أزمة «تعويضات النوبة» التاريخية تقترب من الحل في مصر

الحكومة تسلّم المستحقات لمتضرري السد العالي وخزان أسوان

أطفال على ضفة النيل في أسوان (إ.ب.أ)
أطفال على ضفة النيل في أسوان (إ.ب.أ)
TT

أزمة «تعويضات النوبة» التاريخية تقترب من الحل في مصر

أطفال على ضفة النيل في أسوان (إ.ب.أ)
أطفال على ضفة النيل في أسوان (إ.ب.أ)

بدأت الحكومة المصرية صرف تعويضات لأبناء النوبة، ممن لم يتم تعويضهم في الفترات السابقة، من متضرري إنشاء السد العالي وخزان أسوان (جنوب البلاد)، في إطار مساعيها لإنهاء هذه القضية التاريخية. وقال مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، في احتفال أقيم أمس بمدينة أسوان، بحضور لفيف من الوزراء، إن القيادة السياسية «حريصة على حل مشكلات أبناء النوبة من خلال وضع حلول جذرية لها دون اللجوء إلى مسكنات».
وتخص هذه القضية أبناء النوبة بمحافظة أسوان الذين تم تهجيرهم من أراضيهم منذ أكثر من مائة عام، عندما بُني خزان أسوان الذي افتُتح عام 1902 في عهد الخديو عباس حلمي الثاني.
وتسبب الخزان وتعليته مرتين (عامي 1912 و1934)، ثم بناء السد العالي الذي افتُتح عام 1970 في تهجير بعض قرى وسكان النوبة، وتآكل مساحة الأراضي الزراعية، وهو ما تبعه نزوح بعضهم إلى القاهرة ومدن أخرى.
وأوضح مدبولي أن أبناء النوبة هم جزء أصيل من نسيج الشعب المصري، وأن صرف التعويضات جاء في إطار توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ختام المؤتمر الوطني الثاني للشباب بمدينة أسوان، والذي عُقد في يناير (كانون الثاني) عام 2017، بحل مشكلة المتضررين من بناء وتعلية خزان أسوان وإنشاء السد العالي ممن لم يسبق تعويضهم.
وبموجب ذلك شكلت الحكومة لجنة برئاسة وزير العدل لحصر من لم يتم تعويضهم من المتضررين، أتاحت لمُستحقي التعويض أنماطاً كثيرة من التعويضات للاختيار من بينها، سواء من حيث نوع التعويض أو مكانه، وذلك ليتم تعويض من لم يسبق تعويضهم من أبناء النوبة وفق رغباتهم.
وشدد مدبولي على أن ما تحقق يعتبر خطوة كبيرة، ولن تكون خطوة أخيرة، وإنما ستعقبها خطوات أخرى لحل المشكلات المتجذرة في الدولة، مبينا أن الحكومة تلقت طلبات عدد من أهالي النوبة بإعادة فتح باب تلقي الرغبات لمن لَم يمكنهم التقدم بها في الفترة الماضية، وهو ما لاقى ترحيباً من قبل الحكومة.
وأعلن عن فتح مرحلة ثانية بالفعل لتلقي الرغبات من مستحقي التعويضات؛ لتكون أمامهم فُرصة أخرى لتعويضهم وفق رغباتهم، مؤكداً أن كافة الطلبات سيتم الاستجابة لها، وفقاً لما هو معلن من اللجنة الوطنية لصرف التعويضات المشكلة لهذا الغرض، وستقوم اللجنة بإعلان موعد تلقي الرغبات والعمل على تلبيتها وفقا للقواعد والإجراءات التنفيذية التي سبق أن وضعتها في هذا الشأن.
وفي نهاية الاحتفال، قام رئيس الوزراء ومحافظ أسوان بتسليم عقود تمليك الأراضي والوحدات السكنية وشهادات حق الانتفاع بأراضي طرح النهر وأوامر دفع التعويضات النقدية، لعدد من الحضور من المستحقين للتعويض، على أن يتم تسليم بقيتها تباعاً وفق جدول زمني سيعلن في محافظة أسوان.
وذكر المستشار عمر مروان، وزير العدل، ورئيس اللجنة الوطنية لصرف التعويضات لمُتضرري النوبة، أن اللجنة انتهت إلى تلبية الرغبة الأولى لجميعِ المتقدمين، سواء من طلبوا تعويضهم عيناً أو نقداً أو من طلبوا الاستفادة من خطة الدولة المستقبلية في التنمية، مشيراً إلى أن توزيع مستحقي التعويضات جاء وفق رغباتهم، بحيث تقرر تعويض 2009 من طالبي التعويض بتمليكهم الأراضي المقامة عليها مساكنهم، بينما تقرر تعويض 187 عيناً بتقريرِ حقّ انتفاع لهم بأراضي طرحِ النهرِ المقامة عليها مساكنهم، و198 مستحقاً تقرر تعويضهم عيناً بتمليكهم وحدات سكنية بواقع وحدة سكنية لكلِ مستحقٍ، في الوقت ذاته تقرر تعويض 2020 عيناً بتمليكهم أراض قابلة للزراعة: منهم 1812 مستحقاً بمنطقة «خور قندي»، بإجمالي مساحة 2909 أفدنة، و3 قراريط، و10 أسهم، و208 مستحقين تقرر تعويضُهم عيناً بتمليكهم قطع أراض قابلة للزراعة بمنطقة «وادي الأمل»، بإجمالي مساحة 445 فداناً، و23 قيراطاً، و17 سهماً.
وفي ذات الصدد، أضاف وزير العدل أن 1680 مستحقاً تقرر تعويضُهم نقداً، ممن فقدوا أرضاً أو مسكناً، وقد بلغ إجمالي قيمة التعويضات النقدية 302 مليون، و55 ألفاً و902 جنيه، و77 مستحقاً طلبوا الاستفادة من خطة الدولة المستقبلية في التنمية، وجرى إرسال أسمائهم إلى هيئة تنمية الصعيد للتواصلِ معهم في ضوءِ ما تتيحُه هذه الخطة، منوها إلى أن 2531 مستحقاً للتعويضِ استوفى المستندات اللازمة لصرف التعويضات من توكيلات وإعلامات وراثة، ومن ثم قررت اللجنة صرف التعويضات لهم، بينما من لم يستوف مستنداته بعد، فسيتم صرف التعويضات له فور استيفائها، لأن التعويضات معينة ومحددة لكلِ مستحق، كما قال.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.