الرئيس السوداني يدعو إلى تعديل دستوري يتيح تعيين حكام الولايات

الترابي يلوح بعدم المشاركة في الانتخابات المقبلة

الرئيس السوداني عمر البشير خلال افتتاح الدورة الأخيرة للهيئة التشريعية في البرلمان السوداني أمس (وكالة الأناضول للأنباء)
الرئيس السوداني عمر البشير خلال افتتاح الدورة الأخيرة للهيئة التشريعية في البرلمان السوداني أمس (وكالة الأناضول للأنباء)
TT

الرئيس السوداني يدعو إلى تعديل دستوري يتيح تعيين حكام الولايات

الرئيس السوداني عمر البشير خلال افتتاح الدورة الأخيرة للهيئة التشريعية في البرلمان السوداني أمس (وكالة الأناضول للأنباء)
الرئيس السوداني عمر البشير خلال افتتاح الدورة الأخيرة للهيئة التشريعية في البرلمان السوداني أمس (وكالة الأناضول للأنباء)

دعا الرئيس السوداني عمر البشير برلمان بلاده لإجازة مقترح بإجراء تعديلات ضرورية وعاجلة على بعض مواد الدستور، بهدف معالجة بعض «الممارسات الخاطئة» في تطبيق تجربة الحكم اللامركزي، وهو الأمر الذي يعني تمكينه من تعيين حكام الولايات، بدلا من انتخابهم من قبل ولاياتهم. بيد أن زعيم الإسلاميين السودانيين حسن الترابي، الذي ظهر في البرلمان بعد انقطاع طويل، رأى أن الحكم الاتحادي لا يقبل تعيين رئيس الجمهورية لحكام الولايات.
وقال البشير، أمس، خلال افتتاح الدورة الأخيرة للهيئة التشريعية القومية، والتي تضم المجلس الوطني ومجلس الولايات، إن هناك حاجة لإعادة تقويم وتصحيح تجربة الحكم اللامركزي بصورة شاملة، بسبب ممارسات خاطئة شابت تطبيق الحكم الولائي، أدت إلى تفشي الجهوية والقبلية، وتوظيف «العصبية القبلية» للوصول إلى المواقع في السلطة على حساب الكفاءة والمواطنة.
وحذر البشير من التأثير السلبي لتلك الممارسات على الأمن والسلام الاجتماعي، والذي يهدد بارتفاع وتيرة الصراعات القبلية التي تهدد الأمن القومي. كما دعا النواب إلى التعمق في دراسة تجربة الحكم اللامركزي وتحويلها إلى مادة للحوار السياسي والمجتمعي، ولتقويم المسار وتطويره بما يمكن المواطنين من الاشتراك في إدارة شؤون الولايات وإعلاء قيم المواطنة، وقطع الطريق أمام استشراء النزعات الجهوية والقبلية.
ولم ينتخب حزب المؤتمر الوطني الحاكم في مؤتمره الأخير ولاة الولايات كما كان متوقعا، بل ترك الأمر معلقا، مما يعني ترك الأمر للرئيس البشير لتعيينهم بدلا من انتخابهم، وهو ما أكده رئيس البرلمان الفاتح عز الدين، الثلاثاء الماضي، بأن مقترح التعديل الدستوري، المتعلق بتعيين ولاة الولايات، وضع على منضدة البرلمان.
واعتبر البشير قضية «بسط الأمن والسلام» أولوية متقدمة تستدعي مراجعة القوانين، بما يمكن من وضع تدابير تجسد هيبة الدولة، وتلبي احتياجات الدفاع والأمن، دون أن يتعارض مع التزام حكومته بالحوار الوطني. وجدد البشير دعوته لمن أطلق عليهم «المتمردين والمعارضين» للانضمام إلى لحوار لتحقيق السلام وبناء الوطن، وتوقع أن يشهد شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل خطوات إيجابية في ملف الحوار الوطني والوفاق والسلام دون أن يسمي تلك الخطوات. كما أعلن البشير عن التزام حكومته بدعم جهود تطوير علاقات السودان الخارجية مع المجتمع الدولي والإقليمي، وتأسيسها وفقا لمنظور تبادل المنافع والمصالح المشتركة، مجددا تأكيد دعمه للتكامل الاقتصادي والسياسي مع دول الجوار، والسعي لتحقيق الأمن الغذائي وتشجيع المستثمرين العرب، وتنمية وتطوير علاقات السودان مع العرب والأفارقة ودول آسيا وأميركا اللاتينية.
واقترح البشير على الهيئة التشريعية إعادة تقييم منظومة القوانين والتشريعات المتعلقة بالمسائل المالية والاقتصادية المنظمة للأداء المالي للدولة، إضافة إلى القوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي والزراعي والصناعي، وغيرها من القوانين المتعلقة بالجانب الاقتصادي. كما طلب من البرلمانيين فحص القوانين المنظمة لـ«الأمن الثقافي والفكري» في مجالات الاتصالات والمعلوماتية والبث الفضائي، بما يضمن سهولة التواصل مع العالم والحصول على التقنية المتطورة، وضبط ذلك بقوانين الأمن والأمان، مما يحول بين البلاد والاستلاب والغزو الفكري وتذويب الهوية، ويسهم في تأمين سلامة المعاملات المالية والمصرفية الدولية من مخاطر الاختراق.
من جهة أخرى، قال عراب الإسلاميين السودانيين حسن الترابي، في تصريحات بالبرلمان أمس، إن مراجعة تجربة الحكم اللامركزي لا تستدعي تعديل الدستور، وإن التجربة الفيدرالية لا تقبل تعيين الوالي من قبل رئيس الجمهورية. وتحفظ الترابي على إبداء رأي محدد بشأن استمرار حزبه في الحوار الذي دعا له الرئيس البشير، وقال في هذا الصدد «هذا يتوقف على الحوار، من الخير في الحوار ألا يكون كله علنا ومناظرات ومداولات. الحوار إذا انتهى إلى أي شيء يقتضي تعديلا في الدستور، وبعض القوانين ستكون في هذه الدورة الخاتمة».
وأعلن الترابي أن حزبه قد لا يشارك في الانتخابات التي يمضي فيها الحزب الحاكم قدما، على الرغم من مطالبات المعارضة ووسطاء الحوار السوداني بتأجيلها، وقال موضحا «قد لا نشارك في الانتخابات إذا مضى الحزب الحاكم قدما هكذا، لكن الحوار قد يستدعي أن ندفع الانتخابات عاما آخر، حتى يؤذن لكل الأحزاب التي بلغت التسعين بالمشاركة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».