صمت رسمي عراقي حيال طلب واشنطن نشر منظومة صواريخ «باتريوت»

في ظل تحرك الأحزاب الشيعية لسحب القوات الأميركية

TT

صمت رسمي عراقي حيال طلب واشنطن نشر منظومة صواريخ «باتريوت»

استمر الغموض أمس، حول توجهات رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي، بشأن الوجود الأميركي في العراق وآلية التعامل مع القوى الإقليمية والدولية التي تتجلى خلافاتها على الأرض العراقية. وفيما يستعد علاوي حالياً لبدء المشاورات الرسمية مع الكتل السياسية العراقية، ظهرت خلافات بين هذه الكتل حول شروط وآليات دعم حكومته الجديدة. وبالتزامن مع ذلك، أعربت واشنطن عن رغبتها في نصب منظومة صواريخ «باتريوت» في العراق، الأمر الذي يعقّد الصورة أكثر في ضوء سعي قوى عراقية مختلفة، لا سيما الأحزاب والكتل الشيعية، إلى تأمين انسحاب القوات الأميركية من العراق.
ولم تعبّر الحكومة المستقيلة لعادل عبد المهدي ولا رئيس الحكومة المكلف محمد علاوي عن رأي واضح بشأن الخطط الأميركية الخاصة بمنظومة «باتريوت»، علماً بأن قوى سياسية عديدة دعمت في السابق فكرة شراء منظومة صواريخ «إس 300» أو «إس 400» من روسيا.
إلى ذلك، حذّر عضو البرلمان العراقي عن «كتلة الفتح» أحمد الكناني، من محاولات أميركا نشر منظومة صواريخ «باتريوت»، معتبراً أنها تقود البلاد إلى مشكلات كبيرة. وقال الكناني في تصريح صحافي إن «الجانب الأميركي يحاول المماطلة والتسويف وعدم الامتثال لقرار البرلمان بخروج قواته خارج العراق من خلال الحديث عن نيته نصب منظومة (باتريوت) في بعض القواعد العسكرية داخل البلاد»، لافتاً إلى أن «نصب المنظومة سيؤدي إلى مشكلات كبيرة». وأضاف الكناني أن «القوى السياسية العراقية داعمة للحل السياسي والدبلوماسي في إخراج القوات الأجنبية ومنها الأميركية وإن من أهم مهام الحكومة الجديدة هو إخراج كل القوات الأجنبية». وتابع أن «الحديث عن نصب المنظومة من الجانب الأميركي يعطي إشارة إلى أنه لا ينوي الخروج من العراق، وهذا أمر سيزيد من تعقيد الموقف». وزاد أن «نصب المنظومة مرفوض جملة وتفصيلاً».
وكان مساعد وزير الدفاع الأميركي، جوناثان هوفمان، قد قال، يوم الاثنين، إن بلاده ما زالت تواصل البحث مع بغداد في كيفية توفير أساليب تسمح برد أي تهديدات إيرانية، حسب قوله. وذكر هوفمان في مؤتمر صحافي أن «الولايات المتحدة لا تزال تواصل البحث مع السلطات العراقية في إجراءات السماح بإدخال بطاريات باتريوت لحماية المصالح الأميركية». وأضاف: «ننظر في مجموعة تهديدات إيرانية في العراق، وبطاريات باتريوت جزء من الإجراءات الدفاعية». وكان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، قد كشف الخميس الماضي، أن قواعد بلاده في العراق لا تملك منظومة لردع الصواريخ وحماية قواتها، في إشارة إلى الضربة الصاروخية الإيرانية التي استهدفت قاعدتين ينتشر فيهما جنود أميركيون في العراق الشهر الماضي. وقال إسبر في مؤتمر صحافي عقده مع رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي، إن بلاده «تحتاج إلى إذن من السلطات العراقية لنقل بطاريات باتريوت للدفاع الجوي إلى الداخل لحمايتنا من الضربات بعين الأسد»، وهي إحدى القاعدتين اللتين أصيبتا بصواريخ باليستية إيرانية.
