«إجراءات السلامة وآلية فض المنازعات»... نقاط عالقة أمام مفاوضي «سد النهضة»

وزراء مصر وإثيوبيا والسودان في واشنطن لإتمام «الاتفاق النهائي»

TT

«إجراءات السلامة وآلية فض المنازعات»... نقاط عالقة أمام مفاوضي «سد النهضة»

يأمل وزراء الخارجية والري لمصر وإثيوبيا والسودان، عندما يلتقون في واشنطن على مدار يومي الأربعاء والخميس، في التغلب على نقاط تفصيلية ما زالت عالقة أمام إتمام اتفاق نهائي حيال نزاع «سد النهضة»، مُزمع توقيعه نهاية فبراير (شباط) الحالي، برعاية أميركية.
وتخشى القاهرة أن يقلص السد، الذي تقيمه أديس أبابا منذ 2011 على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، إمداداتها الشحيحة أصلاً من المياه، التي تعتمد عليها بشكل كامل تقريباً. وقال محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع واشنطن يستهدف التوصل إلى حلول لنقاط خلافية، من بينها «المعايير الخاصة بسلامة السد وآلية فض المنازعات»، بما يُمهد للوصول إلى صيغة اتفاق نهائي يحقق المصلحة المشتركة لجميع الأطراف، ترعاه وزارة الخزانة الأميركية، بمشاركة البنك الدولي، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ووفق بيان مشترك أُعلن، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، اتفقت الدول الثلاث على مراحل ملء خزان السد وآليات التخفيف، وضبط الملء والتشغيل أثناء فترات الجفاف. فيما تقررت العودة مرة أخرى إلى واشنطن يومي 12 و13 فبراير الحالي لاستكمال التفاصيل الخاصة بالاتفاق، وتحويل تلك المحددات لاتفاقية يتم التوقيع عليها نهاية الشهر الحالي. ونوه السباعي إلى أنه سيتم بحث تبادل البيانات الخاصة بالمشروع ومستوى الفيضان سنوياً وآلية المتابعة وآلية فض النزاعات وقواعد تشغيل السد، بحيث يتضمن الاتفاق النهائي التفاصيل كافة.
وعلى مدار الساعات الماضية، وصلت وفود مصر وإثيوبيا والسودان، إلى الولايات المتحدة. وقالت الخارجية المصرية، أمس، إن «الوزير سامح شكري توجه إلى واشنطن في إطار ما اتفقت عليه الأطراف المعنية خلال جولة المفاوضات الأخيرة، من معاودة وزراء الخارجية والموارد المائية للدول الثلاث الاجتماع بالعاصمة الأميركية يومي 12 و13 فبراير 2020. بهدف إقرار الصيغة النهائية لاتفاق شامل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة». فيما ذكر سيليشي بيكيلي، وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي: «وصلنا إلى واشنطن العاصمة لمراجعة النتائج التي توصلت إليها حتى الآن الفرق القانونية والتقنية لإثيوبيا التي تتفاوض مع مصر والسودان بشأن سد النهضة». وأبدى الوزير الإثيوبي تفاؤلاً حذراً تجاه نتائج الاجتماع، مشيراً إلى أنه «لم يتم حل عدد من القضايا بعد، والمفاوضات مستمرة... نحن (الفريق الإثيوبي)، نواصل العمل بحذر من أجل تعزيز مصلحتنا الوطنية». وأضاف بيكيلي، بحسب وكالة الأنباء الإثيوبية، أمس: «إثيوبيا تتبع نهجاً مفيداً للمفاوضات، لأن السد مفيد لكل من إثيوبيا وجميع دول المصب».
بدورها، بدت السودان أكثر تفاؤلاً باتجاه حسم الاتفاق، وقالت وزارة الموارد المائية، إن وزيرا الري ياسر عباس، والخارجية أسماء عبد الله، توجها إلى واشنطن، على رأس وفد فني، لحضور اجتماعات «سد النهضة»، التي ستبحث بعض النقاط الفنية والقانونية العالقة، وإنه «من المنتظر أن توقع الأطراف بالأحرف الأولى على مسودة اتفاق في حال تجاوز القضايا العالقة المتبقية». وأضافت في بيان: «الاجتماعات الأخيرة التي عقدت في نهاية يناير الماضي بواشنطن، أحدثت اختراقاً كبيراً في مفاوضات سد النهضة».
وبموجب الاتفاق الجزئي فإن تعبئة خزان السد سوف «تجري على مراحل وبطريقة تكيفية وتعاونية، تأخذ في الاعتبار الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق والأثر المحتمل للتعبئة على الخزانات في مجرى النهر». كما تم الاتفاق على أن التعبئة ستتم خلال موسم الأمطار، من يوليو (تموز) إلى أغسطس (آب)، وقد ستستمر حتى سبتمبر (أيلول) وفقاً لشروط معينة. وسبق أن تأجل موعدان حُددا سلفاً لتوقيع اتفاق نهائي، الأول منتصف نهاية يناير الماضي، والآخر نهايته. لكن وزير الخارجية المصري سامح شكري، قال مؤخراً إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب «حدد نهاية فبراير موعداً أخيراً لتوقيع الاتفاق»، وإنه «لن يكون بعده أي تفاوض».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.