السلطات بالقاهرة تحقق في وفاة سجين مصري ـ أميركي وسط انتقادات من واشنطن

كان محتجزاً في العاصمة... وعوقب بالسجن 15 سنة

TT

السلطات بالقاهرة تحقق في وفاة سجين مصري ـ أميركي وسط انتقادات من واشنطن

فتحت السلطات القضائية في القاهرة، أمس، تحقيقاً في وفاة سجين مصري - أميركي، كان يخضع لعقوبة بالسجن 15 عاماً، ومحتجزاً منذ 6 أعوام. ووجهت خارجية الولايات المتحدة انتقادات تتعلق بالواقعة، وقالت إن ظروف وفاته في محبسه «مأساوية، وليس لها ما يبررها، وكان من الممكن تفاديها».
وأعلن المستشار حمادة الصاوي، النائب العام المصري، مساء أول من أمس «إجراء عملية الفحص لجثمان المحكوم عليه مصطفى قاسم، للوقوف على أسباب وفاته». و«قاسم» مصري في منتصف الخمسينات من العمر، يحمل الجنسية الأميركية، وقد جرى توقيفه في القاهرة عام 2013 بالمواكبة للاحتجاجات، التي شهدتها البلاد ضد حكم الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، والتي انتهت بالإطاحة به من قبل الجيش عقب مظاهرات حاشدة ضد تنظيم «الإخوان المسلمين»، الذي تصنفه السلطات راهناً تنظيماً «إرهابياً».
كما نال قاسم في سنة 2018 عقوبة بالسجن 15 سنة، بعد محاكمته في القضية، المعروفة باسم «فض اعتصام رابعة»، والتي أدان القضاء فيها عدداً كبيراً من المتهمين بارتكاب جرائم عدة، منها «ارتكاب عمليات عنف، وحمل السلاح، ومقاومة السلطات».
وأفاد النائب العام المصري أن التحقيقات ستتضمن فحص «ملفه الطبي (قاسم)، وسؤال الأطباء المشرفين على حالته لدى وصوله المستشفى (حيث توفي)، وسؤال الأطباء المعالجين له بمستشفى السجن».
وأعلن «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر، خلال اجتماعه الدوري الشهري، أمس، أنه ناقش بشكل خاص «عدداً من الشكاوى المتعلقة بأوضاع السجون، وفي ضوء ذلك حدد قائمة بالسجون التي سيقوم بزيارتها، وخاصة سجن (طرة) شديد الحراسة، والذي ورد منه كثير من الشكاوى».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن منظّمتي «بريترايل رايتس إنترناشونال»، و«ذي فريدوم إينيشياتيف» غير الحكوميتين، اللّتين تمثّلان عائلة قاسم، في بيان، أنّ «السبب المباشر للوفاة ذبحة قلبية على ما يبدو».
بدوره، اعتبر ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، في بيان صحافي، أول من أمس، أن وفاة قاسم في محبسه «مأساوية، وليس لها ما يبررها، وكان من الممكن تفاديها»، وقال بهذا الخصوص: «سأواصل في كل مناسبة طرح مخاوفنا الجدية بشأن حقوق الإنسان في مصر، والأميركيين المعتقلين لديها».
وتمثل قضية احتجاز مصريين من أصل أميركي على ذمة اتهامات في قضايا، أو إدانات بأحكام قضائية، بنداً مهماً على جدول لقاءات مسؤولي البلدين. وفي أبريل (نيسان) 2017 استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض آية حجازي، المصرية - الأميركية، بعد أن أفرجت عنها السلطات في القاهرة، والتي كانت محتجزة لنحو 3 سنوات، وبرأتها محكمة مصرية.
كما أفرجت السلطات المصرية في عام 2015 عن محمد سلطان، نجل القيادي «الإخواني» صلاح سلطان، الذي يحمل الجنسية الأميركية، والذي غادر البلاد بعد تنازله عن الجنسية المصرية، وكان ذلك بعد سنتين من احتجازه على ذمة قضية، نسبت له فيها التحقيقات ارتكاب جرائم «إرهابية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».