إسرائيل تهاجم تقريراً عن شركات مرتبطة بمستوطنات في الضفة الغربية

الأمم المتحدة تسمي 112 منها... والفلسطينيون يرحبون

مستوطنة معاليه أدوميم قرب القدس في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة معاليه أدوميم قرب القدس في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تهاجم تقريراً عن شركات مرتبطة بمستوطنات في الضفة الغربية

مستوطنة معاليه أدوميم قرب القدس في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة معاليه أدوميم قرب القدس في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

نددت إسرائيل، أمس، بتقرير للأمم المتحدة تأجل صدوره لفترة طويلة يضم قائمة بالشركات التي لها علاقات تجارية مع مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، في وقت حاز فيه القرار على رضا فلسطيني.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس في بيان نقلته «رويترز»، إن «إعلان مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة نشر (قائمة سوداء) بالشركات، استسلام مخز لضغوط من دول ومنظمات تهتم بإلحاق الأذى بإسرائيل».
ونشرت الأمم المتحدة، أمس الأربعاء، قائمة بـ112 شركة تمارس أنشطة في المستوطنات الإسرائيلية التي يعتبرها القانون الدولي «غير قانونية»، بينها شركات «إير بي إن بي» و«إكسبيديا» و«تريب آدفايزور».
وقالت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه: «أدرك أن هذا الموضوع كان ولا يزال موضع جدل»، مشددة على أن هذا التقرير «يستند إلى وقائع». وأضافت في بيان أن هذا التقرير «يعبر عن الاهتمام الجدي» بهذا العمل «غير المسبوق والمعقد».
ويأتي التقرير تلبية لقرار أصدره مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة العام 2016 وطلب فيه «قاعدة معلومات عن كل الشركات التي تمارس أنشطة خاصة مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة». وأوضح البيان، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن هذه القائمة «لا تشكل وليس في نيتها أن تشكل عملية قضائية أو شبه قضائية»، في إشارة ضمنية إلى المخاوف الإسرائيلية من استخدامها وسيلة للمقاطعة.
وحدد المجلس مقار الشركات المذكورة في القائمة بأنها الولايات المتحدة وفرنسا وهولندا ولوكسمبورغ وتايلند وبريطانيا. ومن بين هذه الشركات التي مقرها الولايات المتحدة شركة (إير بي إن بي) لتأجير المساكن عن طريق الإنترنت.
في هذا السياق، أشاد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بالتقرير الأممي وحث المجتمع الدولي على الضغط على تلك الشركات لقطع صلتها بالمستوطنات. وذكر بيان نشره مكتب المالكي أن «نشر هذه القائمة للشركات والجهات العاملة في المستوطنات، انتصار للقانون الدولي». وحث الوزير الدول الأعضاء بالأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بالمنظمة الدولية على توجيه «تعليمات لهذه الشركات بأن تنهي عملها فورا مع منظومة الاستيطان».
وقال مسؤولون إسرائيليون إن القائمة ستستخدم لتبرير مقاطعة واسعة النطاق لعمل القطاع الخاص في البلاد.
وشككوا بشكل كبير بشرعية مجلس حقوق الإنسان.
وبين الأسماء المذكورة شركات دولية مثل «إير بي إن بي» و«ألتسوم» و«بوكينغ دوت كوم» و«موتورولا سوليوشنز».
و94 من هذه الشركات مقرها في إسرائيل فيما تتوزع 18 في دول مختلفة.
وكان يفترض أن يصدر هذا التقرير قبل ثلاثة أعوام لكنه أرجئ مرارا. وقال مكتب باشليه إنه قام بمراجعة أكثر من 300 شركة، ورست القائمة التي نشرت الأربعاء على 112، وتبين أن هناك «أسبابا منطقية للقول إنها ضالعة في نشاط أو نشاطات خاصة كثيرة تمت الإشارة إليها» في القرار الصادر في 2016.
ويعيش أكثر من 400 ألف إسرائيلي في نحو 150 مستوطنة مبنية في الضفة الغربية المحتلة على أراضي الفلسطينيين الذين يناهز عددهم ثلاثة ملايين نسمة.
وقال مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ميشيل باشليه في بيان: «أدرك أن هذه القضية كانت وستظل خلافية إلى حد كبير».
وأضاف في بيان «لا يقدم هذا التقرير تصنيفا قانونيا للأنشطة المعنية أو للشركات التي تقوم بها».
وكانت شركة (إير بي إن بي) قد أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2018، أنها ستزيل المساكن المعروضة للإيجار في مستوطنات إسرائيلية بالضفة الغربية من قوائمها. لكنها عادت وقالت في أبريل (نيسان) التالي، إنها لن تطبق مشروع رفع مساكن المستوطنات من قوائم المساكن المعروضة للإيجار عن طريقها، وستتبرع بعائدات أي حجوزات في الأراضي الفلسطينية لمنظمات إغاثة إنسانية دولية.



ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».