هدنة تاريخية في أفغانستان... بدأت أمس بخفض العنف

استعداداً للتوقيع بالأحرف الأولى السبت المقبل ورحيل «كل» القوات الأجنبية

الحياة تعود إلى شوارع كابل مع إعلان الهدنة وخفض العنف (رويترز)
الحياة تعود إلى شوارع كابل مع إعلان الهدنة وخفض العنف (رويترز)
TT

هدنة تاريخية في أفغانستان... بدأت أمس بخفض العنف

الحياة تعود إلى شوارع كابل مع إعلان الهدنة وخفض العنف (رويترز)
الحياة تعود إلى شوارع كابل مع إعلان الهدنة وخفض العنف (رويترز)

«إنه صباح أول يوم يمكنني أن أخرج فيه بلا خوف من أن أُقتل بقنبلة أو بهجوم انتحاري... آمل أن يستمر ذلك دائماً»، هكذا عبر حبيب الله الذي يعمل سائق سيارة أجرة في العاصمة الأفغانية كابل، حيث دخلت الهدنة التدريجية في أفغانستان حيز التنفيذ في الساعات الأولى من يوم أمس (السبت)، وذلك قبل أسبوع من التوقيع رسمياً على اتفاق بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان» في 29 فبراير (شباط)، تتبعه مفاوضات أفغانية - أفغانية، على أمل أن تضع هذه الخطوات نهاية للحرب الدائرة من سنوات لهذا البلد الذي مزقته النزاعات المسلحة، وأن يفتح هذا الاتفاق أفقاً لسحب القوات الأميركية التي تقود منذ عام 2001 الحرب الأطول في تاريخها.
وكانت قد قدرت الأمم المتحدة أنه خلال العام الماضي وحده قتل نحو 3500 مدني وجرح 7 آلاف آخرون بسبب الحرب الدائرة بين الأطراف المتنازعة، كما جاء في تقرير المنظمة الدولية أمس (السبت)، في أول أيام الهدنة المؤقتة التاريخية بهذا البلد. وقال الممثل الخاص لبعثة الأمم المتحدة تداميشي ياماموتو: «تأثر جميع المدنيين في أفغانستان شخصياً بطريقة أو أخرى من العنف الجاري». وأضاف، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية: «من الضروري أن تستغل جميع الأطراف هذه الفرصة لإيقاف القتال، لأن السلام تأخر كثيراً. تجب حماية حياة الناس والانخراط في جهود السلام». وانخرطت الولايات المتحدة في محادثات مع «طالبان» منذ أكثر من عام حول هذا الاتفاق الذي يشمل سحب القوات الأميركية، مقابل ضمانات أمنية تقدمها «طالبان» وتعهدها بالتفاوض مع حكومة كابل. ويكشف تقرير بعثة الأمم المتحدة تقلباً كبيراً في مستوى العنف خلال عام 2019، تزامناً مع المد والجزر الذي شهدته المفاوضات.
ويعقد الأفغان آمالهم بتطبيق الهدنة لمدة أسبوع تمهد لتوقيع الاتفاق رسمياً بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان» في نهاية الشهر الجاري تضع حداً لـ19 عاماً من الحرب. لكن قيس حقجو وهو حداد في الثالثة والعشرين من العمر فقد بدا أقل تفاؤلاً. وقال في ورشته في العاصمة الأفغانية لوكالة الصحافة الفرنسية: «أعتقد أن الأميركيين يهربون ويفتحون الطريق لعودة (طالبان) وتوليهم الحكم، كما حدث في منتصف تسعينات» القرن الماضي. وأضاف أن «السلام لن يأتي أبداً إلى هذا البلد».
وتهدف هذه الهدنة الجزئية أو «خفض العنف» إلى إثبات حسن نية المتمردين قبل أن يوقعوا اتفاقاً تاريخياً مع واشنطن حول انسحاب تدريجي للقوات الأميركية من البلاد مقابل ضمانات أمنية.
