الكشف عن تفاصيل الاجتماع الأمني السوري ـ التركي

TT

الكشف عن تفاصيل الاجتماع الأمني السوري ـ التركي

كشفت وسائل إعلام روسية جانباً من تفاصيل النقاشات التي جرت خلال أول اجتماع أمني يُعقد بشكل علني بين رؤساء أجهزة الاستخبارات السورية والتركية برعاية وحضور الطرف الروسي.
كان الاجتماع قد انعقد في موسكو وراء أبواب مغلقة، وشارك فيه مدير مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك، ورئيس جهاز الاستخبارات التركي هاكان فيدان، إضافةً إلى عدد من المسؤولين الأمنيين والعسكريين الروس.
ونقلت قناة «آر تي» الحكومية الروسية، عن مصادر، أن المحادثات التركية - السورية - الروسية، تطرقت إلى وضع ملامح أولى في مسألة تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة تستند إلى اتفاقية أضنة الموقّعة بين أنقرة ودمشق في عام 1998 وهي تنظم العلاقة بين الطرفين في المناطق الحدودية وتمنح أنقرة مجالاً للتوغل داخل الأراضي السورية لمسافة خمسة كيلومترات في حالات مواجهة الإرهاب.
وقالت المصادر إن المحادثات تطرقت أيضاً إلى عدد من القضايا الملحة، بينها، بالدرجة الأولى، الوضع في منطقة إدلب لخفض التصعيد والالتزام باتفاق سوتشي ونظام وقف إطلاق النار على الحدود مع «استهداف إيجاد حلول مبدعة فيما يخص القضاء على الإرهابيين الدوليين الموجودين في هذه الأراضي.
فضلاً عن ذلك، تطرق الاجتماع إلى قضية الوضع في منطقة شرق الفرات، حيث تقوم روسيا وتركيا بنشاط مشترك للحد من الأنشطة العسكرية في المنطقة العازلة شمال شرقي سوريا. وأشارت القناة إلى أن وجود عدد كبير من المسلحين الموالين لتركيا في تلك الأراضي يؤدي إلى وقوع حالات اشتباك وقصف على طولها، مما يسفر عن سقوط ضحايا بين العسكريين والمدنيين، لافتة إلى أن هذه النقطة كانت بين محاور البحث.
وقالت المصادر إن المحادثات هدفت إلى وضع حلول عملية للتقليص من التوتر على طول هذه المنطقة بأقصى درجة ممكنة، وذلك إضافة إلى موضوع الأسرى الموجودين في قبضة كلا الجانبين.
وأكد الجانب التركي، وفقاً للمعلومات، تمسكه بمبادئ احترام سيادة الدولة السورية واستقلالها ووحدتها.
كانت وكالات غربية قد نقلت في وقت سابق عن مسؤول تركي مطّلع أن المحادثات بحثت إمكانية تنفيذ عملية مشتركة للقوات السورية والتركية ضد المسلحين الأكراد.
وقال المسؤول إن الاجتماع تطرق بشكل مفصل إلى الوضع في إدلب، لكن النقاش شمل أيضاً بحث «إمكانية العمل المشترك ضد وحدات حماية الشعب التي تمثل فرعاً سورياً لتنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي، في منطق شرق الفرات».
في المقابل، أفادت وسائل الإعلام السورية الرسمية بأن الجانب السوري طالب خلال الاجتماع تركيا بالانسحاب من سوريا ووقف خرق سيادتها والالتزام باتفاق سوتشي حول إدلب خصوصاً عملية إخلائها من الإرهابيين. ونفت وكالة الأنباء الرسمية «سانا»، أن يكون الحديث تطرق إلى إمكانية العمل المشترك ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية، مؤكدة أن المحادثات انحصرت حول الانسحاب التركي من كامل الأراضي السورية.
فيما قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إنه أُجري «بهدف الحفاظ على المصالح التركية وإحلال الاستقرار في المنطقة».
اللافت أن موسكو لم تعلق، على المستوى الرسمي، على مجريات اللقاء أو نتائجه، علماً بأن موسكو كانت قد أعلنت أن الطرفين السوري والتركي أجريا عدة لقاءات في السابق على مستويات مختلفة أمنية وعسكرية ودبلوماسية، لكن تلك اللقاءات لم يُعلن عنها في حينها، في حين شكّل الإعلان عن اللقاء الأخير، أول إشارة إلى عمل تقوم به موسكو خلف أبواب مغلقة لتشجيع الطرفين على توسيع مساحة النقاشات والتوصل إلى عناصر مشتركة لتقريب وجهات النظر في الملفات الخلافية.
كانت وزارة الخارجية الروسية، قد قالت في وقت سابق إنها ترى في اتفاق أضنة «أساساً مهماً للنقاش بين دمشق وأنقرة بهدف التوصل إلى تفاهمات تلبّي مصالح الطرفين» ولم يستبعد وزير الخارجية سيرغي لافروف، إمكانية تعديل ذلك الاتفاق ليتناسب مع الواقع الجديد ويلبي متطلبات الأمن للطرف التركي مع المحافظة على مبدأ وحدة وسلامة الأراضي السورية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.