مقتل شابين في السويداء بالتزامن مع المظاهرات الاحتجاجية جنوب سوريا

TT

مقتل شابين في السويداء بالتزامن مع المظاهرات الاحتجاجية جنوب سوريا

تواصلت الاحتجاجات في محافظة السويداء جنوب سوريا لليوم الثالث على التوالي، بسبب تفاقم الأزمات المعيشية الناجمة عن التدهور الحاد في قيمة الليرة السورية وارتفاع الأسعار، حيث خرج أمس الجمعة متظاهرون في مدينة شهبا شمال السويداء رافعين أرغفة خبز كتبوا عليها «بدنا نعيش».
وأظهرت مقاطع فيديو بثتها مواقع إخبارية محلية الشعارات التي رددها متظاهرون تجمعوا في ساحة مدينة الشهبا تندد بفساد مسؤولين في النظام وتجاهل معاناة الناس، ورددوا «ثورة ثورة سلمية بدنا الليرة السورية» في استنكار لانهيار قيمة الليرة السورية.
وأغلق سعر صرف الدولار في السوق السوداء بدمشق مساء الخميس على 1300 ليرة، ما شل حركة السوق تماما وسط صمت حكومي، ما خلا تصريحات خجولة حول وجود مضاربين في الصرف يروجون أسعارا وهمية، في حين ذكرت مواقع متخصصة بأسعار الصرف أن السعر الفعلي للدولار الأميركي يتراوح بين 1230 و1210، وسعر الصرف الرسمي 514 ليرة سورية للدولار الأميركي.
وأفادت صفحة «السويداء 24» في «فيسبوك» الجمعة بأن «مجموعة شباب وصبايا بالإضافة لرجال وأطفال، رفعوا لافتات في ساحة مدينة شهبا وهتفوا مستنكرين انهيار الليرة السورية، والفساد الحكومي، كما طالبوا بتحسين الظروف المعيشية وضبط الأسعار ومحاسبة الفاسدين».
وأظهرت صور بثتها الصفحة للمتظاهرين في مدينة شهبا بمحافظة السويداء يرفعون لافتات تضمنت رسائل إلى المستشارة الإعلامية والسياسية في القصر الرئاسي بثينة شعبان، منها: «إذا ابنك شبعان ابني جوعان يا بثينة شعبان»، و«خيرات بلادي لولادي مش للحكومة الكذابة»، و«حتى نعيد الأعمار ما بدنا الليرة تنهار»، و«آبار النفط تحتينا وعم نستوردوا من المينا» و«الجوع يجمع كل موجوع بدنا نعيش بسلام وأمان وكرامة»، و«ثورة الجياع».
وأفادت مصادر محلية بأن الاحتجاجات بدأت في السويداء قبل ثلاثة أيام و«ستتواصل ضد المسؤولين الفاسدين الذين ما زالوا مصرين على تجاهل الانفلات الأمني في المحافظة من حيث انتشار السلاح العشوائي وارتفاع نسبة جرائم الاختطاف والقتل بهدف الحصول على المال، فقد قتل الخميس في ريف السويداء شابان في حادثين منفصلين لأسباب ما تزال مجهولة، وكل يوم هناك جريمة أو سرقة أو خطف، فقد قتل في العام الماضي نحو 12 شخصا، هذا فضلا عن ارتفاع الأسعار الذي زاد معدلات الفقر والجوع والمرض». ولفتت المصادر إلى أن الشعار الذي خرج المتظاهرون تحته في السويداء «بدنا نعيش» «موجه للفاسدين في السلطة الذين غرفوا من دماء وعرق السوريين وتحولوا إلى أمراء حرب».
وتتعرض شعبان لحملة انتقادات واسعة من قبل الموالين والمعارضين بعد انتشار فيديو يسجل تصريحها بأن «الاقتصاد السوري اليوم أفضل بخمسين مرة عما كان عليه عام 2011»، وذلك بينما تؤكد تقارير أممية بأن 83 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر.
وكانت مدينة السويداء شهدت يومي الأربعاء والخميس، مظاهرات مماثلة تجمعت في ساحة السير أمام مبنى المحافظة. وهتف المتظاهرون لطرطوس وحماة وحمص ودرعا واللاذقية ودمشق أن «لا تنامي تعي شوفي الكرامة». كما انتقد المتظاهرون الإعلام الرسمي، ووصفوه بالإعلام «المنفصل عن الواقع والكاذب».
وأظهرت مقاطع الفيديو عناصر من قوى الأمن والجيش تحيط بمبنى المحافظة وتغلق المدخل الرئيسي أمام المتظاهرين دون أن تقوم برد فعل قمعي تجاه المتظاهرين، على غير ما اعتاده المتظاهرون في سوريا منذ انطلقت الاحتجاجات عام 2011. وقامت سيدة من المتظاهرين بتقديم وردة لعناصر الأمن وردد المتظاهرون «نحنا والجيش واحد». كما وعلى غير عادة الإعلام الرسمي نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) نبأ خروج متظاهرين في السويداء مع تقليل أهمية النبأ، حيث نشرت خبرا مقتضبا مفاده أن عدة أشخاصا تجمعوا في ساحة السير، «اعتراضا على الواقع المعيشي»، وهتفوا «بدنا نعيش».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.