إعادة إحياء الأزياء التراثية للمرأة المصرية في معرض فني

عبر 23 لوحة متنوعة

من لوحات الفنان طاهر عبد العظيم   -  نساء طاهر يظهرن قويات ومقبلات على الحياة في اللوحات
من لوحات الفنان طاهر عبد العظيم - نساء طاهر يظهرن قويات ومقبلات على الحياة في اللوحات
TT

إعادة إحياء الأزياء التراثية للمرأة المصرية في معرض فني

من لوحات الفنان طاهر عبد العظيم   -  نساء طاهر يظهرن قويات ومقبلات على الحياة في اللوحات
من لوحات الفنان طاهر عبد العظيم - نساء طاهر يظهرن قويات ومقبلات على الحياة في اللوحات

بجلباب ملون بنقوش مبهجة، وطرحة مصنوعة من أقمشة خفيفة، لا تخفي الضفائر الطويلة السوداء اللامعة، ظهرت المرأة المصرية الريفية في أعمال سينمائية، وتشكيلية، وفوتوغرافية عدة ساهمت في توثيق صورتها خلال بدايات القرن الماضي، وعكست أصالة وتفرد الأزياء التقليدية التي تبدلت كثيراً خلال العقود الماضية. وهو ما عمل الفنان التشكيلي الدكتور طاهر عبد العظيم، أستاذ قسم الديكور بكلية الفنون الجميلة، على إعادة إحيائه، عبر معرض فني تستضيفه قاعة «آدم حنين» بمركز الهناجر للفنون، بدار الأوبرا المصرية، بعنوان «مصرية أنا»، ويستمر حتى بداية شهر فبراير (شباط) المقبل.
المعرض الذي يضم 23 لوحة، يظهر به ثلاث فتيات، طالبات بكلية الفنون الجميلة، استعان بهن طاهر لما يحملنه من ملامح مصرية خالصة إلى جانب خبرتهن في التمثيل بالفرقة المسرحية بالكلية.
استمر الإعداد للمعرض عاماً كاملاً، حسبما يؤكد عبد العظيم لـ«الشرق الأوسط»، الذي أشار إلى «رغبته في الاحتفاء بكل ما تمثله المرأة المصرية من مثابرة وقوة في إطار تراثي إبداعي، يعكس رؤيته الخاصة لضرورة منح المرأة التمثيل المناسب في المجتمع».
استعان طاهر بمصممة الأزياء المصرية نجوى مهدي، التي عكست بدورها رؤيتها الفنية للملابس التراثية التقليدية سواء في الريف أو المناطق البدوية، وعكست اللوحات تقدير الفنان للمرأة القوية، حيث بدت جميع بطلات الأعمال مبتسمات ومرحات، يوجهن المتلقي بنظرات ثابتة، مع استخدام ألوان مبهجة وإبراز التفاصيل كالنقوش والتطريز على الملابس والحلي.
ومزج الفنان بين عدد من الأساليب الفنية المختلفة متأثراً بفناني عصر النهضة واهتمامهم بتصوير المرأة، رغم اختلاف حجم اللوحات، ولم يهتم طاهر بوضع اسم محدد على كل لوحة، حتى ينظر إليها المتلقي كحالة مكتملة.
معظم لوحات المعرض لم تخلُ من اللون الأصفر الذهبي الذي استُخدم لإضفاء بريق ضوء الشمس الذهبي على عمق مجال اللوحات، فيما توقف زوار المعرض حول لوحة كبيرة ظهرت فيها الفتيات الثلاث على خلفية حمراء وتفاصيل مستوحاة من الحكايات الشعبية المصرية.
لم يهتم عبد العظيم أيضاً بإبراز ماهية الخلفية الخاصة بلوحاته، فيما بدت الفتيات داخل لوحاته بملامح أكثر نضجاً عن أعمارهن الحقيقية، وعن ذلك يقول إنه «لم يهتم بمطابقة ملامح الفتيات بقدر اهتمامه بالانطباعات، ورؤيته الخاصة».
معرض «مصرية أنا» يعد الأول من نوعه للدكتور طاهر عبد العظيم، عن المرأة المصرية، وإن كان سبقه معارض مشابهة اهتمت بإحياء التراث بشكل عام، وينوي عبد العظيم تكرار تلك التجربة مرة أخرى، بسبب ارتباطه بلوحاته بشكل خاص.
بطلات المعرض الثلاث اللاتي ظهرن في حفل افتتاح المعرض، مرتديات نفس الأزياء اللاتي ظهرن بها في اللوحات، وكن يؤدين عدداً من الحركات التعبيرية التي تتشابه مع الأعمال المعروضة، أكدن أهمية التجربة بالنسبة إليهن، وتقول إنجي ياسر، لـ«الشرق الأوسط»: «اكتشفت في شخصيتي سمات جديدة عبر اللوحات التي ظهرت بها، كما اكتسبت خبرة من الفنان ذاته، بالإضافة إلى انبهاري بالملابس التراثية التي ارتدتها للمرة الأولى».
يصاحب المعرض عزف موسيقي مستوحى من الأعمال المعروضة للفنان محمد نجلة، الذي مزج بين نغمات البيانو وآلاتَي الربابة والطبلة الشعبية، بالاستعانة بجمل لحنية فولكلورية تراثية، كلحن أغنية «سلمى يا سلامة» للفنان الراحل سيد درويش.
وتعد هذه التجربة الثانية لنجلة، الذي يعزف فيها ألحاناً مستوحاة من رؤية فنان تشكيلي، وعن ذلك يقول إن «لوحات طاهر تحمل مضمون الاحتفاء بالمرأة والعودة للتراث»، ما ألهمه المزج بين الآلات الشعبية والبيانو مع ترك حرية الارتجال للعازفين.



