علاوي يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة العراقية من ساحات التظاهر قبل الكتل السياسية

TT

علاوي يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة العراقية من ساحات التظاهر قبل الكتل السياسية

بدأ رئيس الوزراء العراقي المكلف، محمد توفيق علاوي، مشاورات تشكيل حكومته المرتقبة، لكن بدءاً من ساحات التظاهر قبل الكتل السياسية، في ظل دعوات له لاختيار «كابينة وزارية بعيداً عن الأحزاب».
ويبدو أن علاوي الذي كلّفه الرئيس العراقي برهم صالح تشكيل الحكومة الجديدة في الأول من فبراير (شباط) الحالي، سيواجه أصعب تحدٍ له بعد نحو أقل من شهر، وهو نيل الثقة من البرلمان العراقي المنقسم على نفسه، سواء حيال ترشيح شخصية مستقلة لا تنتمي إلى أي حزب أو كتلة أو لجهة الموقف من المظاهرات الجماهيرية التي تنهي نهاية هذا الشهر شهرها الرابع وتدخل الخامس دون وجود مؤشرات على نهايتها.
وقالت شخصية سياسية عراقية لـ«الشرق الأوسط»، إن محمد توفيق علاوي «على وشك تشكيل فريقه المفاوض مع الكتل السياسية، وكذلك مع ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية من أجل بلورة رؤية متكاملة حول الآليات التي يتم بموجبها تشكيل الحكومة، وكذلك الشخصيات المقترحة لدخولها، وما إذا كان للكتل والأحزاب السياسية دور مباشر في ترشيح الأسماء أو تترك الخيار لرئيس الوزراء المكلف، شرط أن يلتزم أولاً بالمواصفات التي يفترض أن يتحلى بها الوزراء، وهي النزاهة والكفاءة والاستقلالية، وألا يغبن حق الكتل التي تملك استحقاقات انتخابية». وأضافت هذه الشخصية السياسية: «في الوقت الذي تعلن الكتل الشيعية أنها مع مبدأ ترك حرية الخيار لرئيس الوزراء المكلف في اختيار كابينته الحكومية، فإنها في الوقت نفسه لا يمكن أن تترك الحبل على الغارب في وقت يعلن كل من الكرد والسنة تمسكهم باستحقاقاتهم من الحقائب الوزارية». ولفت إلى أن «الأكراد وإن كانوا قد أعلنوا دعمهم لعلاوي، لكنهم كانوا داعمين جداً لسلفه عادل عبد المهدي، وبالتالي فإن دعمهم له حتى على صعيد نيل الثقة داخل قبة البرلمان سيكون مرهوناً بمدى التزامه بما يسمونه حقوق الأكراد».
وبشأن العرب السنة، تقول الشخصية السياسية، إن «السنة يرون أنهم ليسوا مشاركين في صناعة القرار السياسي في العراق، وبالتالي فإن المناصب الوزارية تعد هي الحد الأدنى من الاستحقاق الطبيعي لهم ولا يمكنهم التنازل عنها».
وتأتي هذه المخاوف في وقت يحاول رئيس الوزراء المكلف توزيع خريطة الوزارات والهيئات المستقلة على أساس حصص المكونات وليس بالضرورة وفق الاستحقاق الانتخابي، فضلاً عن أنه يريد إشراك الحراك الجماهيري بنسبة كبيرة من حكومته المقبلة، وربما بنسبة تزيد على 51 في المائة في مختلف المواقع الوزارية والإدارية، بالإضافة إلى إشراك العنصر النسائي بقوة. وطبقاً لمعلومات «الشرق الأوسط»، شكّل رئيس الوزراء المكلف فرق عمل لمتابعة الحراك الجماهيري في مختلف المحافظات، فضلاً عن إجرائه لقاءات مع قادة في الحراك الجماهيري؛ وهو ما قد يمهّد لتطبيع العلاقات للمرة الأولى بين المتظاهرين وبين جهة