واصلت الجزائر الاستماع للفرقاء الليبيين قبل «الحوار الشامل» الذي قد يعقد هذا الشهر. وبينما جدد البرلمان الليبي تمسكه بشروط إلقاء السلاح والاعتراف بالمسار الديمقراطي قبل المصالحة، اتهم أنصار القذافي جماعة الإخوان الليبية بمحاولة إفشال المساعي الجزائرية للحوار بين الليبيين. وكشفت مصادر ليبية وجزائرية عن أن الجزائر تواصل عقد اللقاءات مع أطراف ليبية، كل على حدة، للاستماع إلى وجهة نظرها لحل الأزمة المستعرة في البلاد منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في كل من القاهرة وتونس والجزائر ومدينة طبرق الواقعة في شرق ليبيا، إن الجزائر وبعد أن تستمع إلى زعماء الفرقاء الليبيين ستعد لاجتماع تحضره جميع الأطراف لحل المشكلة الليبية، مشيرة إلى أن جماعة الإخوان أبدت تحفظات على مشاركة شخصيات محسوبة على نظام القذافي.
وتقود الجزائر منذ أسابيع عملية مصالحة بين الفرقاء الليبيين وينتظر بين لحظة وأخرى التقاء أهم الفاعلين على الساحة الليبية في العاصمة الجزائرية للجلوس على طاولة الحوار، لكن المصادر قالت: إن بعض الأطراف، خاصة جماعة الإخوان ورؤساء ميليشيات مسلحة ترفض حتى الآن ضم شخصيات ليبية في اللقاء الذي لم يحدد له موعد نهائي بعد، مع وجود ترجيحات بعقده في وقت ما قبل نهاية هذا الشهر، مشيرة إلى أن رفض الإخوان وميليشيات المتطرفين، ينصب على شخصيات بعينها، من بينها أحمد قذاف الدم ابن عم القذافي، وقادة عسكريون في الجيش الوطني الليبي، الذي يقود حربا ضد المتطرفين والميليشيات المسلحة منذ مطلع هذا العام. ويسعى الكثير من السياسيين الليبيين لوضع حد للفوضى الجارية في البلاد حتى لا تنهار الدولة الليبية، وأبدى البرلمان وعدة أحزاب وشخصيات سياسية إضافة لقذاف الدم نفسه، الاستعداد للتحاور وتجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة لإنقاذ ليبيا، بشرط ترك السلاح جانبا، والارتضاء بما يقرره الشعب الليبي بشكل سلمي وديمقراطي. ومن جانبه قال عز الدين عقيل، رئيس الائتلاف الجمهوري (وهو حزب ليبي تأسس بعد ثورة 17 فبراير 2011)، لـ«الشرق الأوسط» في العاصمة التونسية، إنه خرج من صفته الحزبية ليوظف معارفه في مجال إدارة الأزمات والتفاوض في الوصول إلى حل ينهي الأزمة الليبية. وتقوم مبادرته على اختزال موضوع الصراع الليبي المسلح في أقل عدد من الأشخاص يمثلون أهم الأطراف المتصارعة على الأرض ضمن خطة أطلق عليها «ترويكا فك الالتباس»، على أن تضم ما قال: إنها الأطراف الفاعلة الرئيسة على نحو 70 في المائة من الساحة الليبية، وهم القيادي الإخواني، علي الصلابي، ورئيس البرلمان الحالي، عقيلة صالح، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود عملية الكرامة ضد المتطرفين. لكن مصادر مقربة من «صالح» و«حفتر» في طبرق التي تنعقد فيها جلسات البرلمان، قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه لا علم لها بمثل هذه المبادرة، لكنها، على اتصال، كجسم شرعي يمثل ليبيا، مع كل من الجزائر ومصر والدول التي يمكن أن تساعد في بسط الاستقرار في ليبيا. وطرح مشروع المصالحة، وفقا لعقيل، 4 قضايا أساسية قال: إن الشخصيات الـ3 (الصلابي وصالح وحفتر) متفقة على إعطائها الأهمية القصوى، وهي الاتفاق على شرعية البرلمان الليبي الحالي ومركزية سلطته التشريعية على كل الليبيين، ووضع معايير وآليات ملزمة للفصل بين الثوار والمجموعات