قناة «الحرة» الأميركية توقف عملها الميداني في بغداد وجنوب العراق

خشية تعرضها لـ«هجمات» من قبل ميليشيات مسلحة

TT

قناة «الحرة» الأميركية توقف عملها الميداني في بغداد وجنوب العراق

خوفا من استهداف مكاتبها وطواقمها، قررت قناة «الحرة - عراق» الممولة من الكونغرس الأميركي والتابعة لشبكة الشرق الأوسط للإرسال MBN إنهاء 15 عاما من عملها الميداني في بغداد وجنوب العراق الذي رافق وارتبط بغالبية الأحداث السياسية والأمنية والاجتماعية التي حدثت بعد إطاحة نظام صدام حسين عام 2003.
قرار تسريح العاملين في «مكتب بغداد» من محررين ومصورين وكوادر فنية يزيد عددها على المائة موظف خوفا من احتمال تعرضهم لـ«هجمات» مسلحة، استناداً إلى إدارة القناة في واشنطن. وكان بث قناة الحرة بنسختيها «العامة» و«العراق» انطلق في شتاء عام 2004.
وأبلغ صحافيون في مكتب «الحرة» ببغداد «الشرق الأوسط» عن وصول رسائل رسمية بالبريد الإلكتروني من إدارة «الحرة» في واشنطن بإنهاء عقود جميع العاملين في العراق عدا العاملين في إقليم كردستان.
ويؤكد رئيس شبكة «الشرق الأوسط» للإرسال «MBN»، ألبرتو فرنانديز، أن «الشبكة اتخذت حزمة إجراءات وقائية في العراق إثر ورود معلومات عن احتمال تعرض مكاتب (الحرة) في بغداد إلى هجمات. وأعلنت الشبكة، في بيان «اتخاذ إجراءات سريعة لإعادة هيكلة عملها الميداني في العراق، نظرا لتردي الأوضاع الأمنية في العاصمة بغداد، وفي إطار حرصها على سلامة طواقمها».
وتعليقا على البيان، قال مدير الشبكة ألبرتو فرنانديز إن «الشبكة تلقت معلومات جدية عن احتمال شن الميليشيات هجوما على مكتب (الحرة) في بغداد، الذي لا يتمتع بالحماية التي تتمتع بها البعثات الدبلوماسية». وأضاف أن «الشبكة لا تثق بقدرة السلطات العراقية على حماية طواقم الحرة، وجميعهم عراقيون، والدليل عجزها عن حماية الصحافي أحمد عبد الصمد الذي تعرض للاغتيال قبل أيام في البصرة، إضافة إلى مئات المتظاهرين الذين قضوا منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
ولفت فرنانديز إلى أن الشبكة «لا تستطيع الجزم إن كان الهجوم المحتمل على مكتب (الحرة) سيضاهي الهجمات التي استهدفت في أكتوبر الماضي مكاتب وسائل إعلام مستقلة ومحايدة، أم سيكون أكثر خطورة». في إشارة إلى قيام عناصر مسلحة بغلق وتكسير مجموعة من الفضائيات والمكاتب الإعلامية، وضمنها مكاتب قناة «العربية والحدث» في بغداد نتيجة قيامها بتغطية الأخبار المتعلقة بالاحتجاجات العراقية.
ولم يستبعد فرناديز أن «الميليشيات كانت تخطط، عقب مهاجمة مكتب الحرة في بغداد، للإيحاء بأن الجهة التي تقف وراء الاعتداء هي جماعات متشددة أخرى، على غرار تنظيم (داعش) الإرهابي». وأشار إلى أن «المخاوف الأمنية تأتي وسط حملة مستمرة تقودها الميليشيات وجيوشها الإلكترونية لتهديد طواقم (الحرة) بشكل شخصي، وإجبارهم على الاستقالة العلنية لتجنب القتل والاغتيال». وذكر أن «الحرة كانت قد تعرضت لحملات تهديد سابقة قبل أن تزيد وتيرتها إثر بث تحقيق استقصائي، في ديسمبر (كانون الأول) 2018، عن عمليات تهريب تقودها الميليشيات في البصرة، إلا أن التهديدات وصلت لذروتها في الوقت الراهن».
ورغم تشديد إدارة «الحرة» على أن خطوتها الأخيرة «لن تؤثر مطلقا على طبيعة ومستوى تغطيتها للأحداث في العراق» لأن الإجراءات طالت عمل (الحرة) في بغداد حصرا وليس العراق بأسره. إلا أن الأوساط الصحافية العراقية ترى أن «قيام إدارة القناة بإنهاء جميع عقود العاملين في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب يعني ضمنا إسدال الستار على سنوات من العمل الميداني في العراق».
ويأخذ بعض العاملين المسرحين في بغداد على إدارة واشنطن أنها «قامت بحماية موظفيها عن طريق إنهاء عقودهم وقطع أرزاقهم، ولم تذكر ذلك في بيانها، وهو أمر غير مسبوق في مجال العمل الإعلامي».
ويؤكد مصدر صحافي في مكتب بغداد لـ«الشرق الأوسط» أن «موظفي (الحرة) يتعرضون منذ أشهر لحملة ترويع وتهديد شرسة من قبل ميليشيات موالية لإيران بهدف إرغام المؤسسة على تعليق أعمالها في العراق». ويضيف أن «الإدارة الجديدة في واشنطن انتهجت سياسات تحريرية مستفزة ومختلفة عن سياسة الإدارات السابقة، أثارت من خلالها حساسيات عراقية محلية وخلقت مشاكل للحرة والعاملين فيها وسهلت على الميليشيات القيام بعملها ضدنا، إلى جانب أن هناك قناعة لدى العاملين في بغداد فحواها أن الإدارة في واشنطن تريد التخلص من (الحرة - عراق) والاكتفاء بقناة (الحرة العامة) فقط».
ويرى المصدر أن «الصراع الأميركي - الإيراني المتفاقم منذ أشهر انعكس بشكل خطير على عمل القناة وكانت نتيجته المزيد من الضحايا العراقيين من الصحافيين العاملين في القناة الذين فقدوا مصدر رزقهم».
وكانت هيئة الإعلام والاتصالات، علقت في سبتمبر (أيلول) الماضي عمل مكاتب قناة «الحرة عراق» في العراق لثلاثة أشهر، على خلفية بثها تحقيقا متلفزا عدته جهات في بغداد «مسيئا للمؤسسات الدينية» في البلاد، وطالبتها بتقديم اعتذار رسمي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.