إثيوبيا تعلن الشروع في ملء سد {النهضة} نهاية العام الحالي

اللجان الفنية تتفق على آلية مشتركة لحل خلافات دول حوض النيل الأزرق

TT

إثيوبيا تعلن الشروع في ملء سد {النهضة} نهاية العام الحالي

توافقت اللجان الفنية والقانونية المشتركة الخاصة بسد النهضة في اجتماعها الذي عقد بالخرطوم، على تكوين آلية مشتركة لحل الخلافات وفض النزاعات بين دول الحوض الثلاث «السودان، مصر، إثيوبيا»، في وقت أعلنت فيه العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الشروع في ملء خزان السد نهاية العام الحالي. ولم تتوصل اللجان لتفاهم حول قواعد ملء وتشغيل السد، وأرجأت البت فيها للاجتماعات الوزارية المنتظر عقدها في واشنطن يومي 28 و29 من الشهر الحالي.
واختتم اجتماع اللجان الذي استمر ليومين في العاصمة السودانية الخرطوم في وقت متأخر من مساء الخميس، بمقترحات تتضمن ما تم الاتفاق عليه في العاصمة الأميركية واشنطن، وشارك فيه مراقبون من وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي. وتداول الاجتماع خلال انعقاده سبل التوافق على مسودة تتعلق بملء وتشغيل سد النهضة، وقال المتحدث باسم وزارة الري السودانية صالح حمد في تصريحات إعلامية إن الاجتماعات شهدت تقاربا في وجهات النظر، رغم وجود تباينات حول مسائل فنية وقانونية، وإن الدول الثلاث أعدت مقترحات لوزراء المياه والخارجية في كل دولة على حدة، تحضيرا للاجتماع المزمع عقده في واشنطن برعاية وزارة الخزانة الأميركية الأسبوع المقبل.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإثيوبية «أينا» عن وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي أن دول الحوض اتفقت على ملء السد على مراحل في موسم الأمطار، خلال الفترة من يوليو (تموز) إلى أغسطس (آب)، وأن يتواصل الملء في سبتمبر (أيلول) حال توفر شروط محددة، لم يسمها.
وبحسب الوزير الإثيوبي فإن بلاده ستبدأ في ملء بحيرة الخزان البالغة سعتها نحو 74 مليار متر مكعب خلال فترة تتراوح بين 4 إلى 7 سنوات. وقال وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس في إحاطة لمجلس السيادة الانتقالي عقب الاجتماع، إن المباحثات تناولت «آثار» السد على السودان، ومن بينها زيادة التوليد الكهربائي في السدود السودانية، فضلا عن الاستفادة من حصة السودان من مياه النيل، إلى جانب التأثير السالب على الأمن المائي السوداني وتقلص مساحات الري الفيضي على ضفتي نهر النيل الأزرق.
وشرعت إثيوبيا في بناء السد النهضة الذي يعد أحد أكبر سدود العالم، في عام 2011. وكان مقررا أن يكتمل التشييد خلال 8 سنوات ليبدأ التشغيل الأولي نهاية عام 2019، ويبلغ ارتفاع السد 145 مترا، وطوله 1800، بتكلفة أولية بلغت نحو 4.7 مليار دولار. وتعتمد مصر بشكل كلي على مياه نهر النيل في الشرب والري، وتتمسك بما تطلق عليه حقها التاريخي الذي نصت عليه اتفاقيتا مياه النيل لعامي 1929 و1959، اللتان تخصصان لها ما نسبته 87 في المائة من مياه النيل، والموافقة على إقامة مشاريع للري في دول المنبع، لكن إثيوبيا ترفض هذا الادعاء وتقول إنها لم تكن طرفاً في هاتين الاتفاقيتين.
ويبلغ نصيب مصر من مياه النيل وفقاً للاتفاقيتين 55.5 مليار متر مكعب سنويا، من إجمالي المياه البالغة 84 مليار متر مكعب، فيما تبلغ حصة السودان 18 مليار متر مكعب. وتختلف كل من مصر وإثيوبيا والسودان على سنوات ملء بحيرة السد وإدارته، فبينما تقترح إثيوبيا أربع سنوات للملء الكلي، تتمسك مصر بملء البحيرة في فترة تتراوح بين 7 و10 سنوات مع الاتفاق على منظومة هيدروليكية لإدارة السد بما لا يؤثر على السد العالي في مصر والسدود السودانية، وإدارة التدفق المائي خلال سنوات الجفاف.
ولم تتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق على الخلافات الناشبة عن سد النهضة طوال سنوات من التفاوض والمباحثات، رغم توقيعها لإعلان مبادئ سد النهضة الموقع من قبل الرؤساء في الخرطوم عام 2015، بيد أن الولايات المتحدة الأميركية دعت الدول الثلاث للاجتماع في واشنطن إثر تصاعد الخلافات وعقدت عدداً من الاجتماعات هناك بحضور ممثلين عن البنك الدولي.
واتفقت الدول الثلاث على مشروع اتفاق يتكون من 6 نقاط: «ملء السد على مراحل، ومراعاة الظروف الهيدروليكية لنهر النيل الأزرق، وتعبئة الخزان خلال موسم الأمطار، يوفر الملء الأول مخزون مياه لإثيوبيا يتيح التوليد المبكر للكهرباء، تنفيذ المراحل اللاحقة من ملء بحيرة السد بحسب آلية يتفق عليها، وعلى المدى الطويل تحدد آلية طريقة عمل السد التدابير اللازمة للتخفيف من آثار سنوات الجفاف على مصر والسودان عبر آلية تنسيق فعالة وآليات لتسوية النزاعات بين الدول الثلاث».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.