تعبئة ديمقراطية استعداداً للمحطة الثانية من الانتخابات التمهيدية

جو بايدن في فعالية انتخابية بنيوهامبشير أول من أمس (أ.ف.ب)
جو بايدن في فعالية انتخابية بنيوهامبشير أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تعبئة ديمقراطية استعداداً للمحطة الثانية من الانتخابات التمهيدية

جو بايدن في فعالية انتخابية بنيوهامبشير أول من أمس (أ.ف.ب)
جو بايدن في فعالية انتخابية بنيوهامبشير أول من أمس (أ.ف.ب)

يستكمل الديمقراطيون الطامحون للفوز ببطاقة الترشيح الحزبية إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة حملاتهم في ولاية نيوهامبشير، المحطة الثانية من الانتخابات التمهيدية التي سيتم في نهايتها اختيار المنافس الديمقراطي للرئيس الجمهوري دونالد ترمب في استحقاق نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ويأتي تدفّق الديمقراطيين إلى الولاية الصغيرة الواقعة في شمال شرقي البلاد، وحيث غالبية السكان من ذوي البشرة البيضاء، تحضيرا للانتخابات التمهيدية المقررة غدا الثلاثاء بعد أيام قليلة من تصدّر بيت بوتيدجيدج (38 عاما) وبيرني ساندرز (78 عاما) نتائج المحطة الأولى من الانتخابات التمهيدية التي جرت في أيوا، وشهدت عمليات الفرز فيها فوضى عارمة.
وقد عرّضهما تصدّرهما السباق في أولى محطات الانتخابات التمهيدية الحزبية لهجمات حادة من منافسيهما في مناظرة حامية جرت ليل الجمعة، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وفي المناظرة شكّك منافسو بوتيدجيدج بقدرته على منع ترمب من الفوز بولاية رئاسية ثانية نظرا إلى قلّة خبرته وصغر سنّه. أما ساندرز، فتعرّض لانتقادات بسبب تقدّمه في السن ومواقفه السابقة حول الأسلحة.
ولم يبد بعد انتهاء المناظرة أن أحدا من المشاركين السبعة تمكّن من تحقيق انتصار واضح وصريح، كما لم يسجّل ارتكاب أي خطأ فادح. لكن يبدو أن بوتيدجيدج الذي كان قبل عام شخصية مغمورة على صعيد البلاد عموما، أصبح ندّا قويا. وقال أمام مناصريه في مدينة كين: «نحن في الأيام الأخيرة من انتخابات مهمة ستحدد ليس فقط رئيس البلاد للسنوات الأربع المقبلة، بل أيضاً ماهية أن تكون أميركياً للسنوات الأربع المقبلة»، مؤكّداً أنّه «المرشّح القادر على هزم دونالد ترمب». وأضاف: «بالتأكيد نحن هنا للفوز في نيوهامبشير، ونحن ننافس لأنكم تعلمون أنّ نيوهامبشير هي ولاية آراؤها مستقلّة وشخصيتها مستقلّة».
في المقابل، تعرّض ساندرز الداعي إلى «ثورة سياسية» لانتقادات حادّة من نائب الرئيس السابق جو بايدن الذي وصف مواقف منافسه بأنّها متطرّفة إلى درجة تحول دون توحّد الأميركيين حولها. وشدّد بايدن (77 عاما) الساعي للحفاظ على حظوظه في الرئاسة بعدما حلّ رابعا في انتخابات أيوا التمهيدية، على أنّ السياسات التقدمية مثل نظام الصحّة الجامع الذي يدعو له ساندرز سيسبب انقسامات، وسيكون مكلفا ويصعب تمريرها في الكونغرس.
وتساءل بايدن «كم سيكلف» قانون نظام الصحة للجميع الذي يدعو إليه ساندرز، مؤكّداً أنّ المشروع سيكلّف عشرات تريليونات الدولارات. وأضاف «من سيصوت لصالح ذلك» في الكونغرس؟ ورغم انتكاسة أيوا، أكّد بايدن أنّه لا يزال يعتقد أنه الأقدر على منافسة ترمب، الذي برّأه مجلس الشيوخ هذا الأسبوع من اتّهامين وجّههما إليه مجلس النواب في إطار محاكمة لعزله لم تؤثر على قاعدته الانتخابية.
