المعارض الفنزويلي غوايدو يتحدى نظام مادورو ويغادر البلاد للمرة الثانية

يلتقي «نظيره الكولومبي» وبومبيو ويقوم بجولة أوروبية ويحضر منتدى دافوس

زعيم المعارضة الفنزويلي غوايدو لدى وصوله إلى بوغوتا رغم حظر مغادرته البلاد المفروض عليه حيث كان في استقباله رئيس كولومبيا إيفان دوكي (رويترز)
زعيم المعارضة الفنزويلي غوايدو لدى وصوله إلى بوغوتا رغم حظر مغادرته البلاد المفروض عليه حيث كان في استقباله رئيس كولومبيا إيفان دوكي (رويترز)
TT

المعارض الفنزويلي غوايدو يتحدى نظام مادورو ويغادر البلاد للمرة الثانية

زعيم المعارضة الفنزويلي غوايدو لدى وصوله إلى بوغوتا رغم حظر مغادرته البلاد المفروض عليه حيث كان في استقباله رئيس كولومبيا إيفان دوكي (رويترز)
زعيم المعارضة الفنزويلي غوايدو لدى وصوله إلى بوغوتا رغم حظر مغادرته البلاد المفروض عليه حيث كان في استقباله رئيس كولومبيا إيفان دوكي (رويترز)

