تركيا تتهم اليونان بتقويض جهود إرساء السلام في ليبيا

TT

تركيا تتهم اليونان بتقويض جهود إرساء السلام في ليبيا

جدد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، اتهامه لأثينا بتقويض جهود إرساء السلام في ليبيا، عبر استقبالها قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، قبل انعقاد مؤتمر برلين حول ليبيا الأسبوع الماضي، كما انتقد الرئيس رجب طيب إردوغان اليونان للسبب ذاته.
واعتبر جاويش أوغلو أن اليونان وقبرص تغتصبان حقوق الدول المجاورة في المتوسط، من خلال ما وصفه بـ«مزاعم متطرفة»، قائلاً إن محاولات الثنائي إضفاء الشرعية على هذه المزاعم عبر استغلال عضويتهما في الاتحاد الأوروبي «تلحق الضرر بالسلم والاستقرار الإقليميين».
وأضاف جاويش أوغلو أن «ليبيا آخر مثال على ذلك، فمذكرتي التفاهم التي وقعناها مع الحكومة الشرعية الليبية (حكومة السراج) في مجال التعاون العسكري والأمني، وتحديد مناطق السيادة البحرية، أقلقتا اليونان كثيراً، وبدلاً عن الحوار، أقدمت اليونان على قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الحكومة الشرعية».
وتابع موضحاً: «للأسف هم يتحركون من منطلق عدو عدوي صديقي. وفي الحقيقة، فإن السبب وراء ذلك وجود جهود لفرض مزاعمهم حول مناطق السيادة البحرية على ليبيا أيضاً... فخلال الأعوام السابقة، أصدر اليونانيون رخصاً للتنقيب على النفط والغاز الطبيعي في مناطق بجنوب جزيرة كريت بشكل يغتصب حقوق ومصالح ليبيا. وأمام هذا الوضع، وقعت حكومة الوفاق في ليبيا مذكرة تفاهم معنا لحماية حقوقها في البحر المتوسط».
وفي غضون لك، اتهمت تركيا جارتها اليونان بعدم الاستجابة لدعوات حل أزمة جزر بحر إيجه المتنازع عليها بين البلدين عبر المفاوضات، وذلك في أحدث تصعيد لهذه الأزمة المزمنة.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي، في بيان أمس حول وضع جزر بحر إيجه المنزوعة السلاح، إن أنقرة ترغب في حل مسألة انتهاك وضع الجزر عبر المفاوضات، لكن اليونان لا تبدي استجابة لذلك، مبرزاً أن انتهاك اليونان لوضع هذه الجزر في بحر إيجه مستمر منذ ستينات القرن الماضي. وقال بهذا الخصوص: «تركيا لطالما احتجت بشكل دائم على تلك الأنشطة التي تمارسها اليونان أو دولة ثالثة، وتنتهك فيها وضعية نزع السلاح، وقد تقدمت أنقرة بكثير من المبادرات اللازمة لذلك. ونحن نرغب في معالجة مسألة انتهاك وضع الجزر المنزوعة السلاح، ومشاكل بحر إيجة الأخرى، وحلها جميعاً عبر المفاوضات».
والخميس الماضي، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن الحشد العسكري اليوناني في 16 جزيرة ببحر إيجة «مخالف للقوانين الدولية»، ودعا اليونان إلى التصرف بشكل يتوافق مع القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة وعلاقات حسن الجوار. كما أكّد أكار استمرار أنشطة تركيا في بحر إيجه وشرق المتوسط وليبيا، إلى جانب مكافحة الإرهاب، في إطار احترام القانون الدولي ووحدة أراضي البلدان، مشيراً إلى أن بلاده لن تسمح بانتهاك حقوقها بأي شكل من الأشكال، وهي تؤكد ذلك لجميع الدول المعنية.
وتعارض اليونان أنشطة تركيا للتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط قبالة سواحل قبرص، وأعلنت معارضتها مذكرة التفاهم الموقعة في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فائز السراج لتحديد مناطق السيادة في البحر المتوسط، وتؤكد بطلانها، وأنها تنتهك قانون البحار الدولي. وفي المقابل، أكد رئيس الحكومة اليونانية كيرياكوس ميتسوتاكيس أن الاتحاد الأوروبي لن يوافق على أي حل في ليبيا ما لم يلغَ هذا الاتفاق مع تركيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».