هل يختلف «الخط الأحمر» الجديد لإردوغان؟

جانب من الدمار بسبب القتال في إدلب (أ.ف.ب)
جانب من الدمار بسبب القتال في إدلب (أ.ف.ب)
TT

هل يختلف «الخط الأحمر» الجديد لإردوغان؟

جانب من الدمار بسبب القتال في إدلب (أ.ف.ب)
جانب من الدمار بسبب القتال في إدلب (أ.ف.ب)

حذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس دمشق بأنه سيلجأ إلى استخدام القوة العسكرية في حال لم يسحب النظام السوري قواته إلى وراء نقاط المراقبة التركية في إدلب قبل نهاية الشهر الجاري. السؤال: هل يختلف هذا الإنذار عن «الخطوط الحمراء» التي كان رسمها إردوغان في سوريا سابقاً؟
وقال الرئيس التركي في خطاب في أنقرة أمس: «اثنتان من نقاط المراقبة الـ12 التابعة لنا موجودة خلف خطوط النظام. نأمل في أن ينسحب إلى ما بعد مراكز المراقبة الخاصة بنا قبل نهاية فبراير (شباط) . وإذا لم ينسحب النظام، فإن تركيا ستكون ملزمة بالتكفل بذلك».
كان إردوغان لوح في 14 من يناير (كانون الثاني) الماضي بشن «عملية عسكرية» في شمال سوريا لمواجهة «المخاطر» الناجمة من القتال الدائر في محافظة إدلب، متهماً النظام السوري في ارتكاب «فظاعات». لكن سرعان ما قال بعد ذلك، إنه ليس بصدد الدخول في مواجهة مع روسيا في سوريا وحصلت اتصالات بين موسكو وأنقرة لـ«محاصرة التوتر».
كان الرئيس التركي قال في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، إن بلاده لن تترك أهالي حلب وحدهم «أياً كان الثمن». وقال: «اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بمبادرة تركيا وجهودها الحثيثة قد يكون الأمل الوحيد بالنسبة للأبرياء الموجودين في حلب»، وقال: «لذلك أدعو جميع الأطراف والمجتمع الدولي إلى مراعاته ودعمه». وقال: «تركيا، أمل المظلومين، لم ولن تترك أهالي حلب وحدهم، سنفعل كل ما بوسعنا، أياً كان الثمن، حتى لو كان الأمر يتعلق بإنقاذ نفس بريئة واحدة».
لكن اتصالات جرت بين أنقرة وموسكو بالتوازي مع هذه التهديدات، أسفرت عن صفقة تقدمت بموجبها قوات النظام في شرق حلب مقابل بدء تركيا عملية «درع الفرات» بين جرابلس والباب لتقطيع أوصال أي مشروع لكيان كردي بين شرق الفرات وغربه. كما حصلت صفقات أخرى ضد «الكيان الكردي»، قضت بتوغل تركيا في عفرين بداية 2018 ثم إقامة «نبع السلام» بين تل أبيض ورأس العين شرق الفرات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وكان إردوغان وجه إنذارات مشابهة اعتبر فيها حمص ومناطق أخرى «خطوطاً حمراء». وفي 28 يوليو (تموز) قال في لندن إنه لا يمكن «الاستمرار في البقاء متفرجين أو مراقبين» لما يحصل في سوريا. وأضاف: «نواجه نظاماً يقتل ويذبح شعبه وعلينا أن نبذل ما في وسعنا معاً لتفادي هذا الوضع المرعب».
مرة أخرى، يطرح تهديد إردوغان أسئلة عن مدى ارتباط ذلك بتحسين شروط التفاوض شرق الفرات واحتمال قيام شريط حدودي بموجب اتفاق أضنة الذي يسمح للجيش التركي التوغل بعمق قدره خمسة كيلومترات شمال سوريا... ومنع قيام «كيان كردي»، الذي يعتبره إردوغان أيضاً «خطاً أحمر» يهدد «الأمن القومي التركي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.