ثلث الشبان الإسرائيليين يتهربون من الخدمة العسكرية «لأسباب نفسية»

وسط صيحة جنرال سابق بأن الجيش ليس جاهزاً للحرب

TT

ثلث الشبان الإسرائيليين يتهربون من الخدمة العسكرية «لأسباب نفسية»

في الوقت الذي يواصل فيه الجنرال يتسحاق بريق، التحذير من أن الجيش الإسرائيلي غير جاهز لخوض حرب قادمة، وتترافق أقواله مع نشر تحقيقات تخرج بالنتيجة نفسها، كشف تقرير داخلي تم تسريبه، أمس الأحد، أن حوالي ثلث الشبان الإسرائيليين و44 في المائة من الشابات، يتهربون أو يتسربون بطريقة أو بأخرى، من الجيش. وأن رئيس الأركان، أفيف كوخافي، أمر بوضع خطة طوارئ لمكافحة هذه الظاهرة.
وقال التقرير، الذي نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» بعناوين صارخة في الصفحة الأولى، أمس الأحد، إن ظاهرة التهرب من التجنيد للجيش الإسرائيلي اتسعت بشكل كبير، مؤخرا، وأن «أحد البنود التي يعتمدون عليها للتهرب هو الإعفاء من الخدمة بسبب معيار «الحالة النفسية». فحسب هذا البند، يعفى من التجنيد كل من يكون مقياس الصحة لديه أقل من 21 درجة. ويتظاهر هؤلاء الشبان بالهبل والعجز لكي يحصلوا على درجة منخفضة في هذا المقياس». وأضاف أن «الجيش الإسرائيلي ينظر بخطورة بالغة إلى هذه الظاهرة، ما دفع قائد شعبة القوى البشرية في الجيش، موطي ألموز، إلى تعميم رسالة على ضباط الصحة النفسية، بعنوان «خطوات من أجل وقف ارتفاع الإعفاء لأسباب نفسية». وكتب ألموز في رسالته أن «من واجبنا التأكد من أن القرار بشأن الإعفاء النفسي يُتخذ بشكل مهني ومسؤول ويحترم المرشحين للخدمة في الجيش الإسرائيلي».
وأشارت الصحيفة إلى أن الارتفاع في نسبة المتخلفين عن الخدمة العسكرية مطرد. ففي سنة 2007 بلغت النسبة 25 في المائة ارتفعت إلى 26.9 في المائة في 2015 وإلى 30 في المائة في 2018 ثم إلى 32.9 في المائة في السنة الماضية. وبالإضافة إلى ثُلث الشبان، الذين يحصلون على الإعفاء النفسي، يتسرب 15 في المائة من المجندين من الجيش خلال خدمتهم العسكرية، ما يعني أن قرابة نصف الشبان الإسرائيليين لا يخدمون في الجيش أو لا ينهون خدمتهم العسكرية قبل الموعد. ولاحظت أن نسبة الإعفاء لأسباب مرضية جسدية بقيت طيلة هذه المدة 2.5 في المائة، بينما تركزت الزيادة على الإعفاءات لأسباب نفسية غالبيتها مفتعلة.
وحسب ضابط شعبة القوى البشرية، فإن الارتفاع في الإعفاء النفسي ليس ناجما عن ارتفاع مفاجئ في المصاعب النفسية، وإنما بسبب تراجع الحافز على الخدمة العسكرية بالأساس. وأشار الضابط إلى سبب آخر يتعلق بحالات انتحار جنود، قائلا إن «الأمر الذي يستوجب تحقيقا جنائيا، يجب أن يشمل أداء ضابط الصحة النفسية الذي صادق على التجنيد، الذي يظهر تساهلا في اعتبارات منح إعفاء نفسي».
وأما السبب الأساسي الذي تستخدمه المرشحات للتجنيد من أجل الحصول على إعفاء من الخدمة هو التصريح بأنهن متدينات، وأنهن يحافظن على قدسية يوم السبت والطعام والشراب الحلال بموجب الشريعة اليهودية، حتى لو كنّ علمانيات. وصرح 35 في المائة من الشابات بأنهن متدينات، ويشكلن 80 في المائة من طلبات الإعفاء من الخدمة العسكرية.
واتضح أن هناك انخفاضا في نسبة المقبلين على الخدمة في الوحدات القتالية، من 81 في المائة في العام 2011. إلى 65 في المائة في 2017. وكشفت الصحيفة أن قيادة الجيش عقدت اجتماعا لبحث هذا الموضوع ومحاولة تقليص حجم ظاهرة التهرب من الجندية، الأسبوع الماضي.
من جهة ثانية، نشرت الصحيفة تقريرا سريا، كان أعد في مكتب مراقب الجيش الداخلي، يحذر فيه من أن الوحدة العسكرية رقم 319. في جيش الاحتياط، التي أوكلت لها مهمة دخول أرض المعركة بعد وحدة الجيش النظامي، تعاني من نواقص شديدة للغاية تمنع تأهلها لخوض المعركة. وحسب التقرير توجد نواقص في السيارات العسكرية التي تستخدم في نقل المواد والتجهيزات وفي المجنزرات وفي الطواقم الطبية. وقالت إنه رغم أن تقرير المراقب صدر في شهر أغسطس (آب) 2018، فإن معظم النواقص لن تعالج.
وقد عقب الجنرال يتسحاق بريق، المسؤول السابق عن شكاوى الجنود في الجيش الإسرائيلي، قائلا: «لا يريدون أن يعترفوا بالحقيقة، التي أرددها منذ سنوات وهي أن الجيش الإسرائيلي غير جاهز للحرب». وقال: «سلاح اليابسة عندنا، أكان في الجيش النظامي أو قوات الاحتياط يعاني من نواقص تجعله بكل بساطة غير جاهز للمعركة وهذا وضع خطير لا يجوز السكوت عنه وإبقاؤه على هذه الحال».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.