وفي هذا السياق، يقول أستاذ الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي رئيس مركز «أكد» للدراسات السياسية والرؤى المستقبلية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الولايات المتحدة تسعى لنصب منظومة باتريوت بموافقة الحكومة العراقية وقيادة العمليات المشتركة»، مبيناً أن «الغرض منها خلْق جدار عازل للعراق أمام خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية التي استُخدمت باتجاه القواعد العسكرية العراقية التي تحتضن بعثات عسكرية دولية سواء كانت أميركية أو ضمن التحالف الدولي». وأضاف علاوي أن «الحكومة العراقية من حيث حساب التكاليف الاقتصادية ستكون رابحة كون التمويل الاستثماري على برامج التسليح يكون ضئيلاً في الموازنة الاتحادية نتيجة العجز المالي المتوقع في الموازنة الاتحادية لعام 2020 وتكاليف الحرب على الإرهاب وبالتالي فإن إقدام الولايات المتحدة على نصب المنظومات للدرع الصاروخية مجاناً، بعد موافقة الحكومة الاتحادية وقيادة العمليات المشتركة، سيكون مفيداً للعراق وحامياً للمجال الجوي من أجل تكوين منظومة الردع الوطنية بالاعتماد على التعاون العسكري الدفاعي العراقي – الأميركي».
من جهته، يقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» إن «منظومة باتريوت الأميركية جاءت رداً على التصريحات الحماسية التي أُطلقت من قوى سياسية بشأن التعاقد على منظومة الصواريخ الروسية (إس 300) أو (إس 400) وهذه المنظومة كانت قد دفعت تركيا ثمناً غالياً حين تعاقدت بشأنها مع روسيا». وأضاف أن «الولايات المتحدة ترغب في نصب منظومة باتريوت عبر قواعد وأماكن الوسط والجنوب حيث يمكن أن تكون في إقليم كردستان أو مناطق حدودية بعيدة متاخمة للأردن وسوريا أو الكويت».
وبشأن ما إذا كان نصْب هذه المنظومة جزءاً من اتفاقية الإطار الاستراتيجي، يقول أبو رغيف إنها «ليست جزءاً من هذه الاتفاقية لكنها قد تدخل ضمنها من منطلق أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق مكلّف بحماية حدود العراق وأي هجوم خارجي على العراق».
أما رئيس «المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية» الدكتور معتز محيي الدين، فيرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المنظومة تعد من أحدث المنظومات لمراقبة الأجواء ومكافحة حركة الطائرات وغيرها»، مبيناً أن «العراق يحتاج إلى مثل هذه المنظومة خصوصاً أن هناك مطالبات داخل لجنة الأمن والدفاع بحماية الأجواء العراقية، لكن الرأي الأميركي الأخير جاء في سياق مراقبة أميركا لنشاط الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية ومراقبة الأجواء العراقية - الإيرانية في الوقت الحاضر». وأضاف محيي الدين أن «المهمات القادمة لهذه المنظومة بعد موافقة الحكومة العراقية -وأتوقع أنها ستوافق على ذلك- سوف تكون لها مهمات في إطار حماية الأجواء العراقية»، مشيراً إلى أن «هناك جهات وأحزاباً عراقية تطالب بالعمل على تنويع مصادر التسليح من روسيا وسواها، ومن جملة ما تطالب به وضع منظومات للدفاع الجوي وبالذات روسية لكن الأميركيين لا يوافقون على ذلك. كذلك هناك دول جوار عديدة لا توافق على امتلاك العراق هذا النوع من الأسلحة المتطورة خشية وقوعها بيد جهات أخرى خارج إطار الدولة». وأوضح أن «هذه المنظومة حتى لو سُلّمت إلى العراق فإنها ستكون تحت إدارة أميركية وفنيين ومدربين أميركيين فضلاً عن أنها سوف تُنصب داخل القواعد الأميركية في العراق وليس في أماكن أخرى قد تكون قريبة من الفصائل المسلحة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.