تركيا تهدد بـ«تدابير إضافية» إذا تواصل خرق إطلاق النار في إدلب

مصادر دبلوماسية رجحت لقاء قريباً بين إردوغان وبوتين

أطفال نازحون وسط طمي الشتاء في قرية كللي قرب الحدود السورية التركية (أ.ف.ب)
أطفال نازحون وسط طمي الشتاء في قرية كللي قرب الحدود السورية التركية (أ.ف.ب)
TT

تركيا تهدد بـ«تدابير إضافية» إذا تواصل خرق إطلاق النار في إدلب

أطفال نازحون وسط طمي الشتاء في قرية كللي قرب الحدود السورية التركية (أ.ف.ب)
أطفال نازحون وسط طمي الشتاء في قرية كللي قرب الحدود السورية التركية (أ.ف.ب)

حذّر وزير الدفاع التركي، في تصريحات نشرت الأحد، من أن تركيا ستغير مسارها في شمال غربي سوريا إذا تواصل خرق اتفاقات وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في مقابلة مع صحيفة «حرييت»: «إذا تواصل خرق الاتفاق، لدينا خطة ثانية، وخطة ثالثة»، مضيفاً: «نقول في كل مناسبة «لا تضغطوا علينا، وإلا فخطتنا الثانية وخطتنا الثالثة جاهزتان». ولم يعطِ الوزير تفاصيل حول الخطتين، لكنه أشار إلى العمليات العسكرية التي نفذتها أنقرة في سوريا منذ عام 2016.
وقال أكار، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية: «نقاط المراقبة التابعة لنا في المنطقة ستبقى مكانها بموجب الاتفاق». وأضاف أن تركيا تواصل إرسال إمدادات إلى نقاط المراقبة بالتنسيق مع السلطات الروسية. وأكد: «رغم ذلك، إذا ظهرت أمامنا أي عوائق، نقول بوضوح إننا سنفعل ما يلزم». وتابع: «هدفنا الأساسي هو منع الهجرة ومنع حصول مأساة إنسانية. نعمل على تحقيق وقف لإطلاق النار بأسرع ما يمكن ووقف سفك الدماء».
أرسل الجيش التركي تعزيزات جديدة إلى نقاط مراقبته المنتشرة داخل محافظة إدلب شمال غربي سوريا، أمس الأحد، بعد ساعات من انتهاء مباحثات دبلوماسية وعسكرية تركية روسية في أنقرة، مساء السبت، حول الوضع في إدلب لم تنته إلى نتيجة، حيث اتفق الطرفان على استكمالها خلال الأسابيع القادمة.
ودخلت قافلة عسكرية تركية كبيرة تضم تعزيزات جديدة بينها دبابات وذخائر من قضاء ريحانلي في ولاية هطاي الحدودية مع سوريا، متجهة صوب نقاط المراقبة داخل إدلب وسط إجراءات أمنية مشددة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن تركيا تواصل «بشكل غير مسبوق» إرسال الأرتال العسكرية إلى الأراضي السورية للانتشار وإنشاء نقاط مراقبة جديدة في حلب وإدلب. وكشف المرصد عن أنه خلال الفترة من الثاني من فبراير (شباط) الجاري، وحتى مساء أول من أمس، وصل أكثر من 1240 شاحنة وآلية عسكرية تركية إلى الأراضي السورية، تضم دبابات وناقلات جند ومدرعات و«كبائن حراسة» متنقلة مضادة للرصاص، ورادارات عسكرية، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة ما لا يقل عن 5 آلاف جندي، قسم كبير منهم من القوات الخاصة (الكوماندوز). وقالت صحيفة «صباح»، القريبة من الحكومة التركية، إن الجيش أرسل كتيبة كاملة إلى كل نقطة من نقاط المراقبة الاثنتي عشرة في إدلب.
وانتهت، مساء أول من أمس، محادثات تركية روسية في أنقرة لبحث التطورات في إدلب (شمال)، ركزت على الخطوات التي يمكن اتخاذها لضمان عودة الهدوء على الأرض ودفع العملية السياسية. وشارك في المحادثات مسؤولون دبلوماسيون وعسكريون واستخباراتيون من كلا البلدين، وترأس الجانب التركي نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، سادات أونال، فيما ترأس الجانب الروسي نائب وزير الخارجية، سيرغي فيرشينين، وألكسندر لافرنتييف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا. وعقدت المحادثات على جولتين متتاليتين استغرقتا 3 ساعات، لكنه لم يعلن أي من الجانبين عن فحوى ما دار خلال المحادثات أو النتائج التي انتهت إليها.
وأكدت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أن الجانبين التركي والروسي لم يتمكنا من تضييق الفجوة فيما يتعلق بالتعامل مع الوضع في إدلب، بسبب تمسك كل منهما بموقفه، مشيرة إلى الجانب التركي ركز على ضرورة عودة الأوضاع في إدلب إلى ما كانت عليه قبل بدء الهجوم الأخير للنظام وداعميه في المحورين الشرقي والجنوبي لإدلب، والانسحاب إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية في منطقة خفض التصعيد والالتزام بحدود المنطقة العازلة منزوعة السلاح التي تم التوصل إليها بموجب تفاهم سوتشي في 17 سبتمبر (أيلول) 2018، ووقف استهدافات النظام على نقاط المراقبة، التي كان من نتيجتها مقتل 7 جنود وموظف مدني من الأتراك الأسبوع الماضي.
وشدد الجانب التركي، بحسب المصادر، على أن قواته سترد على أي استهداف لأي من نقاط المراقبة من جانب قوات النظام، بينما تسمك الجانب الروسي بأن أنقرة لم تنفذ التزاماتها بموجب تفاهم سوتشي ولم تقم بدورها في فصل المجموعات المعتدلة عن المتشددين في إدلب أو فتح الطرق الرئيسية حول إدلب.
وقالت المصادر إن الجانبين اتفقا على عقد اجتماعات أخرى خلال الأسابيع القادمة لمواصلة البحث عن إيجاد حلول للوضع في إدلب واستئناف العملية السياسية في سوريا، مشيرة إلى احتمال عقد لقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين إذا لم تحرز المباحثات بين الجانبين تقدما.
وسبق أن عقد الجانبان التركي والروسي الكثير من المباحثات حول إدلب انتهت إلى التوصل إلى تفاهمات بشأن فض التصعيد والفصل بين قوات النظام والمعارضة، كان آخرها الاتفاق بين الرئيسين التركي والروسي في إسطنبول في يناير (كانون الثاني) الماضي، على وقف لإطلاق النار بدأ سريانه في 12 يناير الماضي، إلا أنه لم يصمد إلا أياما عدة، إذ واصلت قوات النظام هجومها في إدلب بدعم من روسيا وإيران وسيطرت على مدينتي معرة النعمان وسراقب في إطار حملة لانتزاع إدلب بالكامل وريفي حلب وحماة من سيطرة فصائل المعارضة وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا).
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل أكثر من 1800 مدني وتشريد 580 ألفا فروا إلى مناطق قريبة من الحدود التركية. والأربعاء الماضي أمهل إردوغان النظام السوري حتى نهاية فبراير الجاري، لسحب قواتها إلى خلف نقاط المراقبة في إدلب، وهدد بأن الجيش التركي سيضطر بعد انقضاء المهلة لإجبارها على ذلك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.