حزب معارض يطالب الرئيس الجزائري بانتخابات برلمانية مبكرة

TT

حزب معارض يطالب الرئيس الجزائري بانتخابات برلمانية مبكرة

دعا أهم أحزاب المعارضة الجزائرية، الرئيس عبد المجيد تبون إلى تنظيم انتخابات برلمانية وبلدية مبكرة، بعد تعديل الدستور، الذي يتوقع إجراؤه في النصف الأول من العام. وفي غضون ذلك، أجلت محكمة الجنح بالعاصمة الفصل في قضية نجل الرئيس تبون، ورجل أعمال بارز ومسؤولين سابقين متهمين بالفساد، إلى 26 من الشهر الجاري.
واستقبل تبون أمس عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم الإسلامية» مع قياديين من الحزب بقصر الرئاسة، في إطار مشاورات جارية حول تعديل الدستور، ومطالب الحراك الشعبي بشأن التغيير.
وقال الحزب في بيان إن اللقاء «تناول الكثير من الملفات الوطنية والدولية، وتميزت وجهات النظر حولها بتقارب كبير». ومما بحثه مقري مع تبون، حسب البيان «الإصلاحات وضرورة التوجه إلى انتخابات تشريعية ومحلية حرة ونزيهة، بعد التعديل الدستوري وقانون الانتخابات، والملف الاقتصادي والمخاطر المحدقة بالبلد في هذا المجال».
ونقل البيان عن مقري أن «النتيجة العملية لنجاح الإصلاحات، واسترجاع الثقة هو النجاح في المجال الاقتصادي، الذي يحقق الازدهار والتطور، ويجعل الجزائر بلدا قويا ومؤثرا، وذلك ممكن حين يتوفر حكم راشد، واستقرار سياسي واجتماعي. والطريق إلى ذلك هو الحوار والتوافق، وشرعية ومصداقية وقوة المؤسسات، وقد استشعرنا توفر إرادة قوية من قبل الرئيس في هذا الإطار».
وطالب مقري من تبون مواصلة «مكافحة الفساد بلا هوادة، واسترجاع الأموال الطائلة التي منحتها البنوك (لرجال أعمال في السجن بتهم فساد)، وتم نهبها وتبذيرها، وضرورة خلق بيئة أعمال بعيدة عن الفساد، تقوم على العدالة والشفافية والمساواة في الفرص، والتعجيل ببناء المؤسسة الاقتصادية الناجحة، التي تقدم قيما مضافة، وتوفر الشغل بلا إقصاء». كما طالب مقري بـ«إجراءات تهدئة»، أهم ما ينبغي أن تتضمنه، حسب الحزب الإسلامي، الإفراج عن مساجين الحراك وهم بالعشرات. علما بأن الكثير منهم استعاد حريته بعد وصول تبون إلى الحكم نهاية العام الماضي.
من جهتها، قالت الرئاسة في بيان بخصوص اللقاء إن رئيس الجمهورية استمع إلى آراء واقتراحات وفد «مجتمع السلم» حول «إثراء الدستور، واستكمال تحقيق مطالب الشعب وطموحاته، وقد جدد رئيس الجمهورية بهذه المناسبة وفاءه لالتزامه الانتخابي بتنفيذ ما تبقى من هذه المطالب المشروعة، التي رفعها الشعب في 22 من فبراير (شباط) الماضي (اندلاع الحراك الشعبي) بصفة تدريجية لإحداث تغيير جذري في نمط الحكم، وأساليب التسيير، حتى يعطي البلاد انطلاقة في كل الميادين، ويعيد الاعتبار للأخلاق في الحياة العامة».
وأظهرت اجتماعات تبون مع الأحزاب تقاربا كبيرا بين السلطة الجديدة، ومعارضة مصنفة «راديكالية»، من بينها «مجتمع السلم» و«جيل جديد» برئاسة سفيان جيلالي. كما التقى تبون برئيسي الوزراء سابقا أحمد بن بيتور ومولود حمروش، ووزير الإعلام سابقا عبد العزيز رحابي، ووزير الخارجية سابقا أحمد طالب الإبراهيمي.
إلى ذلك، أعلنت «محكمة سيدي امحمد» بالعاصمة أمس، تأجيل معالجة ملف فساد في العقار، يخص خالد تبون، نجل الرئيس، إلى 26 من الشهر. ويعود السبب إلى غياب الكثير من الشهود في القضية، يفوق عددهم ثلاثين شاهدا. كما لم يتم إحضار بعض المحبوسين على ذمة التحقيق في القضية، من بينهم تبون الذي يثار جدل كبير حول مصيره، بعد وصول والده إلى سدة الحكم.
والمتهم الرئيسي في القضية هو رجل الأعمال وتاجر اللحوم الحمراء والمستثمر العقاري، كمال شيخي، الشهير بـ«البوشي» (الجزار)، وقاضيان وابن والي سابق ورئيس بلدية بالعاصمة، والسائق الشخصي لمدير الشرطة السابق اللواء عبد الغني هامل، المسجون هو أيضا بتهم فساد. وتم سجن هؤلاء المتهمين في مايو (أيار) 2018 على أثر مصادرة سبعة قناطير من الكوكايين على ظهر سفينة، كانت مخبأة مع أطنان من اللحوم الحمراء، تابعة لشيخي استوردها من البرازيل، في إطار صفقة تجارية مع الجيش الجزائري. وجاء في التحريات التي أجراها الدرك أن كثيرا من البنايات والعمارات التي تعود لشيخي بالعاصمة وفي أرقى أحياء المدن الكبيرة، تمكن من إنجازها في ظرف قصير وبتسهيلات استثنائية، وذلك بفضل تدخل خالد تبون لدى والده، الذي كان وزيرا للسكن والعمران للحصول على التراخيص اللازمة لذلك.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.