وتريد واشنطن تجنب أن تصبح أفغانستان من جديد ملاذاً للمتطرفين. ويفترض أن يفضي الاتفاق أيضاً إلى بدء مفاوضات أفغانية تهدف إلى تقرير مستقبل البلاد، بينما كانت حركة «طالبان» قد رفضت طوال 18 عاماً التفاوض مع السلطة الحاكمة معتبرة أنها «دمية» تحركها واشنطن. الاتفاق بين الطرفين، يفترض أن يتم توقيعه بالأحرف الأولى السبت المقبل، شرط تراجع الهجمات على كل الأراضي الأفغانية، كما تشترط واشنطن مسبقاً.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو: «ما إن يتم تطبيقه (خفض العنف) بنجاح، حتى يسير الاتفاق بين الولايات المتحدة و(طالبان) قدماً». ويشير بومبيو إلى الوعد الذي قطعه الرئيس دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية في 2016 بسحب الجيش من هذا البلد الذي لم يعد الوجود الأميركي فيه يحظى بشعبية.
من جهته، صرح وزير الدفاع الأميركي مايك إسبر في تغريدة بأنه إذا لم تبرهن «طالبان» على «التزامها بخفض حقيقي للعنف»، فإن الولايات المتحدة «تبقى مستعدة للدفاع عن نفسها وعن شركائها الأفغان». وأكد بومبيو في بيان: «نستعد للتوقيع في 29 فبراير (شباط)»، بينما أفادت «طالبان» في بيان بأن الأطراف المتحاربة ستخلق «وضعاً أمنياً مناسباً»، مؤكدة أن الجانبين «اتفقا بعد مفاوضات طويلة توقيع الاتفاق الذي أنجز بحضور مراقبين دوليين».
من جهته، قال الرئيس أشرف غني إن «خطواتنا المقبلة بشأن عملية السلام ستعتمد على تقييم أسبوع خفض العنف... قوات الأمن الأفغانية ستبقى في وضع دفاع نشط خلال هذا الأسبوع».
ورحبت موسكو على الفور «بالحدث المهم» للسلام، بينما عبر حلف شمال الأطلسي عن ارتياحه لاتفاق يمهد الطريق إلى «سلام دائم»، لكن يبدو أن هناك خلافاً. فقد كتب المتحدث السياسي باسم «طالبان» سهيل شاهين في تغريدة، أن «الاتفاق» سيعني رحيل «كل» القوات الأجنبية من أفغانستان. وينتشر بين 12 و13 ألف عسكري أميركي في أفغانستان، حيث خاضت الولايات المتحدة أطول حرب في تاريخها. كما تنتشر قوات لدول أجنبية أخرى في هذا البلد. وصرح أحد أعضاء «طالبان» في إقليم مايوند بولاية قندهار (جنوب) لوكالة الصحافة الفرنسية: «تلقينا أوامر من قادتنا تطلب منا الاستعداد لخفض أعمال العنف بدءاً من السبت».
لكن حافظ سعيد هدايت القيادي الآخر في الحركة في قندهار، أكد لوكالة الصحافة الفرنسية أن خفض المعارك لن يطبق سوى «في المدن والطرق الرئيسية»، موضحاً أن «هذا يعني أن العنف قد يستمر في بعض الأقاليم» الريفية.
وطرد تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة حركة «طالبان» من السلطة بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وخاض المتمردون الذين كانوا يحكمون كابل منذ 1996 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2001، حملة متواصلة أودت بحياة أكثر من 2400 جندي أميركي وعشرات الآلاف من أفراد قوات الأمن الأفغانية. وأنفقت واشنطن أكثر من ألف مليار دولار في هذه الحرب التي قُتل فيها أكثر من 10 آلاف مدني أفغاني منذ 2009، حسب أرقام الأمم المتحدة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.