وفي تجمّع انتخابي في مانشستر، قال بايدن: «خسرت الكثير في حياتي»، في إشارة إلى وفاة زوجته وابنته في حادث سيارة وابنه بو الذي توفي بالسرطان. لكنّه أكد «لن أقف متفرجاً على خسارة بلادي».
وبدا بايدن أكثر حيوية مما كان عليه في المناظرات السابقة، واغتنم فرصة الحديث عن السنّ ليقول إنّ الأوضاع العالمية المتوترة الحالية تتطلب رجل دولة خبيراً لقيادة الأمة في هذه الفترة الحالكة.
والسبت نشرت حملته تسجيل فيديو يظهر إنجازاته السياسية على مدى عقود، مقابل ما حقّقه بوتيدجيدج الرئيس السابق لبلدية ساوث بند. ويبدو بايدن في الفيديو الدعائي وهو يعمل على مشروع الرعاية الصحية «أوباماكير» وعلى الاتفاق النووي مع إيران، في حين يبدو بوتيدجيدج رئيس بلدية ساوث بند وهو يضع أضواء الزينة على أحد الجسور ويشارك في بناء أرصفة في المدينة.
وردّت حملة بوتيدجيدج على فيديو حملة بايدن الدعائي، معتبرة أنّه «يتحدّث عن المركز الذي يحتلّه (بايدن) حالياً في هذا السباق أكثر مما يتحدّث عن رؤية بيت كرئيس بلدية ومحارب سابق». وقال نائب الرئيس السابق «تلّقيت ضربة في أيوا، وسأتلقّى على الأرجح ضربة أخرى هنا (في نيوهامبشير)»، لكنّه أوضح أن ساندرز الذي يمثّل ولاية فيرمونت المجاورة فاز في الانتخابات التمهيدية لنيوهامبشير في عام 2016 بفارق بلغ 20 نقطة. وخلال مشاركتها في حملته الانتخابية أول من أمس، قالت إيرين كيري الخبيرة المالية البالغة 49 عاماً والمتحدّرة من ولاية ماساتشوستس، إنها كانت تعول على أداء أفضل لبايدن في المناظرة لكنّها أَكّدت أنه لا يزال منافساً قوياً في السباق.
بدوره، أعرب الطالب كاميرون لأندري البالغ 24 عاما عن إعجابه بخبرة بايدن مشككا في المقابل بقدرته على مقارعة ترمب. وقال: «أعتقد أننا نحتاج إلى شخص لديه طاقة كبيرة. أعتقد أننا نحتاج إلى شخص يمكنه أن ينافس نجم (تلفزيون) الواقع. الناس يحبون تلفزيون الواقع المليء بالمواجهات النارية».
كذلك، شارك في مناظرة نيوهامبشير المستثمر أندرو يانغ والملياردير توم ستاير والسيناتورة إليزابيث وارن.
وأظهرت إيمي كلوبوشار المتحدرة من مينيسوتا، أداء قوياً بمعارضتها كلا من ساندرز ووارن. ورأت أنّ برنامجيهما التقدميين سيتسببان بانقسام بين الناخبين. وقالت: «بصراحة، وجود مرشح وسطي يوحّد الناس سيكون أسوأ كوابيس ترمب».
وبعد نيوهامبشير، يتوجّه المرشحون إلى نيفادا في 22 فبراير (شباط)، تليها كارولاينا الجنوبية في 29 منه قبل يوم الحسم في «الثلاثاء الكبير» في الأول من مارس (آذار). ويشارك أيضا في الانتخابات التمهيدية الملياردير مايك بلومبرغ الذي تظهر استطلاعات الرأي ارتفاع شعبيته، بعدما أنفق على حملته 260 مليون دولار من ثروته الخاصة. وهو قرر عدم المشاركة في الانتخابات التمهيدية في الولايات الأربع الأولى، والتركيز بدلاً من ذلك على يوم «الثلاثاء الكبير» الذي تجري فيه 14 ولاية ومنطقة أميركية انتخاباتها التمهيدية.



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».