المتطرفة، وثالثا إحياء المنظومة الأمنية وتحكيم شرعية الدولة في كل الصراعات المسلحة وحالات العنف وأخيرا الاتفاق على آلية لإعادة هيكلة وبعث الجيش الليبي. وأشارت الوثيقة المتضمنة لمشروع المصالحة المشار إليه، إلى أن عدة عقبات وقفت ضد تنفيذ هذا المشرع من بينها الإشراك المبكر لرموز النظام السابق، وقضايا «الفبرايريين (نسبة إلى ثورة 17 فبراير)» و«السبتمبريين (نسبة إلى ثورة الأول من سبتمبر بقيادة القذافي)، وانعدام الثقة بين الطرفين، وإمكانية مطالبة أنصار القذافي بالكشف عن ملابسات قتل العقيد الراحل ومكان دفنه والحصول على رفاته، وكذلك المطالبة بمحاكمة رموز النظام السابق وفي المقابل مطالبة أنصار نظام القذافي بمحاكمة من أجرم في حق الليبيين بعد الثورة والتعويض عن ممتلكاتهم وقضايا المهجرين ومن يقبعون في السجون. ولتجاوز هذه العراقيل طرح مشروع المصالحة فكرة الدوائر المتحكمة في الوضع على الميدان، وضرورة الضغط على قادة تلك الدوائر على غرار المجموعة الليبية المقاتلة التي يقودها عبد الحكيم بلحاج، وحزب العدالة والبناء الذي يمثل تنظيم الإخوان، ومجلس شورى بنغازي الذي يمثل الثوار غير المتحزبين وتنظيم أنصار الشريعة للقبول بمشروع المصالحة، رغم أن البرلمان شدد أكثر من مرة على عدم الحوار مع كل من يحمل السلاح، وتأييده لعمليات الجيش ضد الجماعات المتطرفة بمن فيها مجلس شورى بنغازي وأنصار الشريعة، وغيرهما.
ومن جانبها قالت المصادر إن الجزائر على اتصال بكل الأطراف الليبية الراغبة في الحوار «ولديها الاستعداد للبرهنة على ذلك»، وأنه لهذا السبب تجري لقاءات مع رموز ليبية، كل على حدة، من جميع التوجهات، قبل الإعلان عن موعد للحوار الشامل بين كافة الفرقاء، بينما قال مصدر حكومي جزائري، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» بأن «الاتصالات مع الأطراف الليبية المعنية ما زالت متواصلة، بغرض عقد لقاء بالجزائر خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري»، من دون الكشف عن أسماء الليبيين الذين يجري التنسيق معهم.
وكانت الحكومة الجزائرية ذكرت في وقت سابق أن اللقاء سيعقد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن ذلك لم يتم. وأبدت بعض الأطراف، منها «حزب العدالة والبناء» الإسلامي، تحفظها على حضور رموز من النظام السابق اللقاء المرتقب، في وقت جرى فيه الحديث عن توجيه دعوة إلى أحمد قذاف الدم. وأكدت مصادر مقربة من قذاف الدم لـ«الشرق الأوسط» أن الرجل الذي يقيم في القاهرة منذ بداية ثورة فبراير 2011. تلقى دعوة بالفعل من الجزائر، ما تسبب في غضب محمد صوان رئيس حزب جماعة الإخوان الليبية.
ورد أنصار القذافي بالهجوم على جماعة الإخوان لهذا السبب، وقال أحد قادة النظام السابق إن «قبولنا للحوار الذي دعت له الجزائر يعد التزاما من جانبنا بقبول دعوة الأشقاء في الجزائر وفي المجتمع الدولي»، مشددا على ضرورة «التصرف بمسؤولية لإنقاذ ليبيا التي تتعرض للزوال على أيدي الإخوان والمتطرفين».
البرلمان الليبي يجدد تمسكه بشروط إلقاء السلاح والاعتراف بالمسار الديمقراطي قبل المصالحة
الجزائر تواصل الاستماع للفرقاء الليبيين قبل «الحوار الشامل».. وأنصار القذافي يتهمون الإخوان بمحاولة إفشاله
البرلمان الليبي يجدد تمسكه بشروط إلقاء السلاح والاعتراف بالمسار الديمقراطي قبل المصالحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة