قفزة معنوية في منطقة اليورو على أكتاف الصناعة

قفزة معنوية في منطقة اليورو على أكتاف الصناعة
TT

قفزة معنوية في منطقة اليورو على أكتاف الصناعة

قفزة معنوية في منطقة اليورو على أكتاف الصناعة

أفادت بيانات من المفوضية الأوروبية الخميس بأن المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو قفزت في يناير (كانون الثاني) الجاري مع ارتفاع ثقة المصنعين إلى أعلى مستوياتها منذ أغسطس (آب) الماضي، في مؤشر على أن اقتصاد التكتل ربما يكون حقق بداية قوية للعام.
وفي بيان منفصل، قال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) أيضا إن البطالة في منطقة اليورو هبطت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لأدنى معدلاتها في أكثر من عشر سنوات.
وأظهر المسح الشهري الذي تجريه المفوضية أن المعنويات الاقتصادية في التسع عشرة دولة التي تستخدم العملة الموحدة صعدت إلى 102.8 نقطة في يناير، من 101.3 نقطة في ديسمبر (كانون الأول)، بما يفوق بفارق مريح متوسط توقعات عند 101.8 نقطة في استطلاع رأي أجرته رويترز.
وجاء التحسن مدفوعا بزيادة الثقة في قطاع الصناعة، إذ كان مديرو المصانع أكثر تفاؤلا في توقعاتهم للإنتاج ومخزوناتهم من المنتجات التامة الصنع. ودعمت بيانات البطالة الجديدة هذه النظرة المتفائلة، إذ نزل معدل البطالة في منطقة اليورو إلى 7.4 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، وهو أدنى مستوى له منذ مايو (أيار) 2008 عندما بدأت الأزمة المالية العالمية التأثير على التكتل.
وفي سياق منفصل، تعهد رئيس المجلس الإشرافي بالبنك المركزي الأوروبي الخميس بإزالة بعض العراقيل أمام اندماج البنوك العابر للحدود في منطقة اليورو، مثل القيود المفروضة على نقل الأموال بين وحدات تابعة في دول مختلفة.
ويدعو البنك المركزي الأوروبي منذ فترة طويلة إلى اندماج في القطاع الذي يواجه صعوبات لتحقيق أرباح بسبب انخفاض أسعار الفائدة وارتفاع تكاليف شبكة فروعه التقليدية. لكن عمليات الاندماج بين بنوك في دول مختلفة قليلة ومتباعدة، لأسباب من بينها خليط من المتطلبات المحلية بشأن السيولة ورأس المال، وأيضا بسبب الافتقار إلى نموذج مشترك لحماية الودائع.
وقال أندريا إنريا لممثلي البنك في فرانكفورت إن «الإشراف المصرفي بالبنك المركزي الأوروبي يدرس مجموعة من الخيارات، مثل تحسين الدور المحتمل لاتفاقات ترمي لدعم العمل الجماعي لشركات تابعة». وأضاف: «نحن منفتحون أيضا على تسهيل منح إعفاءات بشأن السيولة العابرة للحدود على المستوى الفردي إلى الحد الممكن ضمن الإطار التشريعي الحالي».
وتصريحات إنريا سيكون لها وقع إيجابي بالنسبة لأوني كريديت الإيطالي الذي يسعى من سنوات لسحب سيولة منذ وحدته التابعة الألمانية إتش.في.بي، لكنه يواجه رفضا من جانب سلطة الإشراف المالي الاتحادية الألمانية (بافين).
وقال إنريا إن المركزي الأوروبي سيسهل أيضا على نحو أكبر للبنوك معاملة بعض عملياتها في منطقة اليورو كفروع، مما ينطوي على قدر أقل من التدقيق من جانب جهات الإشراف المحلية.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.