5 تمارين ذهنية لتنشيط الدماغ بعد سن الأربعين

ممارسة الكتابة الحرة تساعد على تنشيط الدماغ (جامعة يوتا الأميركية)
ممارسة الكتابة الحرة تساعد على تنشيط الدماغ (جامعة يوتا الأميركية)
TT

5 تمارين ذهنية لتنشيط الدماغ بعد سن الأربعين

ممارسة الكتابة الحرة تساعد على تنشيط الدماغ (جامعة يوتا الأميركية)
ممارسة الكتابة الحرة تساعد على تنشيط الدماغ (جامعة يوتا الأميركية)

تؤكد بحوث حديثة أن الدماغ لا يتوقف عن التطور مع التقدم في العمر؛ بل يواصل إنتاج خلايا عصبية جديدة حتى بعد منتصف العمر. وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن «المرونة العصبية» تبلغ ذروتها في مرحلة الطفولة، أظهرت الدراسات أن الدماغ يظل قادراً على التكيُّف والتجدد طوال الحياة.

وبالنسبة لمن تجاوزوا سن الأربعين، يحمل هذا الاكتشاف رسالة أمل واضحة، مفادها أن نسيان الأسماء أو الشعور بما يُعرف بـ«ضبابية الذهن» ليسا أمرين حتميين؛ بل يمكن الحد منهما عبر تمارين ذهنية يومية لا تتجاوز 5 دقائق في اليوم، شرط الالتزام بها بانتظام.

وتشير مجلة «VegOut» الأميركية إلى أن هذه التمارين تحفِّز الدماغ وتدفعه للعمل بطرق جديدة وأكثر كفاءة.

واللافت أن هذه التمارين لا تتطلب وقتاً طويلاً أو أدوات باهظة الثمن؛ بل يمكن لأي شخص تطبيقها بسهولة ضمن روتينه اليومي.

1- الكتابة الحُرّة

في كل صباح، وقبل الانشغال بقائمة المهام اليومية، يُنصح بممارسة الكتابة الحرة دون تفكير أو مراجعة أو تصحيح. وقد تكون الكتابة عن أفكار عابرة، أو أحلام، أو حتى جمل متكررة، مثل: «لا أعرف ماذا أكتب». وتكمن الفائدة هنا ليس في مضمون ما يُكتب؛ بل في عملية تحويل الأفكار إلى كلمات دون رقابة داخلية.

2- العدُّ العكسي خلال تنظيف الأسنان

تقوم هذه العادة على اختيار رقم مكوَّن من 3 أرقام، والبدء في العد تنازلياً بطرح 7 خلال تنظيف الأسنان، مثل: 298، 291، 284. ويُجبر هذا التمرين الدماغ على التركيز خلال أداء مهمة روتينية، ما يُنشِّط الانتباه والذاكرة دون إضافة وقت جديد إلى جدول اليوم.

