«وفرة المعروض» تخفض أسعار قطاع التأجير السكني في السعودية

توقعات بوصول معدل انخفاضها هذا العام إلى 20 % بضغوطات من «السكن المدعوم»

شهد القطاع العقاري العام الماضي زيادة ضخمة في السيولة المدارة نتيجة لضخ برنامج «سكني» ضمن برامجه كثيراً من القروض العقارية الممنوحة للأفراد (تصوير: خالد الخميس)
شهد القطاع العقاري العام الماضي زيادة ضخمة في السيولة المدارة نتيجة لضخ برنامج «سكني» ضمن برامجه كثيراً من القروض العقارية الممنوحة للأفراد (تصوير: خالد الخميس)
TT

«وفرة المعروض» تخفض أسعار قطاع التأجير السكني في السعودية

شهد القطاع العقاري العام الماضي زيادة ضخمة في السيولة المدارة نتيجة لضخ برنامج «سكني» ضمن برامجه كثيراً من القروض العقارية الممنوحة للأفراد (تصوير: خالد الخميس)
شهد القطاع العقاري العام الماضي زيادة ضخمة في السيولة المدارة نتيجة لضخ برنامج «سكني» ضمن برامجه كثيراً من القروض العقارية الممنوحة للأفراد (تصوير: خالد الخميس)

