الجزائر: إحالة التعديلات الدستورية على البرلمان بعد 3 أشهر

TT

الجزائر: إحالة التعديلات الدستورية على البرلمان بعد 3 أشهر

صرح محمد لعقاب، المستشار بالرئاسة الجزائرية، أمس في مؤتمر صحافي بالعاصمة، أن إعداد مسودة التعديل الدستوري جار منذ شهر، مبرزا أنها «ستكون جاهزة في غضون ثلاثة أشهر»، وستعرض حسبه على البرلمان لمناقشتها، قبل تنظيم استفتاء شعبي حولها. فيما ترى المعارضة وقطاع من المراقبين أن البرلمان موروث عن انتخابات شابها التزوير، وعلى هذا الأساس لا يملك أعضاؤه الشرعية لإعطاء رأيهم في قضية مهمة كالدستور، بحسب أصحاب هذا الرأي.
وكلف الرئيس عبد المجيد تبون «لجنة» تتكون من 15 خبيرا في القانون لجمع مقترحات من الأحزاب والشخصيات السياسية والمجتمع المدني، تخص دستورا جديدا. ويتمثل التوجه العام في تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وإلحاقها بالبرلمان ورئيس الوزراء. كما يتوقع أن يتضمن تعديل الدستور إبعاد الرئيس من «المجلس الأعلى للقضاء»، الذي يترأس أعماله.
وأكد لعقاب أن وثيقة الدستور المنتظرة سترسل إلى الأحزاب والفاعلين في المجتمع لـ«إثرائها وإبداء الرأي فيها»، قبل تنظيم الاستفتاء، الذي يتوقع أن يكون قبل الصيف المقبل.
من جهة ثانية، أعلن صحافيان يقبعان في السجن بدء إضراب عن الطعام، اليوم، احتجاجا على «طول مدة سجنهما»، و«تباطؤ القضاء في تنظيم محاكمة لهما». علما بأن قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ينص على أن الحبس الاحتياطي «استثناء وليس قاعدة»، ولا يتم اللجوء إليه إلا في حال وجود شكوك لدى القضاء بفرار المتابع قضائيا للإفلات من العقاب.
ونشر محامون يدافعون عن الصحافيين سفيان مراكشي، وهو مراسل فضائية عربية بالجزائر، وبلقاسم جير صحافي بقناة تلفزيونية محلية، رسالة مشتركة لهما موجهة إلى الرأي العام، يشرحان فيها قرار إضرابهما عن الطعام. وجاء في الوثيقة «بعد اعتقالنا وإيداعنا الحبس المؤقت منذ أزيد من ستة أشهر، وبعد استكمالنا إجراءات التحقيق الأولية، ثم سماعنا (من طرف قاضي التحقيق) في الموضوع (مضمون القضية) وذلك منذ أربعة أشهر، وبعد رفض كل طلبات الإفراج المؤقت التي تقدمت بها هيئة دفاعنا، قررنا نحن سفيان مراكشي وبلقاسم جير المحبوسان بسجن الحراش (جناح العزلة الجديدة)، الدخول في إضراب عن الطعام، بدءا من يوم الخميس 30 يناير (كانون الثاني) 2020 كتعبير عما نعانيه وتعانيه عائلاتنا جراء تجاهل قضيتنا».
وقال الصحافيان إن طريقتهما في الاحتجاج «بمثابة تذكير للسلطة القضائية بمطلبنا الصريح بخصوص الإفراج عنا، وتنظيم محاكمة عادلة لنا في أقرب الآجال، كما نذكر في هذا المقام القضاء بتعهداته الوطنية والدولية الدستورية والقانونية، الخاصة باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة ـ وخاصة مهنة الصحافة».
واعتقل مراكشي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما كان بصدد تغطية المظاهرات الشعبية المعارضة للنظام. وقال أقاربه إن قوات الأمن ضبطت بحوزته عتادا للبث التلفزيوني يعتبر محظورا محليا. ويخشى المهتمون بالقضية أن توجه له تهمة التجسس أو التخابر مع جهة أجنبية. علما بأنه سبق لصحافي يدعى سعيد شيتور أن تعرض للمتابعة في 2016 بناء على هذه التهمة، وقضى 16 شهرا في السجن.
أما جير فتابعته النيابة بتهمة لا علاقة لها بنشاطه الصحافي، إذ أوضح محاميه أن جهاز الأمن «ضبطه متلبسا بانتحال صفة ضابط عسكري». ولا يعرف الشيء الكثير عن هذه القضية.
ويطالب نشطاء حقوق الإنسان بإنهاء حبس الصحافيين ووضعهما في الرقابة القضائية، على أساس أن الحبس الاحتياطي «مخصص للمجرمين وتجار المخدرات».
وأعلن تنظيم قيد التأسيس «صحافيون جزائريون متحدون»، عن مظاهرة الجمعة وسط العاصمة بمناسبة الحراك الشعبي الأسبوعي، للتعبير عن سخط الصحافيين من «مضايقات السلطة»، وللمطالبة بإطلاق سراح مراكشي، المسجون بسبب نشاطه الصحافي، وبتنظيم محاكمة لجير في أقرب وقت. كما أعلن عن مظاهرة أخرى السبت لنفس الغرض بـ«دار الصحافة» بالعاصمة.
يشار إلى أن صحافيا يسمى محمد تامالت توفي في السجن نهاية 2016، متأثرا بتبعات إضرابه عن الطعام دام شهرين. وقد أدانه القضاء بعامين سجنا مع التنفيذ، على أثر كتابات عدت مسيئة بحق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ورئيس الوزراء سابقا عبد المالك سلال (يقضي عقوبة 12 سنة سجنا بتهم فساد)، ورئيس أركان الجيش المتوفى الشهر الماضي، الفريق أحمد قايد صالح.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.