3- تعلَّم 5 كلمات بلُغة جديدة

تشير البحوث إلى أن تعلُّم اللغات الأجنبية يزيد من نشاط الدماغ، ويعزز مقاومته للتدهور المعرفي. ولا يشترط الوصول إلى الطلاقة؛ إذ إن تعلُّم 5 كلمات يومياً كافٍ لتحقيق فائدة ملموسة، ومع الاستمرارية يمكن اكتساب أكثر من 1800 كلمة سنوياً، وهو ما ينعكس إيجاباً على القدرات الذهنية.

4- التأمل عبر فحص الجسد

وهو نوع من التأمل يركِّز على الانتباه الواعي لكل جزء من الجسم، بدءاً من أصابع القدمين وصولاً إلى الرأس، خطوة بخطوة، مع ملاحظة أي شعور جسدي، مثل التوتر أو الحرارة أو البرودة، دون محاولة تغييره أو إصدار أحكام بشأنه.

5- الامتنان بتفاصيل محددة قبل النوم

بدلاً من عبارات الامتنان العامة، مثل: «أنا ممتن لعائلتي»، يُفضَّل التركيز على تفاصيل دقيقة، مثل ضوء الصباح أو موقف لطيف مع أحد الجيران. ويُنشِّط هذا النوع من الامتنان مراكز الذاكرة والعاطفة واللغة معاً، كما ثبت أنه يُحدث تغييرات إيجابية في بنية الدماغ.

ويشير الخبراء إلى أن دماغ الإنسان بعد منتصف العمر لا يتدهور بالضرورة؛ بل يتغير، ويمكن توجيه هذا التغيير بشكل إيجابي؛ فالعادات اليومية البسيطة تُحفِّز الخلايا العصبية على العمل بأنماط جديدة، ما يعزز الوضوح الذهني والإبداع والمرونة العقلية.

وينصح الخبراء باختيار تمرينين أو ثلاثة من هذه الممارسات، والالتزام بها لمدة شهر، ثم إضافة المزيد تدريجياً، مؤكدين أن التأثير التراكمي لهذه الخطوات الصغيرة قد يكون مذهلاً على المدى الطويل.


من الألم إلى الإبداع... كيف يُعيد الفن بناء الذات؟

التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)
التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)
TT

من الألم إلى الإبداع... كيف يُعيد الفن بناء الذات؟

التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)
التعافي من مرض مزمن كان تحدياً صعباً لبيثاني ويليامز (غاليري بيثلم)

في بعض الأحيان، يكون الفن أكثر من مجرد إبداع؛ يكون ملاذاً، وطريقة لاستعادة الذات المفقودة بين الألم والصمت. هذا ما اكتشفته الفنانة الشابة بيثاني ويليامز، التي وجدت في ممارسة الفن وسيلة لإعادة الاتصال بنفسها تدريجياً بعد صراع طويل مع مرض مزمن.

معرضها الأول «هذا المكان البري، المؤلم حدّ الوجع، والجميل»، يعكس رحلتها الشخصية بكل تفاصيلها الدقيقة. المعرض، المعروض حالياً في لندن، ليس مجرد قطع فنية، بل هو سرد حي لتجربة إنسانية عميقة، تحكي قصة الألم، والصبر، والتعافي.

في عام 2013، شُخِّصت ويليامز بـ«الصداع اليومي المستمر الجديد»، مرض يزرع الألم في الرأس والوجه بلا هوادة. وحين دخلت في فترة هدوء مؤقتة، عاد المرض عام 2022 بأعراض أقسى، أجبرتها على ملازمة الفراش لفترة طويلة. عن تلك المرحلة الصعبة تقول: «قضيت عاماً ونصف العام طريحة الفراش، ثم بدأت أتحسن ببطء شديد، وكانت تلك المرحلة بالغة الصعوبة».

المعرض، كما تصفه، هو «رسالة حب إلى الأرض التي احتضنتني، وإلى الألم الذي غيّرني، وإلى نسخة من نفسي لم أكن أتوقع أن ألتقيها يوماً». وخلال تلك الفترة الحرجة، عادت ويليامز، الفائزة مؤخراً بجائزة مجلس الأزياء البريطاني وصندوق فوغ للمواهب الصاعدة، إلى جزيرة مان، لتجد فيها المساحة والوقت لإعادة التواصل مع إبداعها الفني واستعادة توازنها الداخلي؛ وفق «بي بي سي».

