أعلنت الصين، أمس، عن تسجيل أكثر من 15 ألف إصابة إضافية بفيروس كورونا الجديد، وهو رقم قياسي بررته بطريقة جديدة في تحديد الحالات؛ ما يرفع إجمالي الحالات إلى أكثر من 60 ألفاً.
كما أوضحت اللجنة الوطنية للصحة، أنها سجلت 254 وفاة إضافية لترتفع حصيلة الضحايا الإجمالية إلى 1367، وهي أعلى حصيلة تسجل خلال 24 ساعة منذ ظهور الفيروس في ديسمبر (كانون الأول) في مدينة ووهان.
ماذا تعني القفزة الكبيرة في الإصابات؟
يعود هذا الارتفاع إلى طريقة جديدة في تحديد الإصابات؛ إذ باتت السلطات الصينية تحتسب الحالات «المشخصة سريرياً»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. بمعنى آخر، فإن صورة شعاعية للرئتين باتت تعتبر كافية لتشخيص الفيروس، في حين كان لا بد حتى الآن من إجراء فحص الحمض النووي.
وقال مايك ريان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية، أمس، إن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا، الذي أطلقت عليه المنظمة اسم «كوفيد - 19»، لا تتزايد بقوة خارج الصين سوى في سفينة سياحية موضوعة حالياً تحت الحجر الصحي في ميناء ياباني.
وأضاف في إفادة صحافية في جنيف: «بخلاف الحالات على سفينة (دايموند برنسيس) السياحية، لا نرى تزايداً قوياً في عدد الحالات خارج الصين». وتم الإبلاغ عن 44 حالة إصابة إضافية على متن «دايموند برنسيس»؛ ما رفع العدد لإجمالي إلى 219. وقال ريان، إن المنظمة تتوقع وصول باقي الفريق الخاص التابع لها إلى الصين مطلع الأسبوع المقبل، للتحقيق في بؤرة تفشي فيروس كورونا.
من جهته، صرّح كنتارو أيواتا، الأستاذ في جامعة كوبي في اليابان والخبير في الأمراض المعدية: «تعزو السلطات الأسلوب الجديد إلى عزمها على تأمين علاج للمرضى في أسرع وقت ممكن، وهو حل منطقي». ويؤيد يون جيانغ، الاختصاصي في ملف الصين في الجامعة الوطنية الأسترالية، هذا الرأي، ويعدّ أن الأسلوب الجديد «إجراء عملي». وأضاف: «لا أعتقد أنه تم التلاعب بالأرقام لأهداف سياسية، لكنها ربما غير دقيقة جداً».
غربلة سياسية في الصين
نتيجةً للتشخيص الجديد، أقالت بكين المسؤول الكبير في الحزب الشيوعي الصيني في إقليم هوباي جيانغ شاوليانغ من منصبه، وخلفه رئيس بلدية شنغهاي ينغ يونغ المقرب من الرئيس شي جينبينغ. كما أُقيل المسؤول الشيوعي الرئيسي في ووهان، ما غوكيانغ.
وهذه الإقالات ليست مستغربة بسبب غضب الرأي العام الكبير. ويتهم قسم كبير من المواطنين منذ أسابيع السلطات المحلية بالتأخر في التحرك بعد تشخيص أولى الحالات. وتحول هذا الاستياء إلى غضب عارم، بعدما توفي الجمعة لي وينليانغ (34 عاماً) طبيب كان أول من حذر من ظهور الفيروس، ووبّخته الشرطة لترويجه «إشاعات». وسرعان ما أصيب هو نفسه بالفيروس.
والأرقام المعلنة أمس تختلف تماماً عن تلك التي نُشرت الأربعاء. وكانت الصين أشارت إلى أدنى عدد إصابات جديدة منذ نحو أسبوعين. وأبدى الرئيس الصيني مطلع الأسبوع تفاؤلاً حذراً، مشيراً إلى «التطور الإيجابي» للوضع.
لكن منظمة الصحة العالمية أبدت حذراً أكبر في جنيف. وقال راين: «أعتقد أنه من المبكر جداً اليوم التكهن بأننا في بداية أو وسط أو نهاية تفشي الوباء». كما طالبت المنظّمة أمس الصين بـ«وضوح أكبر» بشأن التحديثات الأخيرة لتعريفها لحالة العدوى.
اليابان تسجّل أول وفاة
رغم الانتشار الكبير للفيروس، فإن 99.9 في المائة من الوفيات التي سُجلت في العالم كانت في الصين، وتركّزت بشكل أساسي في إقليم هوباي.
وخارج الصين القارية، أدّى الفيروس إلى وفاة 3 أشخاص في كل من هونغ كونغ، والفيليبين، واليابان. وأعلن وزير الصحة الياباني كاتسونوبو كاتو، أمس، أن المرأة أصبحت أول مصاب بفيروس كورونا الجديد يتوفى في اليابان، لكنه أكد أنه من غير الواضح ما إذا كان الفيروس هو السبب في وفاتها.
