محققون أمميون: شعب جنوب السودان يتعرض لتجويع متعمد وترهيب

منظمات إنسانية تحذر من خطر انعدام الأمن الغذائي لأكثر من نصف السكان

صبية في إحدى قرى جنوب السودان يرعون أبقارهم حيث تبدو آثار الفقر المدقع (أ.ف.ب)
صبية في إحدى قرى جنوب السودان يرعون أبقارهم حيث تبدو آثار الفقر المدقع (أ.ف.ب)
TT

محققون أمميون: شعب جنوب السودان يتعرض لتجويع متعمد وترهيب

صبية في إحدى قرى جنوب السودان يرعون أبقارهم حيث تبدو آثار الفقر المدقع (أ.ف.ب)
صبية في إحدى قرى جنوب السودان يرعون أبقارهم حيث تبدو آثار الفقر المدقع (أ.ف.ب)

كشف محققون عينّهم مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن شعب جنوب السودان يتعرض لـ«تجويع متعمد» في أنحاء عديدة من البلاد لـ«أسباب عرقية وسياسية»، في ظل «انتهاكات رهيبة» لحقوق الإنسان، ومنها استمرار استخدام العنف الجنسي ضد النساء والرجال كسلاح في الحرب.
وحذرت ثلاث منظمات أممية من أن أكثر من نصف السكان في هذا البلد الواقع في وسط وشرق أفريقيا يمكن أن يعانوا انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الأشهر المقبلة.
ومنذ انفصالها عن السودان عام 2011، تغرق دولة جنوب السودان في حال من عدم الاستقرار والنزاعات المسلحة، حتى بعدما وقع الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه السابق ريك مشار اتفاق سلام جديدا عام 2018.
وأكد محققو لجنة حقوق الإنسان في جنوب السودان في تقرير نشروه في نيويورك أن «زعماء جنوب السودان المتحاربين غير مدركين المعاناة التي يعيشها المدنيون من جراء هذه الانتهاكات». وتحدثوا عن «انتهاكات رهيبة» لحقوق الناس في كل أنحاء البلاد، فيما يقترب الموعد النهائي الجديد لتوصل الأطراف المتحاربة إلى اتفاق بينها لتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد سنوات من النزاع المتواصل. وأوضح عضو اللجنة البروفسور أندرو كلافام أن «تدمير المحاصيل أو منع سبل الوصول إلى مياه الآبار (...) يمكن أن يشكل جريمة حرب متمثلة في المجاعة»، مشيراً إلى أن «الهدف هو تجويع السكان المدنيين». وأكد أن «طرفي النزاع قد قاما بهذه الأعمال»، متهماً إياهما باتباع سياسات «تجويع للسكان في ولايتي واو والوحدة». ورأى أن هذا التكتيك جزء من استراتيجية أوسع «لحرمان مجتمعات العدو من الموارد وبالتالي إجبارهم على الاستسلام»، فضلاً عن «الحرمان من الوصول للمساعدات الإنسانية والتشريد». ونبه إلى أن هذه الاتجاهات أدت إلى «تفاقم المجاعة بشكل كبير في أنحاء مختلفة من البلاد». وأورد أن «الإفلات المتواصل من العقاب وانعدام المساءلة» والفشل في التصدي للانتهاكات الماضية والحالية، «كان هو المسبب الرئيسي للعنف في جنوب السودان».

