بطولة أوروبا «الموسعة» بين تهديد الانبعاثات الكربونية وشركات الرعاية سيئة السمعة

مع اقتراب موعد «يورو 2020» بدأت الانتقادات للمسافات الطويلة التي ستقطعها المنتخبات والجماهير عبر 12 دولة

كأس أمم أوروبا 2020 سيقام للمرة الأولى عبر 12 دولة بالقارة العجوز (أ.ف.ب)
كأس أمم أوروبا 2020 سيقام للمرة الأولى عبر 12 دولة بالقارة العجوز (أ.ف.ب)
TT

بطولة أوروبا «الموسعة» بين تهديد الانبعاثات الكربونية وشركات الرعاية سيئة السمعة

كأس أمم أوروبا 2020 سيقام للمرة الأولى عبر 12 دولة بالقارة العجوز (أ.ف.ب)
كأس أمم أوروبا 2020 سيقام للمرة الأولى عبر 12 دولة بالقارة العجوز (أ.ف.ب)

ستقام نهائيات كأس أوروبا لكرة القدم 2020 على امتداد 12 بلداً مختلفاً في القارة العجوز في سابقة تاريخية، ما سيتسبب بانبعاثات كثيفة نتيجة آلاف الكيلومترات التي سيقطعها المشجعون والمنتخبات خلال شهر كامل.
وكان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) أعلن عام 2012، حين كان لا يزال برئاسة الفرنسي ميشال بلاتيني، منح حق الاستضافة لـ12 دولة احتفالاً بالذكرى الستين للبطولة، فيما توعد المنظمون الحاليون بأن تكون البطولة هي الأكثر صداقة للبيئة على الإطلاق.
إلا أنه إذا نظرنا إلى الوقائع، نجد أنه سيكون من الصعب الالتزام بهذا الوعد، مع استمرار اليويفا في التعامل مع رعاة من أصحاب السجل غير نظيف مع البيئة، أمثال شركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات وشركة النفط الأذربيجانية الحكومية «سوكار» وغيرها.
وبقيت فولكسفاغن راعياً رسمياً أساسياً في بطولاته الدولية منذ عام 2017، رغم الفضيحة التي ظهرت للعلن عام 2015 عندما اعترفت بالغش في الاختبارات الخاصة بالانبعاثات من سياراتها التي تستخدم مادة الديزل. ومع أضرار الجماهير والفرق للسفر آلاف الأميال البطولة في 12 بلدا مختلفا على امتداد القارة، سيكون التهديد أكبر بانبعاثات كربونية أعلى.
فعلى سبيل المثال، سيتحتم على الجماهير البولندية السفر أكثر من 6 آلاف كيلومتر في غضون عشرة أيام لمتابعة مباريات دور المجموعات، حيث تلعب بولندا، التي أوقعتها القرعة في المجموعة الخامسة إلى جانب إسبانيا، السويد ومنتخب سيتأهل عن الملحق، مبارياتها في دابلن ومن ثم بلباو الإسبانية قبل العودة إلى العاصمة الآيرلندية.
كما ستقام بعض المباريات في باكو عاصمة أذربيجان في أقصى شرق أوروبا على بعد ما يقارب 5 آلاف كيلومتر من لندن التي تستضيف مباراتي نصف النهائي والمباراة النهائية في ملعب «ويمبلي».
على عكس نسخة 2016 التي أقيمت في فرنسا، والنسخة المقبلة التي تستضيفها ألمانيا عام 2024، حيث المسافات قصيرة كفاية للتنقل بسهولة عبر القطار.
وقالت الفرنسية كاريما ديلي، العضو في أحد الأحزاب الفرنسية المدافعة عن البيئة ورئيسة لجنة النقل والسياحة في الاتحاد الأوروبي،: «هذا هراء كامل من وجهة نظر بيئية. يقولون إن النظام الجديد من شأنه أن يظهر وحدة أوروبا، لكنهم ينسون أن هناك حالة طوارئ مناخية».
إلا أن يويفا يؤكد أنه أخذ «حالة الطوارئ» هذه بعين الاعتبار مؤكدا أنه «يأخذ الخطوات لضمان أن تكون كأس أوروبا 2020 أكثر البطولات وعيا تجاه البيئة حتى الآن».
بفضل نظام البطولة المعتمد، سيخوض بعض المنتخبات الكبرى كإنجلترا، وألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا وهولندا، «المعروف أن جماهيرها تسافر بعشرات الآلاف في البطولات الدولية الكبرى»، جميع مبارياتها في دور المجموعات على أرضها.
وقال مسؤول في يويفا إن هذا الأمر سيقلل بنسبة كبيرة من انبعاثات الكربون في البطولة.
إلى ذلك، ملعب «بوشكاش أرينا» في العاصمة المجرية بودابست هو الوحيد الذي تم بناؤه من أجل البطولة، حيث يعتبر يويفا أن هذا الأمر وفّر «تكلفة بيئية ضخمة في مجال الطاقة، الخرسانة وغيرها من الموارد»، في حين تم بناء أربعة ملاعب في فرنسا قبيل يورو 2016.
