النظام يسيطر على طريق حلب ـ دمشق... وقتلى بينهم أطفال بغارات

TT

النظام يسيطر على طريق حلب ـ دمشق... وقتلى بينهم أطفال بغارات

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن القوات الحكومية سيطرت الثلاثاء على طريق سريعة في شمال غربي سوريا لأول مرة منذ 2012 في إطار حملتها للقضاء على آخر معقل للمعارضين في البلاد في محافظة إدلب وريف حلب.
وقتل 12 مدنياً في غارات جوية شنتها الطائرات الحربية السورية مستهدفة مدينة إدلب في شمال غربي سوريا. وقال «المرصد»، إن نحو نصف القتلى من الأطفال، مشيراً إلى إصابة 32 شخصاً آخرين بجروح. وطال القصف الجوي حيي الصناعة والجلاء في المدينة التي تُعد مركز محافظة إدلب.
وانتهت محادثات بين تركيا وروسيا في أنقرة دون اتفاق على وقف الاشتباكات التي قتل فيها 13 جندياً تركياً في سوريا في أسبوع واحد. وقالت وكالات إغاثة، إن نزوح مئات الألوف من المدنيين من المناطق المتضررة يعد أكبر تحرك من نوعه في الحرب الدائرة منذ نحو تسع سنوات، وإن أزمة إنسانية جديدة بدأت تتكشف.
وقال «المرصد»، إن القوات الحكومية سيطرت على طول الطريق السريعة «إم5» بعد أن أخرجت المعارضين من آخر معاقلهم على الطريق. ويمتد الطريق من حلب في الشمال إلى دمشق ثم إلى درعا في الجنوب.
وسيطرت القوات على الطريق السريعة بعد انتزاعها ضاحية في غرب حلب من المعارضين.
وجاء أحدث تقدم لقوات الرئيس السوري بشار الأسد المدعومة من روسيا وإيران بعد مقتل 13 جندياً تركياً في منطقة إدلب خلال الأسبوع الماضي؛ مما أثار بعضاً من أخطر المواجهات بين أنقرة ودمشق في الحرب.
ونشرت أنقرة الآلاف من قواتها لوقف تقدم القوات السورية. وذكرت قناة «تي آر تي خبر» التركية الحكومية، الثلاثاء، أن معارضين سوريين مدعومين من تركيا أسقطوا طائرة هليكوبتر يعتقد أنها تابعة للحكومة السورية في بلدة النيرب.
ومنذ بدء الهجوم الجديد استعادت القوات الحكومية أكثر من 600 كيلومتر مربع من الأراضي وسيطرت في الأيام الأخيرة على عشرات البلدات والقرى.
واستعادت القوات الأسبوع الماضي بلدة سراقب الواقعة على الطريق «إم5»، ولدى تركيا قوات متمركزة هناك لمنع التقدم السوري بعد مقتل ثمانية من جنودها في قصف للقوات السورية.
ووصل وفد روسي إلى أنقرة يوم السبت بعد أيام من الهجوم لإجراء محادثات تهدف إلى وقف الاشتباكات. وفي اليوم الأخير من المحادثات وقع هجوم سوري آخر على القوات التركية في منطقة تفتناز أسفر عن مقتل خمسة جنود أتراك.
وقالت أنقرة إنها ردت على الهجومين بتدمير أهداف سورية عدة. وأضافت أنها ستطرد قوات الأسد ما لم تنسحب بحلول نهاية هذا الشهر. وقالت للفريق الروسي كذلك، إن الهجمات على المواقع التركية يجب أن تتوقف على الفور.
وقال مصدر دبلوماسي تركي، إن الروس غادروا تركيا بعد انتهاء المحادثات أول من أمس (الاثنين) دون التوصل لاتفاق فيما يبدو. وأفاد الكرملين أمس، بأن الهجمات على القوات الروسية والسورية في إدلب يجب أن تتوقف.

غارات جوية

قالت فرق الإنقاذ في المنطقة، إن مقاتلات سورية وروسية قصفت بلدات عدة في إدلب، وتركزت الغارات الجوية على بلدات في غرب حلب، منها منطقة سكنية في مدينة دارة عزة. وأضافت، أن 13 مدنياً على الأقل قتلوا ليل الاثنين - الثلاثاء في الضربات الجوية.
ودفع التقدم السريع لقوات الأسد في إدلب نحو 700 ألف شخص للفرار من ديارهم باتجاه الحدود التركية المغلقة في الأسابيع العشرة الماضية. وأغلب النازحين من النساء والأطفال.
وقال ينس لاركيه، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، للصحافيين في جنيف «هذا، وفقاً لتحليلاتنا الأولية، أكبر عدد من النازحين في فترة واحدة منذ بدء الأزمة السورية قبل نحو تسع سنوات». وأضاف «إنها أسرع عمليات النزوح نمواً التي شهدناها على الإطلاق في البلاد». وأفاد أندريه ماهيسيتش، المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بأن طقس الشتاء القارس يزيد من معاناة النازحين الذين يجدون صعوبة في العثور على مأوى.
وأضاف «حتى إيجاد مكان في مبنى تحت الإنشاء يصبح من شبه المستحيل»، وتابع أن المساجد امتلأت.
وتقول تركيا، التي استقبلت بالفعل 3.6 مليون لاجئ سوري، إنها لا يمكنها استيعاب المزيد. وقالت إنها ستوقف موجات الهجرة الجديدة من إدلب، وستظل قواتها هناك.
وطالب سياسي تركي إردوغان بالمضي إلى أبعد من ذلك. وقال دولت بهجلي، وهو رئيس حزب قومي متحالف مع إردوغان: «لن يكون هناك سلام في تركيا ما لم يسقط الأسد عن عرشه. يجب على تركيا بدء التخطيط لدخول دمشق الآن والقضاء على الأشرار».
وقال شهود ومعارضون الثلاثاء، إن رتلاً جديداً من التعزيزات التركية يضم دبابات ومنصات إطلاق صواريخ ومركبات مدرعة عبر الحدود إلى إدلب أثناء الليل.
وبدأ معارضون سوريون مدعومون من تركيا كذلك هجوماً جديداً على القوات الحكومية قرب سراقب والنيرب لدفع القوات الحكومية بعيداً عن مدينة إدلب التي يقطنها أكثر من مليون نسمة.
ومعركة إدلب مرحلة حرجة في الحرب التي أودت بحياة مئات الألوف من المقاتلين والمدنيين، وأدت إلى نزوح ولجوء الملايين، وقسمت الشرق الأوسط منذ اندلاعها وسط انتفاضات الربيع العربي في عام 2011.
وفشلت القوى المناهضة للأسد، الذي يحكم البلاد منذ نحو 20 عاماً، في الإطاحة به، لكنه الآن يرأس دولة مدمرة. وساعد التدخل العسكري الروسي في الحرب عام 2015 في تحويل دفتها لصالح الأسد.
وتتعاون تركيا وروسيا، رغم مساندتهما أطرافاً متناحرة في الحرب، من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع.
وقال المتحدث الإقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، ديفيد سوانسون، لوكالة الصحافة الفرنسية: «خلال عشرة أسابيع فقط، ومنذ الأول من ديسمبر (كانون الأول)، نزح نحو 690 ألف شخص من منازلهم في إدلب والمناطق المحاذية لها». وأضاف أن «هذا العدد، وبحسب تحليل أولي، يعد الأكبر لنازحين (فروا) في فترة واحدة منذ بداية النزاع في سوريا قبل نحو تسع سنوات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».