رحلتها نحو التعافي كانت مليئة بالتجارب المتنوعة؛ من العمل بالخزف إلى الانغماس في الطبيعة، وهي تقول إن هذه اللحظات «أعادتني إلى ذاتي ببطء». وأضافت: «طورنا في المعرض منحوتات ضوئية، وبما أنني كنت شديدة الحساسية تجاه الضوء، أردت استخدامه كرمز لتقدمي في التعافي».

تصاميمها استُلهمت من المناظر الطبيعية ورحلتها في التعافي (غاليري بيثلم)

المعرض، أول عرض فردي لها، يضم 3 منحوتات ضوئية نسيجية تمثل مراحل التعافي المختلفة، إلى جانب منحوتات بورسلان، ولوحات فنية، وتركيب من الأقمشة، وشاشة خشبية. وتقول ويليامز إن هذه الأعمال تختزل مسيرتها نحو الشفاء، رحلة «مؤلمة إلى حد كبير، لكنها حملت معها دروساً حياتية جميلة للغاية».

إلهامها جاء من الطبيعة الساحرة لجزيرة مان: الأحجار القائمة في العراء، والمرتفعات الشامخة، والأشجار التي شكلتها الرياح العاتية. وأضافت أن المناطق المرتفعة، حيث تنمو ثمار العليق والتنور ونبات الخلنج، كانت بالنسبة لها «منعزلة على نحو جميل».

وعن أسلوبها الفني، تقول: «كنت أسعى لخلق إحساس شبحاني، غامض وجميل في آن واحد، يشبه تلك اللحظة التي يفقد فيها الإنسان ذاته ثم يعود إليها تدريجياً». وختمت: «إنه رسالة حب إلى الأرض التي احتضنتني، وإلى الألم الذي غيّرني، وإلى النسخة من نفسي التي لم أكن أتوقع أن ألتقيها».

يستضيف «غاليري بيثلم» في لندن المعرض حالياً حتى نهاية يناير (كانون الثاني)، وسيُنقل لاحقاً إلى «بيت مانانان» عام 2027، ليبقى شاهداً حياً على رحلة فنانة استطاعت تحويل الألم إلى جمال، والفقدان إلى اكتشاف الذات.


مصر: هروب جماعي لمدمنين يثير تساؤلات بشأن طبيعة عمل المصحّات

جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)
جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)
TT

مصر: هروب جماعي لمدمنين يثير تساؤلات بشأن طبيعة عمل المصحّات

جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)
جانب من عمليات التفتيش على منشآت علاج الإدمان (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)

أثارت واقعة هروب جماعي لعدد من مرضى الإدمان في مصر من داخل إحدى المصحات الخاصة في محافظة الجيزة تساؤلات بشأن بروتوكول العلاج بالمصحات ومدى الالتزام بتطبيق الإجراءات العلمية المتبعة للعلاج داخلها.

وانتشر، الأحد، عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لهروب جماعي لعدد من المرضى في منطقة المريوطية بالجيزة، مع أحاديث انتشرت عبر هذه المواقع بشأن «سوء معاملة» داخلها، في حين أكدت وزارة «الصحة» المصرية أن المنشأة «غير مرخصة من الأساس، وتمارس نشاطاً غير قانوني عبر انتحال صفة (منشأة طبية)، مع التحرك الفوري لمحاسبة المسؤولين القائمين عليها وإحالة الواقعة للنيابة العامة من أجل غلقها نهائياً».

منشآت غير مرخصة

وأكدت الوزارة تشكيل لجان لتنفيذ حملات تفتيش موسعة على المنشآت الطبية غير المرخصة على مستوى الجمهورية، وبمشاركة المجلس القومي للصحة النفسية والأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، إلى جانب وزارة الداخلية، حيث أسفرت هذه الحملات خلال عام 2025 عن إغلاق مئات المنشآت المخالفة، منها 112 منشأة في 5 محافظات فقط خلال النصف الأول من العام.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مشكلات داخل مراكز غير مرخصة، مع تكرار وقائع هروب المقيمين في المراكز غير المرخصة أو الحاصلة على تراخيص قانونية، التي كان منها وفاة شقيق المطرب رامي صبري بعد هروبه من مركز مماثل في المنطقة نفسها في يوليو (تموز) 2021.

توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية الصحية بملف الصحة النفسية (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)

وقالت عضو لجنة الصحة في مجلس النواب، إيرين سعيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن الواقعة تفتح الباب أمام تساؤلات عدّة حول غياب الرقابة والتفتيش المستمر على مراكز علاج الإدمان، على الرغم من تعدد الجهات التي يفترض أن تقوم بهذا الدور وفقاً للقانون، مشيرة إلى أن «الحصول على تراخيص لإقامة منشأة طبية أمر يمر عبر جهات عدّة ويستلزم استيفاء شروط وتراخيص قبل البدء في ممارسة عملها».