هذا ويعتبر أندرو ويلفلي، باحث في مركز تيندال لأبحاث التغير المناخي في جامعة مانشستر، أن البناء هو «المسبب الرئيسي للتلوث في البطولات الكبرى»، ما يعني أن هناك «فارقا كبيرا» بين الانبعاثات التي سيسببها يورو 2020 وكأس العالم 2022 في قطر على سبيل المثال، حيث يتم بناء الملاعب الثمانية جميعها في الدولة الخليجية من نقطة الصفر أو تخضع لإعادة ترميم.
ويشير ويلفلي إلى أن الانبعاثات الناتجة عن الجماهير المسافرة هي «أصعب ما يمكن تحديده بالكمية. إذ ستستند التقديرات على الكثير من الفرضيات المختلفة التي ستكون بحد ذاتها واقعية إلى حد ما».
وأشار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم إلى أن الجماهير والفرق ستنتج ما يقارب 425 ألف طن من انبعاثات الكربون طيلة فترة البطولة، مقارنة بـ517 ألف طن خلال كأس أوروبا 2016 في فرنسا.
هذا وأفادت تقارير صادرة عن منظمي كأس العالم 2018 التي أقيمت على امتداد 11 مدينة في روسيا بمشاركة 32 منتخبا (بدلا من 24 في اليورو)، بأن كمية الانبعاثات بلغت ما يقارب 1.5 مليون طن. لتعويض كل ذلك، يتعهد «يويفا» بالاستثمار في «مشاريع لخفض الانبعاثات»، ويزعم زراعة 50 ألف شجرة في كل مدينة مضيفة من أجل «ترك إرث دائم». إلا أن ذلك لا يقنع الخبراء.
إذ يعتبر ويلفلي أن «زراعة الأشجار أمر جيد، ولكن زراعة الأشجار ومن ثم الرحيل لا يحل المشكلة. في نهاية المطاف فإن ذلك لن يغير من كمية الانبعاثات الناتجة خلال البطولة».
كما يسعى الاتحاد الأوروبي لخفض الانبعاثات من خلال الإتاحة للجماهير استخدام وسائل النقل العام مجاناً في أيام المباريات وإعادة تدوير المزيد من النفايات. ورغم كل تلك الخطوات، فإن الهاجس الأكبر الذي يقف في وجه البيئة هو توسيع البطولات الكبرى بعد أن بات 24 منتخبا يشارك في كأس أوروبا بدلاً من 16، في حين سيرتفع العدد في المونديال إلى 48 بدلا من 32.
وعلّق ويلفلي: «إذا ما أصبح التغير المناخي أولوية، هناك العديد من السبل لتنظيم هذه البطولات بطريقة مختلفة. لماذا لا يتم اختيار البلد المضيف على أساس مسألة النقل؟ ربما بإمكانهم خفض عدد المباريات». واعترف رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم السلوفيني ألكسندر تشيفرين في سبتمبر (أيلول) الماضي بأن كرة القدم «لم تفعل الكثير من أجل البيئة».
مع وجود رعاة أمثال شركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات وشركة النفط الأذربيجانية الحكومية «سوكار»، يبدو منظمو كأس أوروبا 2020 مصممين على التعامل مع شركات ذات سجل غير نظيف رغم تصريحاتهم المتكررة عن تنظيم بطولة صديقة للبيئة.
وبقيت فولكسفاغن راعيا رسميا أساسيا ليويفا في بطولاته الدولية منذ عام 2017، رغم الفضيحة التي ظهرت للعلن عام 2015 عندما اعترفت بالغش في الاختبارات الخاصة بالانبعاثات من سياراتها التي تستخدم مادة الديزل.
إضافة إلى ذلك، لا تزال شركة «غازبروم» الروسية الحكومية المختصة بإنتاج واستخراج الغاز الطبيعي راعيا أساسيا في دوري أبطال أوروبا منذ عام 2012، وهي بطولة تنضوي تحت الاتحاد الأوروبي. ويقول النقاد إن الشركة الرائدة السوفياتية سابقا لا تستخرج فقط الهيدروكربون بطريقة غير مستدامة وتُلوث البيئة، بل تموّل أنظمة متهمة بالتعدي على حقوق الإنسان، وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على شركة «سوكار» الأذربيجانية التي أنفقت نحو 850 مليون دولار على ملعب العاصمة باكو.
وفي الوقت الذي خسر فيه الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) العديد من الرعاة بسب فضائح الفساد التي شوهت سمعته حين كان تحت إشراف السويسري جوزيف بلاتر، قد يجد الاتحاد الأوروبي للعبة نفسه في موقع مماثل. إلا أن سيباستيان شيابيرو، مدير شركة «سبونسوريز» للنصائح الاستشارية التي تتخذ من جنيف السويسرية مقرا لها، يعتقد أن يويفا ليس في خطر، وقال: «لدى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم العديد من الأطراف التي ترغب في التعاون معه».
تبقى القيمة الإجمالية لهذه العقود سرية، لكن الإعلام يقدرها بعشرات ملايين الدولارات. فقد حصد يويفا على 483 مليون يورو (527 مليون دولار) من إيرادات الحقوق التجارية في كأس أوروبا 2016 التي أقيمت في فرنسا.


