لك؟ وتظهرينه الآن وزيراً صورياً؟ في واقع الحال تعودنا في هذه الوزارة على وزير أصيل (جبران باسيل) واحد ووزراء صوريين».
وقال حبشي مخاطباً البستاني: «لك منا اليوم جواب مفصل معزز بالمستندات (كما تعوّدنا) على محاولة تضليل الرأي العام. ونتمنى عليك للأمانة ولاحترام جمهورك نشره على وسائل إعلام تياركم كي تكون لديهم القدرة على الاطلاع. سوء في الإدارة، استهتار بعقول الناس وهدر للمال العام».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.