وأضافت أن «المراكز غير المرخصة والمنتشرة في مواقع كثيرة تفتقد للعديد من الأساسيات الواجب توافرها، ليس بالعلاج فقط، ولكن في توفير الظروف التي يمكن أن تساعد المدمن على التعافي»، مؤكدة أن «هذا الأمر يتطلب تحركاً واضحاً للعمل على إغلاقها وتوفير البدائل، خصوصاً لما يشكله هذا الأمر من خطورة داهمة».

فجوة كبيرة

المدير السابق ومؤسس وحدة الإدمان في مستشفى «العباسية للصحة النفسية»، عبد الرحمن حماد، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك فجوة عالمية بعدد الأسِرّة المتوفرة من أجل معالجة المدمنين على مستوى العالم، وليس في مصر فقط»، مشيراً إلى أن «تجهيز منشأة للعلاج النفسي يتطلب تراخيص من نقابة (الأطباء) و(المجلس القومي للصحة النفسية)، بالإضافة إلى إدارة (العلاج الحر) في وزارة الصحة، وهو أمر لا تلتزم به غالبية المصحات التي تتلقى مبالغ متواضعة مقابل علاج المرضى».

وأضاف أن «هناك مصحات كثيرة لا توفر بيئة علاجية مرتبطة بمكان جيد وطعام مناسب وإشراف طبي ونفسي واجتماعي ورياضي للمريض في رحلته للتعافي»، موضحاً أن «جزءاً من الأزمة يكون مرتبطاً برغبة الأهالي في إدخال مرضاهم لمصحة من أجل تلقي العلاج، وربما صعوبة العثور على مكان في مستشفى حكومي مع وجود حالات انتظار كثيرة يتسبب في إيداعهم بمصحات غير مرخصة».

وتابع أن «علاج الإدمان يتطلَّب معايير متعددة لا تتوافر في المصحات غير المرخصة بشكل كبير»، موضحاً أن «الحملات الرقابية التي ساهمت في إغلاق كثير منها يتم التحايل عليها بإعادة فتحها في مبانٍ جديدة مع سهولة التجهيزات التي تتطلبها من وجهة نظر القائمين عليها، والمرتبطة بتركيب أبواب حديدية وشبابيك مماثلة لمنع المرضى من الهرب».

دار غير مرخصة لعلاج الإدمان بالإسكندرية (الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان)

وهنا يشير أستاذ الطب النفسي جمال فرويز لـ«الشرق الأوسط» إلى المبالغ المالية الكبيرة التي يتطلبها إنشاء مصحة مرخصة وتجعل الشريحة الكبرى من المواطنين غير قادرة على التعامل معها من الناحية المالية، مؤكداً أن «متوسط يوم العلاج في المستشفى وفق المعايير الطبية المطلوبة لا يجب أن يقل عن 8 آلاف جنيه (الدولار يعادل 47.5 جنيه في البنوك) وهو أمر لا يناسب الشريحة الكبرى من المرضى».

طريقة قاسية

وأضاف أن «أسراً كثيرة تلجأ إلى المصحات غير المرخصة التي تتقاضى في المتوسط من الأسرة ما بين 10 إلى 15 ألف جنيه شهرياً، في مقابل احتجازه للعلاج، مؤكداً أن طرق العلاج المتبعة في داخلها تكون قاسية في كثير من الأحيان، وترتكز على منع المدمن من التعاطي، لكن من دون أي اعتبارات أخرى، وهو أمر قد تكون له تداعيات سلبية بشكل كبير على حياته بعد الخروج منها».

ووفق بيانات «صندوق مكافحة الإدمان»، فإن عددَ من تقدموا للعلاج في 2025 بلغ نحو 150 ألفاً، في حين خضع أكثر من ربع مليون فرد للكشف الإداري لبيان مدى تعاطيهم المواد المخدرة من عدمه، فيما يتبنى الصندوق التابع لوزارة «التضامن الاجتماعي» خطة وطنية لمكافحة المخدرات والحدّ من مخاطر التعاطي والإدمان، بدأ تنفيذها في 2024 وتستمر لمدة 4 سنوات.