{لعنة السفن}
تصدّرت أخبار السفن السياحية، العالقة في عرض البحر بسبب «لعنة كورونا»، الأخبار العالمية في الأيام الماضية. إلا أن خبراً سارّاً كسر قصص مآسي ركابها أمس، بعدما وافقت كمبوديا على رسو سفينة «ويستردام» السياحية الأميركية أمس؛ ما سيسمح لركابها من النزول. وكانت السفينة عالقة في عرض البحر لأكثر من عشرة أيام بعد أن رفضت موانئ آسيوية السماح لها بالرسو خشية الوباء. وتقول الشركة المشغلة، إنه لم يتم رصد أي إصابة على السفينة.
إلا أن المأساة الإنسانية مستمرة على متن سفينة «دايموند برنسيس» قبالة اليابان، التي تعلن كل يوم عن ارتفاع الإصابات على متنها. وفُرض الحجر الصحي منذ تسجيل أول إصابة على متن السفينة الراسية قرب يوكوهاما. وأُعلن أمس عن تشخيص 44 حالة جديدة، ليرتفع عدد المصابين إلى 218 شخصاً. لكن السلطات قالت إن بعض المسنّين سيسمح لهم أخيراً بمغادرتها اليوم (الجمعة).
عزل عشرات الآلاف في فيتنام
وفي فيتنام، قال مسؤولان محليان لوكالة «رويترز»، أمس، إن السلطات فرضت حجراً صحياً على تجمع سكني ريفي يقطنه نحو عشرة آلاف نسمة قرب العاصمة هانوي لمدة عشرين يوماً، بسبب مخاوف من تفشي فيروس كورونا الجديد هناك.
وتم رصد 11 حالة إصابة بالفيروس، من بين 16 في أنحاء فيتنام، في قرية «سون لوي» التي تبعد نحو 44 كيلومتراً عن هانوي، بينهم رضيع عمره ثلاثة أشهر.
جهود أوروبية منسّقة
شدد وزراء الصحة الأوروبيون، أمس في بروكسل، على ضرورة تحسين تنسيق إجراءاتهم في مواجهة «كوفيد - 19»، خصوصاً مع إمكان حصول مشاكل في إمدادات الأدوية وتجهيزات الحماية المستوردة من الصين.
وفي مواجهة الوباء اعتمد كل عضو من الاتحاد الأوروبي إجراءاته الخاصة في مجال الحجر الصحي والضوابط على المسافرين ونصائح السفر. لكن في اتحاد تعدّ فيه حرية التنقل أساسية، اعتبرت الدول الـ27 أنه من الضروري «تعزيز التنسيق القائم أساساً» فيما بينها؛ بهدف «تحسين فاعلية» الإجراءات الوطنية بحسب مسودة النتائج التي نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت وزيرة الصحة الفرنسية، انيس بوزين، عند وصولها إلى هذا الاجتماع الطارئ: «نحن في حاجة إلى المضي أبعد من ذلك، وتنسيق الإجراءات وتحليل الحالات ومخزونات الوقاية»، مضيفة أنه من «المهم جداً أن نتمكن من التحدث بصوت واحد». وأشارت الوزيرة إلى أن «هذه الأزمة» يمكن أن «تستمر أشهراً عدة»، وعبّرت عن تخوفها من حصول «تداعيات» مرتبطة بتوفر معدات الوقاية (قفازات، كمامات) على الطواقم الطبية. وأضافت في هذا الصدد، أن «أغلب مصنّعي المعدات (الوقاية) موجودون في الصين، وقد نفد مخزونهم»، وتحدّثت عن توحيد عمليات الشراء على مستوى أوروبي.
ودعا المفوض الأوروبي إلى «تدابير متناسبة» بخصوص احتمال تعزيز الرقابة. وبحسب مسوّدة نتائج الاجتماع، فإن المفوضية ستكلّف من قبل الدول الأعضاء «تسهيل الحصول بشكل ضروري على تجهيزات الوقاية الفردية بهدف خفض النقص المحتمل إلى الحد الأدنى».
وقالت المفوضة الأوروبية المكلفة الشؤون الصحية، ستيلا كرياكيدس، إن «الفيروس لا يعرف حدوداً، ولقد آن الأوان للاتحاد الأوروبي لمواجهة هذا التحدي بطريقة منسقة وموحدة». وعدّ وزير الصحة الألماني ينس سبان أنه «لا يمكن استبعاد أن يصبح هذا الوباء المحدود إقليمياً، وباءً عالمياً»، في حين لم يستبعد نظيره التشيكي آدم فويتش احتمال فرض قيود في المستقبل على حرية التنقل في فضاء شنغن. وأكد المفوض المكلف إدارة الأزمات يانس ليناريتش الذي يشارك أيضاً في الاجتماع، أن «عدد الحالات في أوروبا لا يزال محدوداً»، مضيفاً أن «الخطر محدود، لكنه قائم، ويمكن أن يزيد، وبالتالي يجب أن نكون جاهزين لمثل هذا السيناريو».
ويبحث المسؤولون الأوروبيون أيضاً سبل منع تأثير الوباء على إمدادات الأدوية في أوروبا. والصين هي المنتج الرئيسي للمواد التي تدخل في تركيبة الدواء.