تأجيل قمة اسطنبول الرباعية... وميركل لدعم أنقرة بشأن السوريين

TT

تأجيل قمة اسطنبول الرباعية... وميركل لدعم أنقرة بشأن السوريين

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن القمة الرباعية الثانية حول سوريا التي كان مقررا عقدها في إسطنبول في فبراير (شباط) المقبل تأجلت إلى شهر مارس (آذار).
وعقدت القمة الرباعية الأولي التركية الفرنسية الألمانية البريطانية في لندن في يناير (كانون الثاني) الماضي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في لندن، وتقرر خلالها عقد قمة قانية في إسطنبول في فبراير (شباط) المقبل.
وبحث إردوغان الوضع في سوريا، ولا سيما قضية اللاجئين مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال زيارتها لإسطنبول أمس (الجمعة). وأشار في مؤتمر صحافي مشترك عقب المباحثات إلى أن هناك 400 ألف مدني سوري نزحوا من إدلب باتجاه الحدود التركية بسبب استمرار هجمات النظام السوري.
وأضاف أن بلاده طرحت على قادة أوروبا والولايات المتحدة وروسيا دعم تركيا في تنفيذ خطة لإقامة منطقة آمنة لاستيعاب اللاجئين في شمال سوريا لكنها لم تتلق ردا حتى الآن، مشيرا إلى أن بلاده بدأت في إقامة 10 آلاف منزل في إدلب لاستيعاب النازحين وتلافي موجة لجوء جديدة إلى تركيا. وانتقد الاتحاد الأوروبي لعدم وفائه بتعهداته بدعم تركيا لمواجهة أعباء اللاجئين.
من جانبها اعتبرت ميركل أن هناك إمكانية لتقديم دعم لتركيا في بناء 10 آلاف منزل للنازحين من إدلب، قائلة: «أعتقد أن الاتحاد الأوروبي قد يقدم دعما إضافيا إلى تركيا خارج مبلغ الـ6 مليارات يورو المتفق عليه بموجب اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين الموقعة بين تركيا والاتحاد في العام 2016».
وبحثت ميركل مع إردوغان التطورات في سوريا، وبخاصة ملف اللاجئين في ضوء التطورات في إدلب، التي تشهد موجة نزوح جديدة للمدنيين بسبب استمرار هجمات النظام وداعميه.
وتناولت المباحثات اتفاقاً جديداً يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إبرامه مع أنقرة بغية الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا على خلفية الوضع في إدلب.
واتهم إردوغان الاتحاد الأوروبيين مراراً، بعدم الوفاء بتعهداته بدعم تركيا في تحمل أعباء اللاجئين السوريين. وهدد بفتح الأبواب أمام المهاجرين إلى أوروبا ما لم تزد بروكسل دعمها المالي لأنقرة المتفق عليه عام 2016، والمقدر بـ6 مليارات يورو.
وأكدت مصادر دبلوماسية أوروبية، أن الاتحاد الأوروبي لن يدفع أموالاً إضافية لتركيا في ملف اللاجئين ليستغلها إردوغان لإنعاش اقتصاده المتعثر.
وقالت مجلة «ديرشبيغل» الألمانية، إن «الرئيس التركي يشتكي كثيراً من أن الاتحاد الأوروبي لا يمنح بلاده مساعدات مالية لمواجهة أزمة اللاجئين... هذا ليس صحيحاً، فالاتحاد الأوروبي وعد تركيا بموجب اتفاق اللاجئين، بمساعدات 6 مليارات يورو، دفع منها بالفعل 3 مليارات، في حين تذهب 3 مليارات أخرى لتركيا في صورة مشاريع إغاثية للاجئين، منها بناء مستشفيات ومدارس وهو ما يجري بالفعل».
ونقلت المجلة عن مصادر دبلوماسية أوروبية لم تكشف عن هويتها، أنه «لم يتم التخطيط داخل المؤسسات الأوروبية، لدفع أي مبالغ إضافية لتركيا، وأن التخطيط لميزانية الاتحاد الأوروبي لعام 2021، أو لميزانيات الأعوام التالية حتى 2027؛ لا يأخذ دفع مساعدات إضافية لتركيا، بعين الاعتبار».
وأضافت المصادر: «يجب ألا تقدم ميركل أي تعهدات بتقديم مساعدات أوروبية لتركيا في زيارتها الحالية»، مشيرة إلى أن أي أموال تعد بها ميركل تركيا، سيكون على ألمانيا وحدها دفعها؛ لأنه ليس هناك رغبة بين دول الاتحاد الأوروبي لدفع مساعدات لتركيا، لأن الكثيرين يخشون أن يسيء الرئيس التركي استغلال أموال اللاجئين في دعم اقتصاده المتعثر».
وفي 8 مارس (آذار) 2016، وقّع الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفاقاً يهدف للحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا بشكل غير شرعي، مقابل منح أنقرة مساعدات لتوفير الحاجات الأساسية للاجئين على أراضيها. وذكرت تقارير أوروبية، مؤخراً، أن الاتفاق على شفا الانهيار بسبب ضعف سيطرة أنقرة على حدودها.
في سياق متصل، أجرى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، مباحثات مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول الملف السوري، والتصعيد في محافظة إدلب.
وقالت مصادر دبلوماسية تركية، إن بيدرسون بحث مع جاويش أوغلو آخر المستجدات في إدلب، كما تبادلا وجهات النظر حول اللجنة الدستورية السورية، والحل السياسي في البلاد
في سياق آخر، قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إنه لو لم تنفذ تركيا عملية «غصن الزيتون» في مدينة عفرين في شمال سوريا في مطلع عام 2019 لكانت وحدات حماية الشعب الكردية حولتها إلى أكبر مركز للمخدرات في العالم.
واتهم صويلو، في كلمة خلال مؤتمر في أنطاليا (جنوب تركيا) أمس، الغرب بدعم الوحدات الكردية، التي وصفها بذراع حزب العمال الكردستاني (الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية) في سوريا، قائلاً إن حالة عدم الاستقرار التي أحدثوها في الشرق الأوسط وعدم المساواة في الدخل، والإرهاب والعنف الذي ينفّذونه عبر الحرب بالوكالة يؤجج تجارة المخدرات والهجرة.

\



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.