حفتر يتعهد باستكمال «تحرير» طرابلس إذا فشلت محادثات جنيف

قال إنه مستعد لوقف إطلاق النار شريطة انسحاب «المرتزقة السوريين والأتراك»

TT

حفتر يتعهد باستكمال «تحرير» طرابلس إذا فشلت محادثات جنيف

استبق المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، نتائج المحادثات العسكرية غير المباشرة التي استؤنفت، أمس، في مدينة جنيف السويسرية، مع حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، حول وقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس، بالتعهد باستكمال عملية «تحرير» العاصمة، إذا ما فشلت هذه المحادثات، التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة.
وقال حفتر، في تصريحات لوسائل إعلام روسية، إنه سيكون مستعداً لوقف إطلاق النار في حال انسحاب «المرتزقة السوريين والأتراك» من البلاد، وتوقف تركيا عن مدّ حكومة السراج في طرابلس بالسلاح، معتبراً أن أي وقف لإطلاق النار «سيكون معلقاً على مدى تنفيذ عدة شروط، وهي طرد (المرتزقة) السوريين والأتراك، ووقف إمدادات السلاح التركية لطرابلس، وتصفية الجماعات الإرهابية» في طرابلس. كما تعهد حفتر بمواجهة من وصفهم بـ«الغزاة الأتراك»، بقوله: «في حال لم تتوصل مفاوضات جنيف إلى إرساء السلام والأمن في البلاد، ولم يعد المرتزقة من حيث أتوا، فإن القوات المسلحة ستقوم حينذاك بواجبها الدستوري للدفاع عن البلاد من الغزاة الأتراك - العثمانيين»، مضيفاً أن قوات الجيش تحتفظ دائماً بحق الرد على الخروقات المتكررة لوقف إطلاق النار، واعتبر أن حادث قصف ميناء طرابلس البحري، «لا علاقة له بوجود وزير خارجية الجزائر أو حوار اللجنة العسكرية، بل مرتبط بهذه الخروقات، والحق في الرد عليها».
في غضون ذلك، وطبقاً لما أعلنه ريال لوبلان، المتحدث باسم الأمم المتحدة، للصحافيين في جنيف، فقد استمرت أمس في جنيف مفاوضات طرفي الصراع في ليبيا حول وقف دائم لإطلاق النار، الذي اعتبر رئيس البعثة الأممية غسان سلامة، أن تطبيقه «مهمة صعبة جداً، لكنها ليست مستحيلة».
وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد قال سلامة، الذي يتفاوض مع الوفدين، «المفاوضات التي يشارك فيها قائدان عسكريان رفيعان هي مفاوضات تقنية، لكنها حيوية»، مشدداً على أهمية نجاحها.
وكشف سلامة أنه أبلغ السراج هاتفياً أنه يتفهم أن تعليق مشاركة حكومته في المفاوضات «يأتي انسجاماً مع الرأي العام»، لكنه أوضح أنه «متى تم التعبير عن الاستياء، يجب عدم إضاعة الوقت الثمين الذي نمضيه في جنيف»، مبرزاً أن عدم الاستفادة من الزخم الدولي الحالي، الذي أوجده مؤتمر برلين الشهر الماضي، والذي أعقبه تبني قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، سيكون بالنسبة إليه «خطيئة مميتة». لكنه أعرب في المقابل عن «ارتياحه» لتبني القرار الداعي إلى تعزيز الهدنة الهشة، التي تم التوصل إليها في جنوب طرابلس، بعد انتظار دام شهوراً. وأضاف سلامة، الذي سيلتقي السراج، الاثنين المقبل، في جنيف، أنه «على العكس من المفاوضات المباشرة التي أجريت على المستوى العسكري، فإن المفاوضات السياسية أشبه بطاولة مستديرة، يدلي فيها كل طرف بموقفه».
وسيضم الحوار السياسي المرتقب في جنيف، أيضاً، ممثلين عن المعسكرين الليبيين، إضافة إلى شخصيات ستشارك بدعوة من سلامة.
كانت حكومة السراج قد علقت مشاركتها في محادثات جنيف العسكرية المشتركة، بعد قصف ميناء طرابلس البحري، واختتمت اللجنة العسكرية المشتركة الليبية (5+5) جولتها الأولى في جنيف مطلع الشهر الحالي، دون تحقيق أي نتيجة، علماً بأنها تضم خمسة عسكريين من قوات الجيش، ومثلهم من قوات حكومة السراج للاتفاق على تثبيت وقف إطلاق النار في طرابلس، وغرب ليبيا.
وعلى الرغم من انطلاق محادثات جنيف، فقد تحدثت القوات التابعة لحكومة السراج عن تحشيدات لقوات الجيش الوطني في عدة مدن، قرب العاصمة طرابلس، حيث قالت غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية، الموالية للحكومة، في بيان لها مساء أول من أمس، إنها رصدت حشد وتحرك هذه القوات في قاعدة الوطية والعجيلات وصبراتة وصرمان، وهو يبرهن، حسبها، على استمرار مخططها لاقتحام العاصمة.
وبعدما دعت سكان هذه المدن إلى التعاون معها وطرد قوات الجيش، أشارت الغرفة إلى أن قواتها على استعداد تام للقضاء على ما وصفته بهذه العصابات إذا تفاقم الخطر.
في المقابل، أعلن المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع للجيش الوطني، في بيان مقتضب، اعتقال 13 من عناصر الميلشيات المسلحة في محاور طرابلس، من بينهم مرتزقة بعثتهم تركيا، من دون الكشف عن المزيد من التفاصيل.
وطبقاً لما أعلنته المؤسسة الوطنية للنفط، فقد تسبب سقوط قذائف عشوائية مساء أول من أمس في احتراق مستودع للنفط والغاز بطريق المطار جنوب العاصمة طرابلس، دون أن يخلّف أي خسائر في الأرواح البشرية. في شأن آخر، أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رئيسي مجلسي النواب والشيوخ، في رسالة رسمية، تمديد حالة الطوارئ المعلنة بشأن ليبيا لمدة عام إضافي، اعتباراً من الثلاثاء المقبل. وقال ترمب في نص الرسالة، التي نشرها الموقع الإلكتروني الرسمي للبيت الأبيض، إن الليبيين «يواجهون عدم الاستقرار... وهناك خطر كبير للنزاع الأهلي في ليبيا حتى يحل الليبيون انقساماتهم السياسية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».