شهدت الأزمة الفنزويلية تصعيداً جديداً، ومفاجئاً، بوصول الزعيم المعارض والرئيس المكلَّف خوان غوايدو إلى كولومبيا، أمس، رغم حظر مغادرته البلاد، المفروض عليه. ولدى وصوله إلى بوغوتا خصَّت السلطات الكولومبية غوايدو بحفاوة رسمية بالغة؛ حيث كان في استقباله رئيس الجمهورية إيفان دوكي الذي كان من بين الأوائل الذين اعترفوا بشرعيته إلى جانب أكثر من 60 دولة، والذي يُعتبر من أشد المعارضين لنظام مادورو في أميركا اللاتينية.
وتأتي هذه الخطوة للزعيم الفنزويلي المعارض بعد المناورات التي قام بها النظام في الأسابيع الأخيرة لمحاصرته والحد من نفوذه، بانتخاب أحد النواب المنشقين عن المعارضة رئيساً جديداً للجمعية الوطنية، وتتزامن مع تجدد الاهتمام الأميركي بالأزمة الفنزويلية.
وكان غوايدو قد عقد اجتماعاً مطولاً ليل الأحد في بوغوتا مع الموفد الأميركي الخاص لفنزويلا إليوت أبرامز، الذي كان قد وصل إلى العاصمة الكولومبية للمشاركة في مؤتمر إقليمي لمكافحة الإرهاب.
وفي حديث خاص مع «الشرق الأوسط»، أفادت مصادر مقربة من غوايدو بأنه بعد المشاركة في قمة بوغوتا، سيقوم بجولة على عدد من العواصم الدولية تشمل أوروبا، وأنه سيحل ضيفاً على المنتدى الاقتصادي الدولي الذي بدأ أعماله هذا الأسبوع في منتجع دافوس السويسري. كما يُفترض أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وكان النائب ستالين غونزاليز، قد أعلن لوكالة الصحافة الفرنسية، أن غوايدو سيلتقي بومبيو في بوغوتا؛ حيث يبدأ وزير الخارجية الأميركي، الاثنين، جولة في أميركا اللاتينية وفي منطقة البحر الكاريبي.
وقال بومبيو لصحافيين رافقوه على متن طائرة تقلُّه من برلين؛ حيث شارك في قمة حول ليبيا، إلى بوغوتا: «إنه زعيم فنزويلا المنتخب (...) إنني متحمِّس للقائه»، في إشارة إلى غوايدو. وتابع بومبيو: «إن مهمتنا في فنزويلا لم تتغيَّر، إننا مقتنعون بأن الفنزويليين يستحقون عاماً جديداً أفضل، مقارنة بما عايشوه في 2019». وأردف: «كان مادورو هدَّاماً. اضطر ملايين الأشخاص إلى الفرار من بلدهم إلى البلد الذي أتوجه إليه، كولومبيا». وقال إن «مهمتنا تكمن في الوصول إلى انتخابات حرة وعادلة، لكي يتمكَّن الفنزويليون من إجراء انتخابات رئاسية تُمثلهم، وأن نتمكن من إنهاض الاقتصاد الفنزويلي». وبعد كولومبيا سيواصل بومبيو رحلته إلى كوستاريكا وجامايكا وفلوريدا، حسبما ذكرت الخارجية الأميركية.
وغوايدو الذي أُعيد انتخابه في الخامس من يناير (كانون الثاني) على رأس البرلمان (الهيئة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة في فنزويلا) يحاول منذ عام إطاحة الرئيس نيكولاس مادورو بلا جدوى.
وهذه هي المرة الثانية التي يغادر فيها غوايدو فنزويلا، بعد صدور قرار قضائي بمنعه من السفر. وفي المرة الأولى كان قد عبر الحدود إلى كولومبيا، للمشاركة في محاولات إدخال المساعدات الإنسانية إلى فنزويلا، في أوج الأزمة الغذائية، والتي فشلت بسبب رفض النظام السماح بإدخالها. وكان غوايدو قد غرَّد على حسابه «تويتر»، بعيد وصوله إلى العاصمة الكولومبية، وكتب: «أنا في كولومبيا فعلاً»، وشكر الرئيس الكولومبي إيفان دوكي على «دعمي في معركتي»، مضيفاً: «سنوفر الظروف التي تسمح لبلادنا باستعادة الحرية. وأؤكد لكم أني سأعود إلى فنزويلا وفي جعبتي أنباء سارة». بدوره، كتب دوكي على «تويتر» أنه سيعقد اجتماع عمل مع غوايدو.
وأكد الرئيس الكولومبي أنه سيجري «محادثات رسمية مع نظيري الفنزويلي»، في موقف ضد مادورو الذي يعتبر دوكي من أشد خصومه. وتجدر الإشارة إلى أن لكولومبيا حدوداً برية مع فنزويلا، يبلغ طولها 2200 كيلومتر، ويعيش فيها أكثر من مليون ونصف لاجئ فنزويلي، وهي من أنشط الدول في مجموعة «ليما» التي تقودها الولايات المتحدة لفرض حصار دبلوماسي على نظام مادورو.
وأكد دوكي أن غوايدو وصل إلى بوغوتا تلبية لدعوة رسمية، من أجل المشاركة في قمة مكافحة الإرهاب التي ستُعقد في المدرسة الحربية التي تعرَّضت منذ عام لعملية إرهابية نفذتها إحدى فصائل الثوار التي رفضت توقيع اتفاق السلام مع الحكومة، وأدت إلى مقتل 22 من طلاب المدرسة.
وكانت الحكومة الكولومبية قد وجَّهت أصابع الاتهام إلى نظام مادورو الذي يأوي قيادات الفصيل الذي كان وراء تلك العملية.
ويشكِّل هذا التحول في تطورات الأزمة الفنزويلية انعطافاً مهماً في الموقف الأميركي الداعم لغوايدو، والذي كان قد تراجع في الفترة الأخيرة. ويأتي هذا التحرك الأخير لغوايدو بالتزامن مع تطلعات الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لإنهاء الجمود السياسي في بلاده، وأنه على استعداد لحوار مباشر مع الولايات المتحدة، واعداً الإدارة الأميركية بإعادة العلاقات الاقتصادية إلى سابق عهدها.
وقال مادورو في مقابلة نادرة مع وسيلة إعلام أميركية، إنه «إذا كان هناك احترام بين الحكومتين، بغض النظر عن حجم الولايات المتحدة، وإذا كان هناك حوار، وتبادل لمعلومات صادقة، فحينئذ تأكدوا أنكم تستطيعون خلق نوع جديد من العلاقة».
ويسعى مادورو إلى إجراء مباحثات مباشرة مع الولايات المتحدة، من أجل بلورة «شكل جديد من العلاقة» مع واشنطن، حسبما جاء في مقابلة أجرتها معه صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية. وتعزل العقوبات الأميركية اقتصاد فنزويلا الذي تأثر بشدة بسبب سنوات من سوء الإدارة والفساد. ويبدو مادورو متحمساً مرة أخرى، ليتمكن من تصدير نفط بلاده. ونقلت الصحيفة عن مادورو قوله إن «علاقة قائمة على الاحترام والحوار، ستحقق وضعاً الكل فيه فائز، وإن علاقة مواجهة ستتسبب في وضع الكل فيه خاسر. هذه هي الصيغة».
وتجدر الإشارة إلى أن مادورو كان قد أعلن الأسبوع الماضي عن عزم الحكومة إجراء انتخابات عامة قبل نهاية هذه السنة، من غير أن يحدد موعداً لها، ودعا الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى مراقبتها.
وفي أول تعليق للنظام على خروج غوايدو من فنزويلا، قال ناطق بلسان الحكومة، إن الزعيم المعارض سيحال إلى القضاء في حال قرر العودة. ويذكر أن غوايدو لم يتعرَّض للملاحقة القضائية لدى عودته في المرة السابقة أيضاً من كولومبيا.
وليس هناك أي مؤشر على أن الولايات المتحدة أو حلفاءها الرئيسيين، بما في ذلك الأوروبيون، على استعداد لتغيير موقفهم بأنه يتعين على مادورو التخلي عن منصب الرئاسة. ولطالما اتهم مادورو الولايات المتحدة بمحاولة الإطاحة به، بما في ذلك من خلال مخطط انقلاب داخلي.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».