القضاء اللبناني يكشف عن تحويل 2.3 مليار دولار إلى مصارف سويسرية

TT

القضاء اللبناني يكشف عن تحويل 2.3 مليار دولار إلى مصارف سويسرية

تتواصل التحقيقات القضائية في لبنان حول المعلومات التي تحدثت عن تحويلات ودائع إلى الخارج بمليارات الدولارات، في ذروة أزمة السيولة الخانقة التي يعيشها لبنان، والتضييق على المودعين لجهة سحب الأموال بالعملة الأجنبية، وتحديد سقف للسحب من الودائع بالعملة الوطنية.
وفي إطار التحقيقات التي يجريها في هذا الملف، تسلّم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، جواباً لكتابه الذي وجهه إلى «لجنة الرقابة على المصارف» وطلب فيه توضيحات حيال هذه المعلومات، لاتخاذ المقتضى القانوني. وكشف عويدات لـ«الشرق الأوسط»، عن أن كتاب لجنة المصارف «أفاد بوضوح بتحويل مليارين و276 مليون دولار من حسابات أشخاص من مصارف لبنانية إلى عدد من البنوك السويسرية، لكنه (الكتاب) لفت إلى أن نحو 60 في المائة من هذه المبالغ عبارة عن عقود ائتمانية».
وأكد القاضي عويدات أنه «أحال نسخة من هذا الكتاب إلى هيئة التحقيق الخاصة ومكافحة تبييض الأموال في (مصرف لبنان)، لإجراء تحقيقاتها في الأمر، وتحديد أسماء أصحاب هذه المبالغ، ومصادر الأموال وما إذا كانت مشبوهة أم لا».
وأثارت المعلومات التي كشف عنها قبل نحو شهر الخبير المالي والاقتصادي مروان إسكندر، بلبلة في الأوساط الشعبية وفي قطاع المصارف، حيث نقل عن مسؤولة سويسرية أن 9 سياسيين لبنانيين، حوّلوا إلى حساباتهم في سويسرا نحو 3 مليارات دولار، وهو ما استدعى فتح تحقيق قضائي، وتحركاً من «مصرف لبنان» للوقوف على حقيقة المعلومات، وكشف هوية أصحاب الأموال.
ولم يتلقَّ القضاء اللبناني حتى الآن أجوبة عن كتابه الذي أرسله إلى السلطات السويسرية بهذا الشأن، فيما أعلنت الأخيرة أنها فتحت تحقيقاً بالأمر لتبيان حقيقة ما حدث. وأعلن مصدر قضائي أن النيابة العامة التمييزية «ستتخذ في ضوء نتائج تحقيقات الهيئة الخاصة في (مصرف لبنان)، الإجراءات القضائية اللازمة». وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ثمة مسؤوليات سيحددها القضاء، إنْ لجهة تحويل مبالغ طائلة جداً إلى الخارج في ذروة الأزمة المالية التي يعاني منها البلد، وتقييد حركة السحوبات والتحويلات للمواطنين، وإنْ لحالات اضطرارية أو للتجار لتمويل عمليات شراء المواد الغذائية وغيرها من الخارج»، لافتاً إلى أن «المسؤولية مشتركة بين أصحاب الأموال والمصارف التي حوّلتها إلى سويسرا وفق الآليات التي تعتمدها».
وعما إذا كانت التحويلات عائدة لسياسيين، دعا المصدر القضائي إلى انتظار «النتائج التي ستتوصل إليها هيئة الرقابة على المصارف، والتي ستحدد هويات الأشخاص وما إذا كانوا نافذين، وهذه الأسماء ستكون قريباً في متناول هيئة التحقيق الخاصة ومكافحة تبييض الأموال في (مصرف لبنان)، وفي متناول التحقيق القضائي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».