المتظاهرون يستبقون جلسة مجلس النواب: لا ثقة لـ«حكومة المحاصصة»

خلال مسيرات نظمت في بيروت وبعض المناطق

متظاهرون يحاولون إزالة سياج من الشريط الشائك أقامته قوات الأمن حول مقر رئاسة الحكومة مساء أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يحاولون إزالة سياج من الشريط الشائك أقامته قوات الأمن حول مقر رئاسة الحكومة مساء أمس (أ.ف.ب)
TT

المتظاهرون يستبقون جلسة مجلس النواب: لا ثقة لـ«حكومة المحاصصة»

متظاهرون يحاولون إزالة سياج من الشريط الشائك أقامته قوات الأمن حول مقر رئاسة الحكومة مساء أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يحاولون إزالة سياج من الشريط الشائك أقامته قوات الأمن حول مقر رئاسة الحكومة مساء أمس (أ.ف.ب)

استبق المتظاهرون في لبنان الجلسة البرلمانية المتوقعة الأسبوع المقبل لمناقشة البيان الوزاري والتوصية على الثقة بحكومة الرئيس حسان دياب بمسيرات جالت شوارع بيروت، رافعين شعارات «لا ثقة لحكومة التكنو محاصصة.. لن ندفع الثمن».
ومنذ ظهر أمس انطلقت المسيرات من مناطق عدة تلبية للدعوة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وسجلت فيها مشاركة لافتة، لتلتقي جميعها في محيط مقر البرلمان في وسط بيروت، رافعين شعارات «لا ثقة للحكومة».
وانطلق اللبنانيون في خمس مسيرات في شوارع بيروت التقت جميعها في محيط مجلس النواب، الأولى من ثكنة الحلو في منطقة كورنيش المزرعة والثانية من الأشرفية والثالثة من فردان والرابعة من الدورة والخامسة من قصر العدل.
وشهدت ثكنة الحلو تجمّعا إعلاميا رفضاً للقمع الممارس على الإعلاميين، وانطلقت مسيرة المحتجين باتجاه مصرف لبنان، رافعين لافتات كتبوا عليها «تسقط الأوليغارشية الحاكمة»، مرددين «لا ثقة».
أما في المسيرة المنطلقة من ساحة ساسين فحمل المحتجون الأعلام اللبنانية ولافتات كتب عليها «ولو بعين واحدة رح نحاسبكم»، للمطالبة بسقوط «حكومة الوصاية».
وانطلقت مسيرة من تقاطع فردان، تتقدمها سيدات حملن لافتة كبيرة كتب عليها «لا ثقة لحكومة التكنو - محاصصة»، متوجهة إلى وزارة الداخلية في الصنائع.
وسجل انتشار أمني مكثف تزامنا مع المسيرات في العاصمة، حيث قامت قوى الأمن الداخلي بالتدقيق في هويات المتجهين نحو وسط بيروت، إضافة إلى تعزيزات ودوريات وحواجز على أوتوستراد الكرنتينا.
وفي طرابلس نظمت مسيرة تحت عنوان «الغليان» لمناسبة مئوية الانتفاضة، وارتدى المحتجون الملابس الداكنة، «حدادا على ضمير الطبقة السياسية». وبدأت المسيرة جولتها في شوارع المدينة، وردد المحتجون هتافات تعلن «عدم إعطاء الثقة لحكومة المحاصصة»، بحسب ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام.
وفي بيان حمل عنوان «لا فرصة إلّا لحكومة منحازة للناس»، رفضت مجموعة «لحقي» منح الثقة أو أي فرصة لهذه الحكومة. وقالت « بعد مائة يوم من تضحيات المنتفضين في الشوارع، وكرمى لعيون الثوّار وأرواح الشهداء ودماء الجرحى، لن نعطي الثقة لحكومة المصارف، لن نعطي فرصة للمنظومة السّياسية- الاقتصادية الحاكمة التي مارست بحقّنا العنف الاقتصادي والاجتماعي والأمني لسنوات».
وشدّدت أنه «لا فرصة إلّا لحكومة مستقلّة من خارج المنظومة الطائفية التي سبّبت أزمات غير قادرة على معالجتها ولحكومة تَحمِل برنامجاً إنقاذياً يجنّب النّاس تكلفة الأزمة المالية ويحمّلها للمنظومة الاقتصادية الحاكمة وتقوم بإعادة هيكلة شاملة للدّين العام والقطاع المصرفي، وتوقِف الاستدانة كحل لمشكلة العجز، وتستعيد أرباح المصارف التجارية من الهندسات المالية».
وأضاف البيان «لا فرصة إلّا لحكومة تحقق في تهريب الأموال وعمليّات تسهيل الأرباح غير الشّرعية نتيجة السياسات الماليّة للحكومات والسياسات النقدية لمصرف لبنان. لا فرصة إلّا لحكومة تغيّر النهج الاقتصادي والمالي بالكامل لتنقل البلد من نمط اقتصادٍ ريعي إلى نمط اقتصادي منتج».
وأكدت المجموعة رفضها منحها الثقة إلّا لحكومة تلغي مجالس وصناديق الهدر والفساد ولا ثقة بحكومة منحازة للمصارف ستحمّلنا نحن الطبقات الشعبية ثمن الأزمة الاقتصادية والمالية.
وبعد وصول المسيرات التي حملت عنوان «لا ثقة» إلى وسط بيروت وقعت مواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية، إثر توجه المحتجين إلى المدخل المؤدي إلى ساحة النجمة، حيث بدأوا بالطرق على الجدران الحديدية التي وضعتها القوى الأمنية وأطلقوا هتافات باتجاه السراي تدعو رئيس الحكومة حسان دياب إلى التنحي، وتصف حكومته بحكومة «المحاصصة السياسية».
وعمد المتظاهرون إلى رشق عناصر القوى الأمنية المولجة حماية السراي الحكومي بالحجارة، بعد إزالتهم الشريط الشائك وبوابة حديدية مقابل السراي الحكومي، ما دفع عناصر القوى الأمنية إلى رشهم بالمياه ودفعهم إلى التراجع.
من جهتها، طلبت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي على حسابها على «تويتر» من المتظاهرين السلميين مغادرة ساحة رياض الصلح حفاظاً على سلامتهم.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».