رسمية حكومية. وباستثناء الأكراد والسنة الذين أعلنوا مشاركتهم في الحكومة مع التأكيد على ضرورة احتفاظهم بحقائبهم الوزارية، سواء السيادية منها أم الخدمية، لم تحسم الكتل السياسية الأخرى موقفها بعد لجهة المشاركة من عدمها. ففي حين يعلن التيار الصدري أنه لن يرشّح وزراء ينتمون إلى التيار، تاركاً الحرية لرئيس الوزراء في اختيار أعضاء حكومته، فإن ائتلاف «الوطنية» بزعامة إياد علاوي، وهو ابن عم محمد توفيق علاوي، لم يعلن بعد هل سيشارك في الحكومة أم لا، وهل سيكون داعماً لها أم لا. والأمر نفسه ينطبق على ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«النصر» بزعامة حيدر العبادي، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«الفتح» بزعامة هادي العامري.
إلى ذلك، أكد النائب عن تحالف «سائرون»، رعد المكصوصي، وجود أغلبية برلمانية لمنح الثقة لمحمد توفيق علاوي. وقال المكصوصي في تصريح صحافي أمس، إن «على القوى السياسية كافة، عدم الحديث عن الاستحقاقات الانتخابية في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، وترك كل الحرية لعلاوي لاختيار وزرائه بنفسه؛ حتى يتحمل هو مسؤولية عمل الحكومة بشكل كامل». وتابع أن «محمد توفيق علاوي جاء لرئاسة الوزراء بشكل توافقي، وبدعم من قوى سياسية مختلفة؛ ولهذا فإن هناك غالبية برلمانية لمنحه الثقة من قبل مجلس النواب، وعليه استغلال تلك الغالبية واختيار كابينته الوزارية بعيداً عن الكتل والأحزاب السياسية، ومنع أي جهة من التدخل في عمله حتى يحقق نجاحات ويلبي متطلبات الشعب العراقي».
من جهته، طالب النائب عن ائتلاف «دولة القانون» منصور البعيجي رئيس الوزراء المكلف باختيار «كابينته الوزارية بعيداً عن الأحزاب وضغوط الكتل السياسية عليه، ويجب ألا يذعن لأي ضغوط قد تمارس عليه بفرض شخصيات متحزبة لشغل أي حقيبة وزارية في حكومته المقبلة، وعليه يجب أن يختار شخصيات مستقلة تكنوقراط حتى يكتب له النجاح خلال المرحلة المقبلة». وأضاف أن «رئيس الوزراء المكلف جاء إلى هذا المنصب نتيجة دماء سفكت من أجل الإصلاح والقضاء على الفساد المستشري؛ لذلك يجب عليه أن يلتزم بوعوده التي قطعها لأبناء الشعب ويختار كابينة وزارية غير متحزبة؛ حتى يستطيع أن يعبر بالبلد إلى بر الأمان خلال الفترة الانتقالية لحين إجراء انتخابات عادلة». وأوضح أن «المرحلة الحالية التي يمر بها البلد مرحلة خطيرة جداً ولا تقبل المماطلة والاتفاقات في الغرف المظلمة كما كان يحدث سابقاً، ورئيس الوزراء المكلف يدرك هذا الأمر جيداً؛ لذلك يجب عليه أن يختار كابينة وزارية قوية يستطيع من خلالها قيادة البلد ونحن سنكون داعمين له».
وتابع النائب عن «دولة القانون»، أن «الكابينة الوزارية المقبلة في حال نجحت تحسب لمحمد توفيق علاوي، وفي حال أخفقت ستحاسب وبشدة داخل قبة البرلمان؛ لأنه اختار وزراءه بعيداً عن ضغوط الكتل والأحزاب، وفي حال فرضت عليه الأحزاب (وزراء) فعليه أن يخرج للشعب ويسمّي الأمور بمسمياتها ليعرف الكل من فرض وزراء ويكون بمواجهة الشعب».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.