انحسار وتراجع في القيم نتيجة وفرة المعروض؛ ينعكس سلباً على أداء قطاع التأجير السكني في السعودية، الذي يشهد بداية خجولة وأرقاماً ضعيفة نتيجة جهود وزارة الإسكان في توفير حلول سكنية فعلية ضمن حزمة من خيارات التملك وتراجع في الطلب على الوحدات التأجيرية، وهذا يأتي استمراراً للضغوطات التي تعيشها قيم العقار المحلي منذ العام الماضي الذي كان التأجير أحد أكبر المتضررين فيه، وسط توقعات بتواصل انخفاض قيم قطاع التأجير السعودي للقطاع السكني خلال العام الحالي.
ويعدّ قطاع التأجير خلال السنوات الخمس السابقة أحد أكثر الأفرع نشاطاً مقارنة بالعمليات العقارية المحلية، حيث تصدر كافة الأفرع الأخرى مع سريان نظام «إيجار» الذي بدأت وزارة الإسكان فعلياً تطبيقه، واستغل قطاع التأجير انحسار حركة البيع والشراء إلى مستويات كبيرة لأمور مختلفة أهمها فجوة الأسعار بين العرض والطلب.
وتوقع عقاريون مهتمون أن يصل انخفاض قيم معروض الإيجار فيما يخص السكني منها بمعدلات نزول بين 15 في المائة و20 في المائة متوسطاً عاماً، وتختلف باختلاف حجم المسكن وتجهيزاته وعمره وقربه من الخدمات وتوفيره للخدمات، مما يعكس واقعاً للعقار السعودي فيما يخص التأجير الذي يشهد انخفاضاً في القيمة بعد موجة من الارتفاعات لما يزيد على عقد، وهو ما يترجم الجهود الحكومية التي تبذل للسيطرة على أسعار الأفرع العقارية المختلفة.
وقال راشد التميمي، المدير العام لـ«شركة مستقبل الإعمار العقارية القابضة»، إن هناك توقعات بانخفاض في قيمة عروض الإيجار يقابله توجه كبير في المنافسة للظفر بالطلبات الموجودة والتي تشهد تنافساً كبيراً بين السماسرة، الذين أصبحوا يركزون على عمولتهم في عمليات التأجير بضغط من حركة المؤشر العقاري والإصلاحات الاقتصادية، موضحاً أن الوسطاء يسعون لاقتناص الأرباح في ظل الاعتماد الكبير على ذلك انعكاساً لضعف حركة البيع والشراء، موضحاً أنه من المتوقع أن تقود حركة التأجير في السعودية القطاع خلال هذه الفترة، وهو ما تشير إليه الحركة الحالية للسوق التي تنتشر فيها عروض التأجير بشكل ملحوظ.
وزاد التميمي أن «الطلب على جميع الأفرع العقارية المختلفة يشهد تضاؤلاً ملحوظاً، وهذا ما يؤكده المؤشر العقاري لقيم وعدد الصفقات، إلا إن ذلك لم ينعكس بتاتاً على نشاط فرع التأجير السكني الذي يعيش نشوه كبيرة في ظل انتظار ما ستؤول إليه الأسعار الجديدة بعد حزمة الإصلاحات الاقتصادية، خصوصاً المختصة بالعقار»، لافتاً إلى أن هذه الحركة «تدفع بالمؤشر العام العقاري، وتعدّ مصدراً جيداً لتحقيق الأرباح، إلا إنها غير مجزية بشكل كبير كما الحال مع البيع والشراء، وهو ما يعتمد عليه المستثمرون العقاريون الذين يرون أن الاتجاه الحالي للسوق يشير نحو الاستثمار التأجيري أو العمل وسطاء عقاريين، وأن الانخفاض، ولو بنسب بسيطة، مؤشر إيجابي على ما ستكون عليه السوق مستقبلاً».
ويشهد قطاع التأجير ضغوطات مختلفة وتحديات جديدة؛ بدءاً من استراتيجية وزارة الإسكان خلال خطتها لإغلاق ملف الإسكان، التي تتيح أكبر نسبة تملك في تاريخ البلاد، إضافة إلى خروج أعداد كبيرة من الوافدين الذين كانوا يحتلون جزءاً من العرض الموجود في السوق نتيجة تصحيح سوق العمل الذي انعكس بشكل مباشر على زيادة العرض، كما أن وزارة الإسكان طرحت كثيراً من المبادرات الحديثة والمتنوعة التي توفر كثيراً من الخيارات؛ آخرها «برنامج التمويل الذاتي».
وفي شأن متصل، قال محمد العليان، الذي يمتلك «شركة العليان للاستثمارات العقارية»، إن «هناك انخفاضاً من ناحية أسعار التأجير عن السنوات المعتادة؛ خصوصاً في ذروة أدائه 2014، ويختلف التفاوت في السعر باختلاف حجم المسكن وتجهيزاته وعمره وقربه من الخدمات وتوفيره للخدمات، بسبب تنافس السماسرة والزيادة المطردة في عروض الإيجار، خصوصاً في الأحياء الجديدة التي تشهد نمواً كبيراً في ما يتعلق بقطاع الإيجار الذي أصبح توجهاً كبيراً في ظل تضاؤل عمليات البيع والشراء»، لافتاً إلى أن «للقرارات الحكومية دوراً كبيراً في شمول القطاع بالانخفاض كحال عمليات البيع والشراء، والحكومة تسعى للسيطرة على العقار وإعادته إلى وضعه الطبيعي منذ عام 2008 من التصاعد المفاجئ، والذي يعدّ أحد أكبر مصادر التضخم استهلاكاً» بحسب إحصاءات حكومية.
وأضاف: «في فترات سابقة كانت حركة التأجير الملاذ الأول في جني الأرباح، والمتنفس الوحيد في تحقيق الإيرادات في الوقت التي كانت فيه عمليات الشراء ثقيلة إلى حد كبير»، مستطرداً أن «الاهتمام باستئجار المنشأة يخضع لمقاييس مختلفة عند البحث والاستقرار، حيث يعد قرب المنشأة من الخدمات الحكومية، خصوصاً المدارس، سبباً كافياً لارتفاع قيمتها»، مشيراً إلى أن «هناك حركة عقارية نشطة يشهدها قطاع تأجير الشقق بالتحديد خلال الفترة الحالية... تسيطر على جميع القطاعات الأخرى منذ أعوام».
واستعادت السوق العقارية المحلية جزءاً من نشاطها خلال الأسبوع الماضي، ليرتفع إجمالي صفقاتها بنسبة 16.2 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق البالغة نسبته 26.5 في المائة. ويعزى هذا النمو الأسبوعي في نشاط السوق العقارية إلى النمو القياسي في قيمة صفقات القطاع التجاري، مسجلاً ارتفاعاً قياسياً وصلت نسبته إلى 36.3 في المائة، مقارنة بانخفاضه القياسي الأسبق بنسبة 55.1 في المائة.
وحول تأثير قرار «إيجار» على الأسعار، أكد بندر التويم، الذي يمتلك شركة عقارية مختصة، أن السوق السعودية «بحاجة ماسة إلى مثل هذه القرارات لتنظيم أدائها الذي لطالما عانى من العشوائية، حيث إن ما يميز (إيجار) أنه سيقوم بإعادة تهذيب القطاع من جديد، خصوصاً أن السوق حجمها كبير ومترامي الأطراف، وكانت تفتقر بشدة إلى هيكلة واضحة في نظامها الأساسي والتنظيم بما يتوافق مع حجم السوق الكبيرة التي يفترض أن تكون مرتبة ومتناسقة».
وعن دور المشروع في إيقاف التلاعب بالأسعار، أكد التويم أنه «سيكون حاجزاً» في طريق من وصفهم بـ«المتلاعبين بالأسعار»، مضيفاً: «من الصعب أن تقوم برفع الأسعار عند وجود آلاف المنافسين الذين يعرضون عقاراتهم بأسعار منخفضة من أجل الظفر بالعملاء»، لافتاً إلى أن «إيجار» سيحدّ من التحايل والتملص من دفع الإيجار، «وهو ما كان يؤرق عدداً من ملاك الوحدات السكنية الذين، وحتى وقت متأخر، يعانون بشكل كبير من هذه المشكلة، التي لم تكن لها مرجعية واضحة للتعاطي معها وإيجاد الحلول السريعة لها، وهو ما سيساهم في ازدهار القطاع العقاري كاملاً».
وشهد القطاع العقاري العام الماضي زيادة ضخمة في السيولة المدارة نتيجة لضخ برنامج «سكني» ضمن برامجه كثيراً من القروض العقارية الممنوحة للأفراد، وهو ما دفع به للتحليق ارتفاعاً بنحو 39 في المائة مطلع العام الماضي ووصل مع نهاية العام إلى أعلى من 81 في المائة.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».