وقالت رئيسة اللجنة ياسمين سوكا إن مسؤولين رفيعي المستوى «استخدموا مناصبهم الرسمية للتأثير على القرارات المتعلقة بتخصيص موارد الدولة والمشتريات الرسمية، وقاموا بتحويل الأموال العامة لتحقيق مكاسب ومزايا شخصية لهم».
ووصف التقرير الذي سيقدم إلى مجلس حقوق الإنسان في 9 مارس (آذار) كيف يُسمح للجنود وأعضاء الميليشيات «بمكافأة أنفسهم» وذلك بتهجير المجتمعات بالقوة من أراضيهم الأصلية، فلا يجد الناس في هذه المجتمعات خياراً سوى الانضمام إلى أي من الفصائل العديدة المشاركة في النزاع. وأورد انتهاكات أخرى تشمل هجمات شنتها قوات موالية للحكومة وللمعارضة على حد سواء، في قرى غرب بحر الغزال والوحدة وجونقلي، مما أدى إلى نزوح السكان «بمعدلات تنذر بالخطر». ووثق «حملات عسكرية عنيفة واسعة النطاق» في ولايات واراب وغرب بحر الغزال والوحدة، قامت بها القوات الحكومية التي «جندت الرجال والفتيان بالقوة أيضا، مثلما فعلت الميليشيات المعارضة».
وحذر التقرير، وهو الرابع للجنة، من أن «العنف الجنسي المرتبط بالنزاع لا يزال واسع الانتشار ومتفشيا» في الحرب الدائرة في جنوب السودان، موضحاً أيضاً أن هذه الممارسة تتبع «نمطاً معروفاً من الإرهاب والقهر يستخدم كتكتيك للحرب» بحيث تصبح البيئة «غير آمنة ومميتة». ولفت إلى أن «آليات العدالة والمساءلة عن الانتهاكات الجنسية لا تزال ضعيفة (...) لذلك يظل إنكار الجناة لانتهاكاتهم، والوصم الذي يلحق بالضحايا، من التحديات الرئيسية التي تواجه تحقيق العدالة أو المساءلة في جنوب السودان». ووصف «حالات الفساد الهائل» التي يرتكبها كبار المسؤولين الحكوميين - الذين حصلوا على «ملايين الدولارات» من الهيئة الوطنية للإيرادات - مما يرقى أيضا إلى «جرائم اقتصادية».
وأفاد التقرير بأنه «حتى اليوم، لا يزال هناك أكثر من 1.4 مليون مدني مشردين داخلياً في البلاد»، موضحاً أن هؤلاء المدنيين «يقيمون في مخيمات غير صالحة لتلبية حاجاتهم الأساسية، ويعيشون على المساعدات الإنسانية المتناقصة». بالإضافة إلى ذلك، أدى النزاع إلى وصول عدد اللاجئين وطالبي اللجوء من جنوب السودان إلى نحو 2.2 مليوني شخص.
وأوصت اللجنة بضرورة التوصل إلى «اتفاق حول عدد وحدود الولايات»؛ مما سيسمح بتوزيع عادل للسلطة في جميع أنحاء البلاد، إذ إن ذلك «أحد العناصر الرئيسية لضمان سلام دائم».
من ناحية أخرى، حذرت منظمة الأغذية والزراعة وصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» وبرنامج الأغذية العالمي من أن زهاء 6.5 ملايين شخص في جنوب السودان «سيعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد في ذروة موسم الجوع» بين مايو (أيار) ويوليو (تموز)، موضحة أن الوضع مقلق بشكل خاص في المناطق الأكثر تضرراً من فيضانات عام 2019، حيث تدهور الأمن الغذائي بشكل كبير منذ يونيو (حزيران) الماضي.
وتفيد التقديرات بأن 5.29 مليون شخص (45.2 في المائة من السكان) في فترة الدراسة في يناير (كانون الثاني) 2020 واجهوا أزمة (المرحلة 3) أو ما هو أسوأ من مراحل انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم 1.11 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد في حالات الطوارئ (المرحلة 4). وجرى تصنيف نحو 40 ألف شخص في (المرحلة 5) من انعدام الأمن الغذائي في مقاطعات ثلاث في ولاية جونقلي.



قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)
كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)
TT

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)
كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)

اتفقت دول العالم بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ، وفقاً لاتفاق صعب تم التوصل إليه في قمة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب29) في باكو بأذربيجان.

ومن المزمع أن يحل الهدف الجديد محل تعهدات سابقة من الدول المتقدمة بتقديم تمويل مناخي بقيمة 100 مليار دولار سنوياً للدول الفقيرة بحلول عام 2020. وتم تحقيق الهدف في 2022 بعد عامين من موعده وينتهي سريانه في 2025.

واتفقت الدول أيضاً على قواعد سوق عالمية لشراء وبيع أرصدة الكربون التي يقول المؤيدون إنها ستؤدي إلى استثمارات بمليارات الدولارات في مشروعات جديدة داعمة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

وكان من المقرر اختتام القمة أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي مع سعي مفاوضين من نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية في العقد القادم.

ورفضت الدول النامية أمس الجمعة اقتراحاً صاغته أذربيجان التي تستضيف المؤتمر لاتفاق ينص على تمويل قيمته 250 مليار دولار، ووصفته تلك الدول بأنه قليل بشكل مهين. وتعاني الدول النامية من خسائر مادية هائلة نتيجة العواصف والفيضانات والجفاف، وهي ظواهر ناجمة عن تغير المناخ.

وكشفت محادثات كوب29 عن الانقسامات بين الحكومات الغنية المقيدة بموازنات محلية صارمة وبين الدول النامية، كما جعلت الإخفاقات السابقة في الوفاء بالتزامات التمويل المناخي الدول النامية متشككة في الوعود الجديدة.

وبعد إعلان الاتفاق، أشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي، وقال المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ «عملنا بجدّ معكم جميعا لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار ثلاث مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من جهته، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق، حاضاً الدول على اعتباره «أساساً» يمكن البناء عليه.

وقال غوتيريش في بيان «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساسا لمواصلة البناء عليه».