مقالات ذات صلة

بلجيكا تُقيل مدربها تيديسكو

رياضة عالمية دومينيكو تيديسكو (أ.ف.ب)

بلجيكا تُقيل مدربها تيديسكو

ذكرت وسائل إعلام محلية، الجمعة، أن بلجيكا أقالت مدربها دومينيكو تيديسكو بعد سلسلة من النتائج المخيبة في الأشهر الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
رياضة عالمية أنطونيو كونتي (رويترز)

كونتي: الصفقات الجديدة وراء انتصارات نابولي المتتالية

أشاد أنطونيو كونتي مدرب نابولي بتأثير الثنائي سكوت مكتوميناي وروميلو لوكاكو في موسمهما الأول مع النادي، بعد الفوز 2-صفر على هيلاس فيرونا.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية سيرغيو كونسيساو (رويترز)

الدوري الإيطالي: «تركيبة ميلان الجديدة» تخوض اختباراً أمام كالياري

لم يمر على وصول المدرب البرتغالي، سيرغيو كونسيساو، سوى أسبوع واحد حتى منح ميلان لقبه الأول منذ ثلاث سنوات، لكنه سيكون أمام تحدٍ أكثر صعوبة بإعادة «روسونيري».

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية جمال موسيالا (إ.ب.أ)

شكوك حول مشاركة موسيالا في مواجهة مونشنغلادباخ

تحوم الشكوك حول مشاركة الجناح الدولي جمال موسيالا في مواجهة فريقه، بايرن ميونيخ، ومستضيفه بوروسيا مونشنغلادباخ، السبت، في المرحلة الـ16 من الدوري الألماني.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ )
رياضة عالمية لوثار ماتيوس (رويترز)

ماتيوس: ينبغي منح كيميتش شارة قيادة بايرن لإقناعه بالتجديد

قال لوثار ماتيوس، أسطورة فريق بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم السابق، إنه ينبغي أن يتم منح جوشوا كيميتش شارة قيادة الفريق من أجل إقناعه بتجديد عقده.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)
TT

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)

قال الإسباني خيسوس كاساس، مدرب العراق، إنه سيحلل الأخطاء التي أدت لهزيمة فريقه 2 - صفر أمام البحرين، اليوم الأربعاء، ضمن الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثانية ببطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) بالكويت، استعداداً لمواجهة السعودية.

وقال كاساس، في المؤتمر الصحافي عقب المباراة: «مباراة السعودية لن تكون سهلة على الإطلاق. سنحاول تحليل أخطائنا وإيجاد أكبر عدد من اللاعبين اللائقين بدنياً للعب المباراة وسنفعل كل ما يجب علينا فعله، لكن بكل حال، لن تكون المباراة سهلة».

وأكد أن مواجهة البحرين «لم تكن سهلة ولا بد أن نهنئ البحرين على الفوز والتأهل».

وأضاف: «ظهر علينا الإرهاق وغياب بعض اللاعبين أثر علينا».

وأكد أنه فضّل اليوم الدفع بلاعبين يتمتعون بالحيوية وليسوا مرهقين نظراً لأنه لاحظ إرهاق بعض عناصر الفريق.

وأضاف أن العراق لم يكتفِ بالتأمين الدفاعي في الشوط الثاني، وإنما كان الأكثر هجوماً، موضحاً: «لكنني بالتأكيد لست سعيداً بالأداء ولا أشعر بالرضا عنه».

وقال كاساس: «هناك شيء إيجابي اليوم وهو وجود عدد من اللاعبين صغار السن وهذا سيساعدهم في المستقبل لأنهم يكتسبون الخبرة من هذه البطولة. البحرين تفوقت علينا في الالتحامات اليوم، وهذا ساعدهم في الفوز لكن لاعبينا الصغار اكتسبوا خبرة وهذا أمر إيجابي».