1800 ضربة على شمال غربي سوريا خلال 72 ساعة

مقتل مدنيين في غارات في ريفي حلب وإدلب

عنصر من «الدفاع المدني» يحمل أرنبين قُتلا بقصف ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
عنصر من «الدفاع المدني» يحمل أرنبين قُتلا بقصف ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

1800 ضربة على شمال غربي سوريا خلال 72 ساعة

عنصر من «الدفاع المدني» يحمل أرنبين قُتلا بقصف ريف حلب أمس (أ.ف.ب)
عنصر من «الدفاع المدني» يحمل أرنبين قُتلا بقصف ريف حلب أمس (أ.ف.ب)

قُتِل خمسة مدنيين، أربعة منهم من عائلة واحدة، بغارة روسية استهدفت قرية في شمال غربي سوريا، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس (السبت)، في إطار تصعيد عسكري مستمر على المنطقة منذ أيام.
وقال «المرصد»، أمس: «خلال 72 ساعة من التصعيد الجديد على إدلب وحلب، قتل 4 روس و125 من قوات النظام والفصائل في القصف والمعارك، ونحو 1800 ضربة جوية وبرية قتلت وأصابت أكثر من 140 مدنياً، وطائرات (الضامن) الروسي ترتكب مجزرة جديدة باستهدافها لمنطقة غرب مدينة حلب، وتقتل رجل وزوجته وأطفالهما الثلاثة».
وأفاد «المرصد» عن «شن طائرة روسية ضربة على قرية بالة الواقعة في ريف حلب الغربي المجاور لإدلب بعد منتصف الليل، أسفرت عن مقتل خمسة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال». وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «رجلاً مع زوجته وطفلتيهما كانوا في عداد القتلى».
وشاهد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» صباحاً في أحد مستشفيات ريف حلب الغربي جثث أفراد العائلة ملفوفة بأغطية شتوية وموضوعة على الأرض، بانتظار قدوم أي من أقاربهم للتعرف عليهم ودفنهم، بعدما نقل مسعفو الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة) جثثهم ليلاً.
وفي القرية، أحدثت الضربة فجوة في الأرض قرب منزل من طبقتين، تبعثرت محتوياته من أغطية ومفروشات ولعب أطفال، بينما تناثر زجاج النوافذ داخل غرفه.
وبحسب المرصد، شنت طائرات روسية بعد منتصف الليل غارات على عدد من البلدات في ريف حلب الغربي وإدلب المجاورة، تزامنت مع قصف لقوات النظام التي تخوض معارك عنيفة ضد فصائل تتقدمها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) على أكثر من محور. وتتعرض منطقة إدلب لتصعيد في القصف منذ الأربعاء، رغم إعلان روسيا الداعمة لدمشق، وتركيا الداعمة للفصائل عن وقف لإطلاق النار لم يصمد.
وارتفعت حصيلة القتلى منذ الأربعاء، وفق «المرصد»، إلى 28 مدنياً، بينهم ثمانية أطفال، جراء الغارات الكثيفة، بالإضافة إلى 58 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها مقابل 67 مقاتلاً غالبيتهم من «هيئة تحرير الشام»، خلال المعارك وتبادل القصف.
كما قُتِل تسعة مدنيين، بينهم طفل، وأصيب ثلاثون بجروح، جراء قذائف أطلقتها المجموعات على أحياء في مدينة حلب (شمال) التي تسيطر قوات النظام عليها بالكامل منذ نهاية عام 2016.
ونفت روسيا الخميس أن تكون طائراتها نفّذت أي مهمات قتالية منذ بدء وقف إطلاق النار، الذي قالت إنه دخل حيز التنفيذ منذ التاسع من الشهر الحالي، بينما أعلنت تركيا أنه بدأ الأحد.
ويشكل التصعيد في إدلب أحد أبرز محاور اللقاء المرتقب اليوم في برلين بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، على هامش مؤتمر من أجل السلام في ليبيا.
وقال إردوغان الجمعة في إسطنبول: «أنوي مناقشة هذه (المعارك) بإسهاب مع بوتين في برلين. التطورات الأخيرة في إدلب تثير القلق»، بينما اتّهم دمشق بـ«الكذب»، وفق ما نقلت «وكالة أنباء الأناضول».
وتُكرر دمشق نيتها استعادة كامل منطقة إدلب ومحيطها، رغم اتفاقات هدنة عدة تم التوصل إليها على مر السنوات الماضية في المحافظة الواقعة بمعظمها تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» وتنشط فيها فصائل معارضة أخرى أقل نفوذاً.
وأفاد «المرصد» بأنه «وثّق مجزرة جديدة نفذتها طائرات حربية روسية باستهدافها لقرية بالا التابعة لعنجارة بريف حلب الغربي، حيث قتل رجل وزوجته وأطفالهما الثلاثة بالقصف الذي جرى بعد منتصف ليل الجمعة - السبت».
وشنت طائرات روسية بعد منتصف ليل أول من أمس غارات على كل من دارة عزة وكفرناها وعنجارة ومنطقة القاسمية غرب حلب، ومعرشورين بريف معرة النعمان، كما قصفت قوات النظام بعد منتصف الليل وصباح أمس مناطق في معرشورين وتلمنس ومعرشمشة، واستمرّت المعارك بوتيرة عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، والفصائل ومجموعات من طرف آخر، على محاور في ريف إدلب الشرقي، وذلك في محاولات متجددة من قبل قوات النظام لاستعادة السيطرة على المواقع التي خسرتها لصالح الفصائل، أول من أمس (الجمعة)، حسب «المرصد».
وقال: «أكمل التصعيد الجديد في العمليات العسكرية للنظام السوري وروسيا يومه الثالث على التوالي، ضمن منطقة خفض التصعيد، حيث سجلت أكثر من 1796 ضربة جوية وبرية طالت المنطقة خلال الـ72 ساعة الفائتة تركزت بشكل رئيسي على أرياف إدلب الشرقية والجنوبية والجنوبية الشرقي، بالإضافة لريفي حلب الغربي والجنوبي، حيث نفذت طائرات حربية روسية ما لا يقل عن 140 غارة جوية، بينما شنت طائرات النظام الحربية أكثر من 105 غارات، كما ألقت مروحيات النظام 51 برميلاً متفجراً، فيما استهدفت قوات النظام المنطقة بأكثر من 1500 قذيفة صاروخية ومدفعية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.